هذا اليوم الكريم الواحد والعشرين من شهر ( آذار ) اقترح عالميا أن يكون يوم ألأم مع العلم أن ألأم عندنا كل أيامها أعياد فقد كرمها الله الوالدين وربط اسمه الكريم بالوالدين وفرض أن طاعته من طاعتهما وكذلك رسولنا الكريم كرم الوالدين وألأم بالذات وعلمنا انه مهما قدمنا لأمنا من طاعة واحترام وقيام بواجبها فلن نوفيها حقها بألم طلقة من آلام الوضع . تحية إكبار لكل ألأمهات في هذا اليوم . وأقدم تاليا قصة هذه ألأم العظيمة التي آثرت ابنها عن نفسها .
ويؤثرون على أنفسهم . هذه قصة بها الكثير من الواقعية حيث كانت ( إيثار ) هكذا كان اسمها ، تعيش مع أمها في بيتهم الواسع بعد أن فارقهم ألأب . قامت ألأم على تربية إيثار وعلمتها كل ما هو فاضل وبالرغم من تقدم الكثيرين للزواج منها ولكنها رفضت وفضلت نذر نفسها لتربية وحيدتها . وكبرت إيثار وأنهت دراستها الجامعية بتفوق وراحت تعمل في مجال تخصصها بالتربية وتميزت في عملها وتقدم لها الكثير من الزملاء والمعارف من الشباب ولكنها كانت ترفضهم بلباقة لأنه يعز عليها في نفسها فراق أمها . ولكن ومع تقدم العمر راحت ألأم ترجو ابنتها أن توافق على الزواج من شاب من أقارب الأم قالت ألأم أن في خلقه فضيلة حببته إلى نفسها وان إيثار كبرت ولربما فاتها قطار العمر فتبقى وحيدة بعد رحيلها وهذا ما لا تريده ألأم .
ويوما جاء الشاب لزيارتهم بصحبة أبويه وربما باتفاق بين الوالدتين وجلسوا جميعا كعائلة وتشعبت ألأحاديث ودارت نقاشات بين الشاب وإيثار في أمور الحياة ، أحست بعدها أيثار أن هذا الشاب ربما قد يكون ترك مكانا في نفسها وروحها بواقعيته وبساطته ورقة حديثه وأدب نقاشه ، وألمحت ذلك لأمها . وما هي إلا أياما قليلة حتى عاد ألأقارب خاطبين ووافقت إيثار ولكنها اشترطت أن ينتقل الشاب ليعيش معها وأمها في بيتهم حتى تبقى هي على خدمة أمها وفاء لها واعترافا بجميلها ، ولكي لا تشعر ألأم بألم الفراق ، ووافق الشاب وتمت مراسم العرس والزواج ، وأفردت ألأم جناحا خاصا للعروسين وعاش الجميع اسعد أيام الحياة . وحملت إيثار ابنتها البكر ووضعتها بعد طول معاناة خلال فترة الحمل والولادة ، وطلب منها زوجها أن لا تفكر بالحمل مرة أخرى ويكفي ما رزقهم الله ، وان حياته معها ومع ابنتهم وحبه لهما يفوق كل أمر ، فهو لا يريد أن يراها تتعذب مرة أخرى ، ولكن بعد خمس سنوات حملت إيثار ولم تجد من يساعدها ، لأن أمها كانت قد ماتت ، وشعرت بكثير من الوهن والتعب خلال أول أيام الحمل وببعض التغير في لون وجهها وبشرتها فراجعت طبيبها ، الذي أكد أولا حملها ولاحظ الطبيب ما هي عليه من التغير فطلب منها بعض التحاليل المخبرية وصور ألأشعة ، وكانت المفاجأة المؤلمة أنها تعاني من مرض سرطان الدم الخبيث ( اللوكيميا ) وأنها بحاجة لعلاج كيماوي سريع لأن المرض قد تقدم بجسمها ، وسألت الطبيب وهل يؤثر ذلك على حملها وجنبنها ؟ فرد الطبيب مخففا من وقع ألأمر ربما قد يكون وربما قد لا يكون ولكن من ألأرجح انه يؤثر . فرفضت اخذ العلاج الكيماوي حتى تضع حملها ، وطلبت من الطبيب أن يعطيها أدوية مسكنة تخفف آلامها النفسية والجسدية . وأتمت شهور حملها ووضعت طفلا جميلا يشبه أباه وكم شعرت بالسعادة وقالت إنها لم تشعر بأي تعب وعادت ومولودها إلى البيت .
وما هي إلا أيام حتى شعرت بوهن شديد دخلت على إثره المتشفى وباشرت العلاج الكيماوي واستمرت على ذلك فترة عشرة أشهر تتنقل بين الدار والمستشفى ولكن العلاج لم ينقذها وساءت حالتها جدا وكانت بالمستشفى فطلبت إعادتها لبيتها ، وذات صباح طلبت من زوجها أن يحضر لها ابنها وابنتها ، وطلبت منه أن يضع الرضيع على صدرها ثم أمسكت يد ابنتها براحة يدها وطلبت من زوجها أن يعطيها يده فوضع يده بيدها وراح يمسح بيده ألأخرى على جبينها ففاضت دمعتان من عيناها، وكانت تلهث مع حشرجة بتنفسها ويبدو عليها شدة التعب ثم فتحت عيناها ودارت بها عليهم ثم انفرج فمها عن شبح ابتسامة راحة ، وأسلمت الروح وهي على هذا الوضع .
التعليقات (0)