ــ صـبـحــه الــمَــرطََــَـه ــ
وعلى عكس الحاجة مريم كان في القرية عجوز نخاف من محضرها ومن أسمها إذا ذكر أمامنا فقد كان اسمها ( صبحه المر طه ) وكان معروفا عن هذه العجوز ألإصابة بالعين فإذا رأت شيئا وأعجبها عانته وقد عرف ذلك الكبير والصغير عنها ، وكنا صغارا يطلب منا من أهلنا أن لا نمر من أمام دارها أو ذكر اسمها وإذا تصادف وإن مررنا فكنا نشاهد عجوزا ضئيلة الجسم بشعر أحمر محنى يبزز من تحت شالها من ألأمام وعيون بلون ازرق فاتح وفم صغير ووجه متغضن قد أتت عليه السنون وقد تكومت على عتبة دارها تراقب الناس وعندما ترانا ترفع رأسها وتفتح عيناها على سعتهما وكأنهما كرتان وعند النظر إلي عيناها كنا نحس أن مقلتاها تدوران وتختلط أوانهما فيحس الناظر بدوار وزغلله في نظره فلا يسعه إلا أن يضع يده على وجهه ويغطي عيناه وكان ذلك على ما يبدو يغيظها فنسمع منها سباب وشتائم .
قيل عنها انه مر عنها قطر جمال تحمل القش من الحقل إلى البيدر وكان بينها جمل أحمر نشيط يسير بقوة وكأنه لا يحمل شيئا ، فقالت لمن حولها هل ترغبون أن تتعشوا من لحم هذا الجمل هذه الليلة فعجبوا منها وضحكوا غير مصدقين فنظرت إلى الجمل وتمتمت كلمات غير مفهومة وبعد عودة الجمال إلى الحقل لنقلة أخرى وبعد تحميلها وعند مرورها من طريق ضيقة على حد أرض منخفضة تدافعت الجمال وسقط هذا الجمل إلى الوادي بحمله فكسرت قائمته فقام صاحبه بنحره لأن الجمل لا يجبر كسره وتوزيع لحمه على الناس وتحقق للعجوز ما أرادت . وتروى عن هذه العجوز الكثير من أحداث ألإصابة بالعين وخاصة أنها امتد بها العمر وإني أذكرها في هرمها فقد كان فيها جميع المواصفات التي تأيد ذلك فقد انحنى ظهرها حتى كاد صدرها يلامس ألأرض مع صعر جسمها وكانت من تكرار رفع رأسها والنظر بتمعن وحسد أي شيء تراه أن تصلبت رقبتها وظل رأسها مرفوعا فكان شكلها كالرقم ( 4 ) فكان شكلها هذا يخيف الكبار والصغار . قيل عنها أنها كانت تسير بطريق ضيق زحمها فيه قطر من ألإبل تحمل القش من الحقول إلى البيدر فدعت على ألإبل ولما وصلت إلى البيدر وأناخوها لتنزيل حملها اندلعت نارا شديدة في القش فاحترقت البيدر واحترقت ألإبل . وكذلك قصة المهرة ألأصيلة التي أشتراها أحد أنباء القرية وكانت هي أول من رآها وسألته عنها ولما وصل إلي البيت ربطها ووضع لها عليقا من الشعير ونسي أن يربط باب الكيس وكان قريبا منها فأكلت الفرس عليقها ثم أكملت من الكيس حتى أتت على معظمه ثم شربت ماء فنفش الشعير في بطنها وتضاعف حجمه فوجدها صاحبها في الصباح وقد شقت من زورها وحتى درتها ونفقت وقد شاهد ذلك جميع جيرانها وتحدث أهل القرية بذلك مدة طويلة .
