من منا لم يزعجه البعوض وهو نائم سواء في بيته او في إسفاره . هذه الحشرة الصغيرة الطائرة ذات الجناحين من أسماءه الشائعة عندنا ( البعوض والناموس والقارص والبرغش والهسهس ) والتي عندما تطير يسمع لطيرانها طنينا مزعجا يصحي أي نائم ، ولا يقتصر ألأمر على الطنين وإنما تلسع فتغرز خرطومها في جلد ألإنسان باحثة عن دمه ، قال لي صديق إني أكره البعوض لأني لا أظن أن إنسانا يحب شيئا يريد ان يمتص من دمه . والبعوض أنواع كثيرة تزيد عن الثلاثة آلاف تتوزع على خمس وثلاثين جنسا . ولكن المميز عندنا نوعان ألأول كبير الحجم وصلب الجسم ويزيد طوله عن الخمسة مليمترات وكذلك ارتفاعه عن ألأرض عندما يقف وعادة يكون جسمه مائلا للأعلى وهو يقف على السطح مستوي ، والنوع ألآخر صغير الحجم لا يتجاوز المليمترين طولا وهو لا يصدر عنه طنين عندما يطير ويهاجم بلا صوت ألا إذا كان قريبا من ألأذن فيسمع له صوت كصوت طيران الذباب حتى أنه عندما يلسع لا تشعر به إلا بعد ان يكتفي ويسحب خرطومه ويطير وبعدها تشعر ان حرقا كالنار أصاب مكان اللسعة فتضرب مكانها وتحك ولكن لا شيء فقد اكتفت البعوضة وغادرت .
أما النوع الكبير فإنه يغافل ألإنسان فيخدر مكان اللسعة بسائل يفرزه مع لعابه ثم يمد خرطومه الصلب ويدخله في جسم ضحيته ويروح يغرزه ثم يسحبه ويمتص الدم حتى يكتفي فيتحول وكأنه قربة صغيرة من الدم يطير متثاقلا ويحط في مكان معتم لمدة من الزمن يطير بعدها باحثا عن وسط رطب ليضع فيه البيض فإذا انتهى من سحب الدم فإنه يسحب معه المادة المهيجة التي افرزها لتمييع الدم فلا يشعر ألإنسان لا بلسعة ولا حكة بعدها، وأما إذا طرد بعد اللسعة مباشرة فإن هذه المادة تهيج الجلد فيحمر حول اللسعة ثم يتحول إلى بثرة بيضاء اللون ما إن يتم حكها حتى تتهيج ويزيد الشعور بالحاجة لمزيد من الحك ولا يزول تأثيرها بأقل من ثلاث أيام ، وبعض الناس لديهم حساسية للسع البعوض فيلتهب مكان اللسعة ويتورم ويفرز سائلا ابيضا ويكون بحاجة لعلاج .
والبعوض حشرة متطفلة تلسع ألإنسان ومعظم الحيوانات لتمتص الدم فتنقل كثيرا من ألأمراض من حامل لآخر وأهم هذه ألأمراض الملاريا والحمى الصفراء وداء الفيل ومنها ما ينقل مرض حمى الضنك وحمى الوادي المتصدع لكن هذه ألأمراض غير موجودة عندنا . والبعوض لا يتغذى على الدم والذي يلسع هو ألأنثى فقط لأنها بحاجة لجرعة من الدم لتلقيح بيوضها ونضجها . أما الذكر فيتغذى على رحيق ألأزهار وهو غير لاسع. وعرف عن البعوض انه يفضل دم بعض الناس عن ألآخرين ووجد أن السبب يرتبط بوجود الكولسترول وبعض المركبات الكيميائية على سطح جلد بعض الناس فيفضلهم عن غيرهم ووجد ان واحدا من كل عشرة أشخاص عندهم جاذبية للبعوض . وللبعوضة الكاملة مئة عين في رأسها وثمانية وأربعين سنا في فمها وثلاث قلوب في جوفها وستة سكاكين في خرطومها لكل منها وظيفته الخاصة وهي كذلك مزودة بجهاز حراري يعمل بنظام ألأشعة تحت الحمراء يحول لون الجلد في أماكن تجمع الدم إلى اللون البنفسجي فتراه وتركز لسعها عليه وهي كذلك مزودة بجهاز تخدير موضعي يساعدها على غرز إبرتها دون ان تحس الضحية وهي كذلك مزودة بجهاز لتحليل الدم لأنها لا تستسيغ كل أنواع الدم ومزودة كذلك بجهاز لتمييع الدم في مكان اللسعة حتى يسهل دخول الدم إلى خرطومها الدقيق وكذلك مزودة بجهاز شم حساس يستطيع أن يشم رائحة عرق ألإنسان وكذلك رائحة غاز ثاني أكسيد الكربون الذي يطلقه في زفيره وكذلك يحدد من طريق انتظام تنفسه هل هذا الشخص نائم ويمكن مهاجمته أم لا.
يقاوم البعوض عادة عن طريق ردم المستنقعات والمياه الراكدة للحد من تكاثره ورشها بمبيد حشري ولكن سرعة وطريقة تكاثره فالبعوضة الواحدة تضع أكثر من ثلاثة آلاف بيضة خلال حياتها ، وكذلك سهولة تنقله من مكان إلى آخر عن طريق تيارات الهواء يجعل من الصعب السيطرة على أعداده.
التعليقات (0)