بعض الناس نجلس معه فنحس لو انه يبقى طول العمر يتحدث معه ويحدثك ، وبعضهم تتمني لو انك لم تلقاه . تجلس معه فيشعرك انه لولاه لما طلعت شمس ولا غاب قمر ولا جرى ماء ولا نبت شجر . والمشكلة انك تكون تعرفه وتعرف أباه وأجداده وما هو حالهم الذي عاشوه ، وكيف وصل هو إلى هذه الحال وما لديه من مال . وكأنه يحسب أن المال يجلب الجاه ، ويظن انه بادعائه يغافل الناس ويستغفلهم ، ومع أول تجربة ينكشف زيفه ويظهر المعدن الصدئ الذي جبل منه ، وان كلامه لا يعدو كونه هذيانا يقصد به صنع موقع له بين جماعته وأن كلامه كله إدعاء .
تحضرني حكاية صاحبان خرجا للغابة فقال احدهما للأخر : إني أخشى أن يخرج علينا دبا لأنه من المعروف أن هذه ألأرض يوجد بها دببة متوحشة ، فقال ألأخر : أتخاف وأنا معك فلا تفسد علينا نزهتنا . وما سارا إلا قليلا حتى خرج عليهم دب ضخم ، فهرب المدعي تاركا صديقه وصعد شجرة عالية . فارتمى الصديق على ألأرض حابسا نفسه وحركته ، فجاء الدب وتشممه ولما لم يجد فيه نفسا وأثر حياة تركه لأن الدببة لا تأكل الميتة وراح الدب في سبيله، فنزل من على الشجرة وقال لصاحبه : ماذا قال لك الدب عندما وضع فمه قرب أذنك ، فرد عليه ( لقد اخبرني الدب أن مادح نفسه كذاب لا يصدق ولا يعتمد عليه ) .
وحكاية أخرى أن جماعة كانوا في سفر واضطروا للمرور من غابة تعيش بها ألأسود والسباع مع العلم انه كان بإمكانهم تفاديها والدوران حولها ، ولكن احدهم قال ما دمت أمامكم فلا تخافوا ، أنا لا أخاف السباع بل هي تهرب مني عندما أصيح عليها وأنا سوف أحميكم منها ، وراح يتقدمهم فتبعوه ، وما هي إلا مسافة قليلة حتى خرج عليهم أسد ضخم وهاجم المدعي وطرحه على ألأرض وبرك على صدره . فهاجم الرجال من الجماعة ألأسد بالعصي والحجارة والصياح وأجبروا ألأسد على تركه . ولما ذهبوا إليه ليرفعوه عن ألأرض قال لهم : ( والله إنكم شجعان وقد أخفتم ألأسد لدرجة أنه بال وتغوط وعملها ثقيلة في سروالي ) .
التعليقات (0)