قيل انه كان عندها بقرة فمرضت واختلط حليبها بالدم وصارت كأنها تحلب دما ، وكان للعجوز جار يقال عنه أنه يتعامل بالسحر والحجب ، فطلبت منه أن يكتب للبقرة حجابا من أجل الحسد تعلقه برقبتها ظنا منها أن بقرتها محسودة وساومته على ثلاث براغيث بعد طول جدال ،وكتب لها الحرز وعلقته في رقبة البقرة ولكن البقرة لم تشف بل زاد مرضها ونفقت ،فأخذت الحرز وفكته فإذا به ورقة أخذتها إلى شيخ الجامع فإذا بها شتائم وأدعية بعدم شفاء البقرة ، ثارت ثائرتها وعدت لجارها وسألته عن الحرز والذي كتبه فيه ، فقال لها : وماذا تريدين مني أن أكتب بثلاث براغيث لو دفعت مجيديه لكتبت لك غير ذلك فبقيت حتى موتها تدعو عليه وهو يضحك منها.
قال هذا الجار أنه لم ير في حياته شخصا يسرق من الفأر إلا هذه العجوز ، فقد كان لأحد جيرانها شجرة جوز أعتاد فأر أن يتسلق جدارا بين بيتها وبيت الجار ويأخذ حبة جوز من فرع قريب من جدار بيتها ويحملها بفمه أو يدحرجها ويدخلها جحره ربما لخزنها لوقت الضيق ، صبرت العجوز على الفأر حتى تأكدت أنه جمع عددا من حب الجوز وكذلك لم يبق على شجرة الجار ثمرا ثم أخذت فأسا وحفرت الجحر وأخذت حبات الجوز وكذلك خرقة بالية بها رائحة زيت وأدام سرقها الفأر وكان ملفوفا بها بعض البارات والمتاليك وعملات قديمة أخرى .
وحدث جار آخر عنها أنها وجدت خلية نحل بري ففتحتها وأخذت ما بها من عسل ووضعته في عسلية من الفخار وحملت العسلية على رأسها في صباح يوم باكر وقصدت المدينة من أجل بيع العسل ماشية على رجليها ، قال : وكنت أرافقها . تاقت نفسي وأنا الذي بدون فطور إلى لعقه من العسل أقاوم بها عواء معدتي ، فطلبت منها ذلك ولكنها رفضت بشدة ونهرتني وسارت محاولة سبقي متهمة اني أحسدها ، وفي درب منحدر زلقت رجلها فوقعت العسلية عن رأسها وتدحرجت واصطدمت بحجر على جانب الطريق وتكسرت وفاض منها العسل فراحت تولول وتصيح ما هذا اليوم ألأسود المر ، وأخذت أنا العق العسل عن القطع الفخارية وأقول هذا احلي يوم مر علي في حياتي فلما رأتني ألحس العسل حثت التراب على قطع الفخار وعلى العسل وعادت هي إلى القرية وهي تشتمني وتتهمني أني حسدتها وأصبتها بالعين وأنا أضحك منها شماتة وقد ارتويت أنا من العسل .
ــ ألأكلات الشعبية في الريف الفلسطيني ــ
تشكل ألأكلات الشعبية المعروفة ببلدنا بشكل خاص وبالريف الفلسطيني بشكل عام قائمة طويلة وغنية بأسماء ألأكلات منها للولائم الكبيرة ومنها ما يعد خاصة لأهل البيت وأهم ألأكلات التي تعد لأهل البيت والضيوف وخاصة بعد انتهاء موسم قطف الزيتون وخزن الزيت المبارك هي أكلة المسخن ، وهذه ألأكلة سريعة التحضير ومرغوبة في ريفنا الفلسطيني وهي لا تحتاج شيئا خاصا فكل لوازمها موجود في مخزن البيت ــ بيت المونه ــ في تتكون أساسا من لحم الدجاج والزيت والبصل وكل ذلك متوفر في أي بيت في الريف . فيتم عادة اختيار الديوك البلدية التي لم تبلغ العام من العمر بعد ( الفراخ ) ثم تنظف وتسلق ، ومن ثم يفرم كمية كثيرة من البصل وتوضع في حلة وتغمر بزيت الزيتون وتطبخ حتى تنضج وبعدهم يضيف إلى البصل أكباد الدجاج ثم يؤخذ الخبز رغيفا رغيفا وتغمر بالزيت المطبوخ مع البصل ثم تفرد ألأرغفة فوق بعضها على طبق من نحاس ( سدر ) ويوضع فوق كل رغيف كمية من البصل المطبوخ بالزيت ويرش عليها السماق وهو أساسي في هذه ألأكلة لأنه يكسبها حموضة تخفف من حدتها ، ثم يضاف اللوز والصنوبر المقلي فوق طبقة البصل ويضاف لحم الدجاج المقطع كل طير أربع قطع فوق الكل ، ثم يدخل الطبق إلى الفرن لتحيرها ، وبعد ذلك تصبح جاهزة للتقديم ، وتطبخ شوربة خاصة بذلك من مرق الدجاج والفريكة وتأكل مع المسخن ، وكذلك يأكل اللبن الرائب معها .
