مواضيع اليوم

غسان التويني المفكر والسياسي - بقلم : مروة كريدية

إبراهيم قعدوني

2009-01-05 10:18:18

0

123115

مروة كريدية: مُفَكرٌ مبدع وسياسيٌّ محنّك، يجتمع فيه الباحثُ العلميّ والصحافي المناوِر، يطرحُ حلولاً واقعيّة دون ان ينتقصَ من عالمِ القيم  شَيئًا.
رَجل سياسية وإنْ كَانَ أكبر مِنها، ورَجل سلام في زمن العنف الطائفي، حاولَ أن يكون وسطيًا في وَقتٍ لا صوت فيه للوسطيّة، عربيّ يفخر بانتمائه وتراثِه الغسّانيّ، وعينه الى مستقبل حرٍّ لهوية كائن تتجاوز القوميات، وهو القائل: "الذكرياتُ كالتاريخِ ، يَطول حديثُها، وهي ليست حديثنا، بل المستقبل هو الهمّ الأهم".

إنه غسان تويني الذي رئِسَ تحرير جريدة النهار اللبنانية عن والده جبران منذ ستين عامًا، وما زال مستمرًّا في عطائِه على الرغم من تقلبه في مواقع سياسية واكاديمية فهو النائب والوزير والسفير... وهو المحاضر المفكر في الجامعات.

صَمد في متاهة الأحداث اللبنانية بتحدٍ كبير وتحمّل الألم بأملٍ كبير لأجل رسالته الصحافية متنقلاً في فنادق بيروت، وقد خطَّت "النَّهار" بالدماء والحبر مسيرتها، فقدّمت على مذبَحِ الحرية القرابين تلو القرابين، من كامل مروّة الى سليم اللوزي الى رياض طه الى سمير قصير.. حتى جبران غسان تويني الذي استشهد إخلاصًا لقضية إستقلال بلاده، وباستشهاد جبران فقد والده غسان تويني أعزّ من أحبت روحه، لكنه بشموخ جبال الارز وصلابة رجل الموقف تحمل الرسالة ! وهوالقائل: "سبحان من أورثَنا الحجارة هياكل حقٍّ وحرّية ، فرتَّبَ علينا أن نظلّ نبني منازل للكلمة، دارًا في إثرِ ديْر".
فحياته كما أرادها  كانت، وفقًا لوطن أراد أن يراه حرًّا، وهو الجريء الى أبعد حدّ والهادئ الى حدود الاطمئنان.
إلتقته أسرة "إيلاف" في أبو ظبي خلال أمسيةٍ تجاوزت الصحافة والسياسية ووصلت إلى  أعماقِ إنسانٍ وحِكمة فيلسوف وقلبَ متصّوف. أمامه تزاحمت في رؤوس الحاضرين الذين طرحوا أسئلة بالعشرات لم تسكن، على ايقاع أجوبة تشوّق الجليس إلى معرفة المزيد.
تاريخ غسان تويني صمود وممانعة وهو الذي يريد المقاومة لكلّ لبنان، مقترحًا في جلسات حوار الزعماء اللبنانيين إضافة وصف "المقاوم" إلى لبنان. مقاومةٌ  يريدها لجميع أبناء الوطن لا يُصادرها أحد ولا تكون وقفًا على فئة  لأنها " ليست حكرًا لطائِفة " على حدّ قوله ، معتبرًا القومية "فكرة تجاوزها الزمن".

له رؤية مميزة في العلاقة بين القرارالسياسي العربي ومفهوم التحرر والقومية يمكن استخلاص محاورها من خلال مقالاته التي ينطلق منها بقراءة تاريخية أدت الى "شعورنا الدائم بأننا في معركة مع مستعبد نريد التحرر منه " .
وهو يميز بين "القومية وخرافة القومية  لأن القومية رابطة توحيد وخرافة القومية عنصر تحزّبٍ  وتخريب تميز بين مواطن ومواطن، وهكذا بدل أن تكون القومية مصدر قوة للأمة في السلم والحرب، فإذا بها تبتر الأمة في السلم، وفي الحرب تحقق الأعجوبة الوقحة وهي أن يحتكر بعض الأمة شرف النضال من أجلها الى حدّ يَجنّ معه البعض الآخر " فيظنّ ان الهزيمة ليست هزيمته لأن النصر ما كان ليكون انتصاره" .

تويني ينتقد الأنظمة العربية بموضوعية وجرأة ويرى أن "خَطيئة القرار السياسي العربي هي جهل أو تجاهَل أن أزمة الحكم اللاتاريخي بل مأساته في أن يضع نفسه دائمًا موضع الطالب من الغير، محملاً غيره مسؤولية أفعاله هو، كأنما فوق سيادته دائمًا سيادة لسواه ".
ويرى ان العرب على مفترق تاريخي يصفه "بالخطر" وهم مخيرون بين أن يخرجوا من "الحضارة الصوتية" التي هي الآن صامتة، أو يَظلوا على أسرهم المتقوقع في الاصولية فيتقرر مصير الإسلام في عودة الامبراطوريتين التاريخيتين: تركيا العثمانية ... أوإيران الفرس؛ فالمأزق "قمة المأزق أنّ تركيا وايران تتصرفان نيابة عن العرب ... وتمسكان بزمام الوصاية على التاريخ العربي المقبل".
ويلفت إلى أن للطائفة الشيعية في لبنان تراثًا روحيًا عميقًا ولها "جذور صوفيّة تمتد إلى الإمام علي بن ابي طالب في نهج البلاغة "وعليها التحرر من الخط الفارسي.
ويتمحور فكر التويني على الحرية "بحرية العقل" كونها تعني "حرية الاختيار وهي "اساس الديمقراطية، وهي لا تكون الا عبر مجتمعات حرّة وهو ما يتطلّبه وجود أحرارٍ فعلاً" . وهو القائل في أحد مقالته التي وجهها إلى رئيس عربي "سيظلّ العرب نائمين في حالة سباتٍ رومانسي  ما لم يستيقظ العقل ويخرج ، يا سيادة الرئيس ، من السجن العربي الكبير .
وعندما نطلق الانسان العربي العاقل من الأسر الببغائي يُصبح بإمكاننا أن نتجاوب مع العالم الذي ينتظر منا حلولاً  لأزماتنا لا بكاءً مبكرًا على  أطلال الحرب حتى قبل وقوعها! " .

http://www.elaph.com/Web/AkhbarKhasa/2009/1/397169.htm




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !