قال لي وهو غاضب : لماذا تكتب في ميدان أنت لست أهلا للكتابة فيه ؟ . ما حصيلة علمك الشرعي حتى تكتب في الدين ؟! فقلت له مبتسما : يا أخي إني اكتب في أمور الحياة .. وحياتنا ديننا .. أليس الدين المعاملة , كما ورد عن المصطفى عليه الصلاة والسلام ؟! ألا تجد انك حجرت واسعا بقصر الخوض في أمور الدين على ثلة من الأولين وثلة من الآخرين .! ومن المؤسف ان ناسا من هؤلاء يشبهون كهنة الديانتين السابقتين في ضيق الأفق , ورداءة النظر , ومرض الذوق , وغش العرض , فكانوا بلاء على الإسلام وغطاء على نوره وصدا عن سبيله .. يا أخي لقد ساء عرض الدين في أزمنة سابقة وألان أيضا , وطولب البشر أحيانا بما يخالف الفطرة , وتأباه الطباع القويمة , ولست اقبل هذا الوضع , ومن حق أولي الألباب ان يرفضوا ما يكذبه العقل , وما تتأذى منه الفطرة , لأنه ليس دينا نازلا من السماء , وإنما هو نبت سام خرج من الأرض , فهل القول بان صوت المرأة عوره يقبله عاقل ! لقد عشنا ردحا من الزمن نؤمن بهذه المقولة ونحسبها دينا , حتى تفتق ذهن العاقلين باستحالة ان تكون من الدين في شيء , وأصبحت ألان المرأة تخاطب كبار رجال الدين في عقر دوائرهم الحكومية , ثم جاء التصوير واخذ نفس تدرجنا مع مقولة عورة صوت المرأة , ثم لبثنا حينا ودخلنا في غطاء وجهها و الاختلاط و الغناء ! سبحان الله .. قلي بالله عليك هل يتصور عاقل ان تقوم نهضة بعيدا عن الكمال الثقافي و الخلقي , بعيدا عن الرشد الاجتماعي و السياسي لان اهتمامها البالغ باحكام فقهية فرعية , ومجادلات كلامية نظرية , وصور ساذجة عن ملابس وهيئات , فالدين الحق , هو الإنسانية الصحيحة و الإنسانية الصحيحة هي العقل الضابط للحقيقة المستنير بالعلم , الضائق بالخرافة , النافر من الأوهام , الإسلام الصحيح يقدم لإتباعه الخير , ويهب لهم النصر .. وهذا التدين المغشوش يقدم الهزيمة ويصنع التخلف , ويحس الناس معه الحرج .. نعم الحرج .. لقد كان سؤال غير المسلمين لنا عن غطاء وجه المرأة وتقييد حريتها الطبيعية التي كفلها الإسلام لها مثلا , شيء محرج , فهذا أمر فرعي صغير فيه أقوال كثيرة , لماذا جعلناه نحن دينا وتخاصمنا حوله حتى سمع خصامنا الآخرون ! إني راقبت أناسا يدخلون الإسلام , ويتركون أديانهم الأولى , وتأملت البواعث التي تدفعهم إلي ذلك , فرايتها شتى ! قد تكون الاستنارة العقلية , وقد تكون الاستراحة النفسية , وقد تكون أسبابا شخصية أو اجتماعية .. ولكني لم أر لمشاعر الرغبة و الرهبة آثارا تذكر في اعتناق الإسلام .. ان الإسلام ليس دين الترهيب و التقييد, انه كان وما يزال اقرب الأديان إلي مواءمة العقل و القلب , والي التجاوب مع أصالة التفكير وسلامة الضمير , ليتنا نفهم ذلك .. ان الدعاة الصادقين لو تمهد لهم الطريق فأنهم يقدرون على استعادة القلوب الفارغة , وملئها بالحق مرة أخرى .. لان كل هذا استقر في ضميري فانا اكتب .. والله من وراء القصد ,,
عبد العزيز بن عبد الله الرشيد
التعليقات (0)