ومن ألأكلات الشائعة في الولائم والأعراس ( المنسف ) وهي أساسها من لحم الضأن واللبن والأرز وخبز الشراك ، حيث يؤخذ اللبن الرائب ويصفى ثم يخفق ويضاف أليه مرق اللحم المسلوق ثم يطبخ الجميع اللبن واللحم معا ، ويسلق الرز لوحده ، ثم تؤخذ أطباق يفرد عليها خبز الشراك كاملا كما هو ويوضع ألأرز فوقه ويشرب باللبن أيضا ، وفوق ألأرز يضاف البقدونس المفروم واللوز والصنوبر المقلي واللحم المفروم ويشرب الجميع بالسمن البلدي ويوضع لحم الضأن المطبوخ على رأس المسف وتستعمل ألأيادي اليمين بالأكل ويقوم صاحب الدعوة بالتخديم على الضيوف بزيادة اللبن أمام كل واحد منهم حسب الحاجة وقديما كان يوضع المنسف جميعه في إناء من الخشب يسمى ( الباطية ) لها أربعة مماسك يحملها رجلان أو أربعة وتوضع أمام الضيوف ويوضع رأس الذبيحة في أعلى المنسف حيث يقوم كبير الضيوف ( ألشيخ ) بتناول قطعة من لحم الرأس ببدء ألأكل ، ويستعاض عن اللبن الرائب والذي ربما لا يكون متوفرا على مدار العام بالجميد ( الكشك ) حيث يجفف اللبن الرائب ويعمل على شكل كرات وعند استعماله ينقع الكشك بماء فاتر ثم يفرك بالأيدي ( يمرس ) فيتحول إلى سائل لبني يستعمل في إعداد المناسف بدل اللبن الرائب الطازج .
وخبز الشراك هو خبز مصنوع من طحين القمح والخميرة ويخبز على الصاج وهو صفيحة من الحديد معمول على شكل قبة صغيرة مسطحة وتوضع مقلوبة على ثلاثة حجار تشكل الموقد ويشعل الحطب تحتها حتى يسخن الحديد ومن ثم يفرد العجين بعد رقه بشكل رقيق جدا على وجه الصاج العلوي فينضج الخبز بسرعة ولكن يجب أن يقلب الرغيف حتى تمام النضج ، وكلما كان خبز الصاج رقيقا كلما كان مرغوبا أكثر ، وتتفنن نساء الريف بعمل الخبز بهذه الطريقة ، وبعض المبتدآت يقمن بفرد الرغيف قبل خبزه على مخدة دائرية بعد رقه ثم تقوم بقلب المخدة ولصق الرغيف على الصاج . والخبز الذي يخبز في الطابون هو الغذاء الرئيسي للريف الفلسطيني وهي طريقة قديمة في إعداد الخبز وهذا الخبز جيد النوع حتى يقال في الريف أنه يؤكل دون أدام وخاصة أذا كان مخبوزا بشكل كامل حتى تخرج معظم الرطوبة من الرغيف فيتحول إلى خبز يابس وناشف وهش ولكنه لذيذ الطعم جدا وخاصة أذا غمس بزيت الزيتون وهو ساخن ويسمى بالخبز المقحمش وهو خبز خفيف على المعدة وسهل الهضم وصحي ومقاوم لسموم المعدة وخاصة أذا كان من القمح صرفا . ويعمل الطابون عادة على شكل نصف كرة مقطوع من ألأعلى من أخل عمل فتحة لها بقطر حوالي نصف متر وله قاع ويعمل عادة من تراب خاص مخلوط بالتبن الناعم (ألموص ) ، تفرد عجينة الطين بقطر حالي المتر على ألأرض وبسمك محدد ثم تشكل لها جوانب دائرية كل يوم جزء ، ويترك حتى يجف ثم يعمل جزء آخر وهكذا حتى نحصل في النهاية على شكل قبة ثم يعمل لها فتحة ويعمل للفتحة محيط مبسط من أجل وضع الغطاء عليه ، ثم يترك ليجف بالشمس ويسمى بعد تمامه ووضعه في مكانه في أرضية بناء الطابون ( القحف ) ، ثم يعمل له غطاء من الصاج دائري الشكل قي منتصفه عمود من الحديد كممسك من أجل رفع الغطاء وإرجاعه . وعند تحضير الطابون لأول مرة يوضع داخل سقيفة بعيدة عن الدار ما أمكن وضمن الحوش حتى لا يؤذي دخان الطابون سكان الدار . تعمل في وسط السقيفة حفرة بعمق حوالي نصف المتر دائرية الشكل ثم يوقد الحطب والزبل المأخوذ من روث البهائم الجاف والقش وورق الزيتون الجاف ويحرق حتى يتحول إلى جمر ثم يؤخذ الطابون ويوضع على الجمر وتضاف كمية من الزبل والقش وغطى به جسم الطابون وتشعل النار بالجميع ويترك حتى يحترق الزبل ويتحول معظمه إلى حمر والباقي إلى رماد وعند استعماله يزاح الرماد الذي على الغطاء بقطعة خشبية بطول حوالي 60 سم وعرض 15 سم وتسمى المقحار والعملية تسمى التقحير ومع الزمن تحترق جوانب المقحار وتسود فتشبه به البنت السمراء الرفيعة والنحيلة فيقال فلانة مثل المقحار ن ثم تؤخذ حجارة صغيرة مبسطة ورقيقة ومتشابهة في الشكل والحجم والسمك وتوضع داخل بيت الخبيز ثم يضاف مزيدا من الزبل على محيط الطابون بعد أن يزال قسم من الرماد القديم ويرد باقي الرماد على الطابون والغطاء ويترك طول الليل حتى يحترق جميع الزبل وتشتد حرارة بيت الخبيز وتتوحد الحرارة داخله وعلى محيطه فيقال أن الطابون ( متساقط ) فيكون جاهزا لعمل الخبز موحدا وبنفس النضج وبنفس السرعة طول فترة الخبيز ولا تقل حرارته بالاستعمال. ويتسع الطابون عادة لأربعة أرغفة تدلى فيه وتخبز مع بعضها وتسمى ( طرحة ) تتقول الخبازة أنها خبزت خمس طرحات أي عشرين رغيفا ويمكن بعد الخبيز أن يطبخ داخل بيت النار جميع أنواع الصواني وكذلك شواء الذرة الصفراء والفول ألأخطر ويأكل نواه مع الملح ويسمى (د يوك ) ويشوى الحمص ألأخضر كذلك ويوكل حبه وتسمى ( أجراس ) .
يؤخذ الطحين من القمح والذي يكون قد أعد سلفا حيث يغربل القمح وينقى من الحصى والتراب والشوائب وتتم غربلته بواسطة غرابيل دائرية الشكل بقطر حوالي 60 سم بها فتحات صغيرة مربعة الشكل والتي تعمل من سيور جلدية تؤخذ من أمعاء الخراف أو سيور نم الجلد الرقيق بعد أن تجفف وتعالج وتشكل بشكل متقاطع وتثبت داخل خشب الغربال ، وناتج الغربلة من قمح ضعيف وزوان وبذور نباتات أخرى تصبح علفا للطيور الداجنة أو تقدم مع تبن الدواب .
يطحن القمح بعد غربلته وتنقيته بواسطة مطاحن ميكانيكية توجد في معظم القرى وكان القمح يطحن سابقا بمطاحن تدار بواسطة الماء يبنى لها أبنية خاصة لا يزال بعضها قائما في الريف على مجاري الوديان ، وبعد الطحن ينخل العجين ويعجن عادة في الليل ويبقى حتى فجر اليوم التالي ويكون قد اختمر تماما ويعرف ذالك من انتفاخ العجين وتضاعف حجمه وعند قطعه يكون فيه فراغات هوائية وله رائحة مميزة وإذا زادت خمرته عن حد معين تتغير رائحته وتزيد حموضة خبزه فيقال أن العجين ( مبشبش ) ولا يكون طعم خبزه جيدا وعند الخبز يقطع العجين باليد إلى قطع كروية بحجم ملأ راحة اليدين وترق القطعة على صينية عليها بعض الطحين الجاف لتسهيل عملية الرق وعدم ألالتصاق ثم تحمل القطعة وتلاح حتى يتشكل الرغيف ، ويوضع في الطابون عادة أربعة أرغفة وخلال دقائق يستخرج الخبز وقد نضج تماما ويكون ملتصق به بعض الرضف تزال وتعاد للطابون نعد إنهاء الخبيز ، ويحمل الطحين الجاف والذي يستعمل لرق الخبز في وعاء دائري مصنوع من قش القمح ويسمى ( الترويج ) ويتسع لحوالي كيلو غرام من الطحين ، ويستعمل الترويج كذلك كمعيار لتحديد كمية الطحين اللازم للعجن ، وفي العادة ينخل القمح قبل العجن بواسطة منخل بيتي خاص دائري الشكل بقطر حوالي 30 سم مصنوع من الخشب وأسلاك حديدية رفيعة وهو على نوعين الفاروط والضابوط ، فالفاروط واسع الفتحات يسمح لمعظم النخالة أن تخرج مع الطحين بعد نخله أما الضابوط فلأنه ضيق الفتحات ينزل منه الطحين ناعما دون النخالة والنوع ألأول أفضل للجسم ولكن الخبز يكون خشنا لاحتوائه على النخالة ، وبعد انتهاء عملية الخبيز يزبل الطابون مرة أخرى ويرد الرماد والجمر على محيط الطابون والغطاء حتى لا ينطفئ الطابون ويبقى مشتعلا من أجل دورة أخرى للخبز في يوم آخر . وقد تشترك عدة جارات في طابون واحد فيكون الطابون مركزا للتعارف على الفتيات التي هن في سن الزواج وأيهن اشطر والبق من ألأخرى وكذلك تجتمع الجارات في أيام الشتاء داخل سقيفة الطابون ويدلسن على حجارة ملساء ويتبادلن ألأحاديث ويمضين وقت الفراغ في أيام الشتاء حيث لا عمل في ألأرض ولا في البيدر . وكان بعض الناس بسبب العوز يطحنون الشعير وينخلونه عدة مرات بمنخل ضابوط لإزالة السفير والقش من الطحين ثم يعجن ويعمل منه ما يعرف بخبز(الكراديش ) مفردها كردوش ويعمل لخبز الكراديش قطعة خشب يرق عليها العجين تشبه مضرب تنس الطاولة لأن الخبازة لا تستطيع أن تتعامل معه مثل عجين القمح لأنه لا عرق له أي غير متماسك عند رقه وفرده ثم يحمل الرغيف على قطعة الخشب ويسحل في الطابون ويحتاج إلى فترة أطول داخل بيت النار لأنه أكثر سمكا من خبز القمح ولكنه لا ينتفخ وعلى العموم فإن طعمه لذيذ وهو ساخن . وكذلك ألأمر مع دقيق الذرة البيضاء ولكن عجين الذرة لا يرق وإنما يقطع ويوضع في الطابون فيأخذ الرغيف شكل نصف الكرة وهو لذيذ الطعم وهو ساخن . وبعض الناس ينقعون جريش القمح ويتركونه في الماء مدة معينة ثم يفركونه ويعصرونه ويتركون السائل ليجف فيأخذون منه النشاء ثم يفرم البصل ويخلط بباقي الجريش ويخبز على شكل أقراص تسمى ( الدشايش ) وهو لذيذ الطعم ويؤكل دون أدام . وإن تصادف أن حضر عدة أشخاص فجأة ليساعدوا في حصاد أو قطف زيتون ويحتاجون لطعام سريع ، فإن ربة البيت تقوم بعجن دقيق القمح دون خميرة ( خبز عويص ) وتخبز عدة أرغفة وبشكل مستعجل ثم تفتت ألأرغفة إلى قطع صغيرة وتصب فوقها زيت الزيتون حتى تتشربه ثم يضاف السكر ويفرك الجميع جيدا وتقدم كغذاء وحلوى وتسمى هذه الأكلة ( المفروكة ) وقد كان الناس يقبلون عليها لاحتوائها على معظم عناصر الغذاء من سكريات ودهون وبروتين الخبز وتعطي طاقة تعين على تعب العمل . ومن ألأكلات التي كانت مرعوبة في موسم الحصاد وقطف الزيتون هي أن يخلط دقيق القمح بالزيت حتى يتحول إلى عجينة رخوة ثم تؤكل مع التين المجفف (القطين ) واسمها ( القطين بالبسيسة ) وقد تعمل البسيسة شديدة غير رخوة وتخبز منها أقراص محلاة ة يرش حب السمسم على وجهي القرص وتخبز وتكون هشة وتؤكل مع الشاي وتسمى ( القراقيش ) أو يدهن وجهها بالزبد وتؤكل وهي طيبة الطعم . وكذلك تدهن بواقي الخبز بالزيت ويرش عليها الزعتر وتشوى بالطابون وتؤكل ساخنة مع الشاي ( مناقيش ) . وكذلك يعمل في الطابون الكثير من ألأكلات مثل أقراص السبانخ وذلك بفرم أوراق السبانخ وغسلها وعصرها ثم يفرم البصل ويقلى ويضاف إلى السبانخ المفروم مع زيت القلي ويعجن طحين القمح ويرق العجين ويفرد عليه السبانخ وتثنى اطراف العجين فوق السبانخ على شكل مثلث أو مربع وتخبز وكذلك أقراص الحميض وهو نبات بري معروف تستعمل أوراقه مثل السبانخ وهو ألذ من السبانخ ، وكذلك النعنع البري ( نعنع الواد ) تؤخذ النموات الصغيرة منه وتعامل مثل السبانخ ، وكان الناس يستعملون نبات ( العوينة ) وهي طرية ولكن ألأن لا يهتمون بها ونسوها وإذا تصادف أن جلس طفل باب الطابون وإحداهن تخبز الخبز فإنها تشكل له من العجين ما يشبه الكأس ثم تفقس بيضة فيه وتخبزه في الطابون وتعطيه للطفل فيأكله برغبة . ومن ألأقاص المرغوبة في الريف أقراص الزعتر حيث تفرط أغصان الزعتر وهو طري ( لباليب ) ويؤخذ منها الورق ويغسل ويقلى له البصل ويعمل أقراص تخبز في الطابون , ويعمل كذلك الزعتر ألأخضر على شكل فطائر فيعجن ورق الزعتر مع العجين ويرق ويخبز ويدهن بزيت الزيتون وهو ساخن وكذلك أقراص الحلبة ، حيث تنقع حبوب الحلبة الجافة بالماء ويغير الماء عنها لإزالة الطعم المر منها وتصبح طرية ثم تفرد على العجين وتطبق وتخبز وتدهن وهي ساخنة بزيت الزيتون وتعمل كذلك على شكل فطائر بعجن الحبوب مع العجين وترق وتخبز وتدهن بالزيت وتؤكل وهي لذيذة ومرغوبة ومن النساء من ترق العجين جيدا ثم يطبق على بعضه بطبقات رقيقة على عدة طبقات ويخبز ثم يدهن بالزيت أو السمن البلدي أو الزبدة ويرش عليه السكر ويؤكل كحلوى . وكذلك أقراص الفطر ( الفقع ) حيث يجمع الفطر البري ويغسل ويقطع ويقلى قليلا مع البصل ويعمل منه أقراص ، ومن الفطر ما هو سام ومعروف كالفطر الذي يكون قرب ساق الزيتون والتين وله لون مميز وحجمه كبير . ومتعارف عليه أن النسوة هن من يقوم بالإشراف على الطابون وعملية العجن والخبز ولا يتدخل الرجال بذلك وإلا صار عارا عليهم .
التعليقات (0)