شيركو شاهين
sherkoo.shahin@yahoo.com
تفتحت عيوننا على العالم الخارجي باتساع بعد زوال النظام السابق، واخذنا نطالع بحرية غير مسبوقة ولا موجهة مختلف وسائل الاعلام بخاصة المرئي منها والتي اختلفت توجهاتها ومناهجها المقدمة للمشاهدين، وبما ان غالبية وسائل الاعلام العراقية لم تلب لحد الآن طموحات المتابع العراقي مما اضطره حين ذاك الى متابعة انماط مختلفة من تلك البرامج.واذا ما قلنا ان التوجهات اساساً تحكمها تقبلات عقلية، فهذا القول لايصح بالنسبة للثقافات والتي لاتفرض بحسابات العقل والمنطق، فنراها مختلفة الالوان الا في ثقافة واحدة اساسها هابط ومحتواها (صفر).هذه الثقافة يدعوها اهلها بثقافة (الفديو كليب) والتي مازلنا نجهل الهدف الحقيقي في وضعها حتى بعد مايقرب العقد على ظهورها فمازالت تشهد تراجعا متسارعا في قيمها الفنية الحقة مقابل حساب قيمتها التجارية، التي لاتمت الى الفن واهله بادنى صلة ولكي لانظلم القلة منهم نستثني بعضهم الذي بدلاً ان يكون اساسا امسى شاذا عن الركب!!فالاعراف والتقاليد معدومة والادب والاخلاق تترك عند باب الاستوديو قبل دخول ابطاله اليه، اما الصواب والحلال والحرام فقد تم شطبه من ابجديات تلك اللغة، فضلا عن ان هذه المصطلحات شطبت من قواميس تلك الفضائيات السطحية التي تعتمد اساس وجودها على بث مثل هذه السموم، فتلك الفضائيات تستثمر الفاسد من الغرائز لتسلط بها ضغوطا على العقول والنفوس بقصد در اكبر الارباح على الجهات المستفيدة منها، فيشيع في (كليباتها) هز البطون والارداف عامدين حين ذاك الى ايهام المتلقي ان الاسفاف الوارد فيها هو فن وطرب!! ويكفي فيها ما قاله نابليون (من لايمارس الفضيلة لاكتساب الشهرة فهو حين ذاك قريب من الرذيلة).وبما ان الشباب والمراهقين (من كلا الجنسين) هم اكثر المتأثرين بها لما لها من مداعبة لرغباتهم.. تلك الرغبات التي يقول عنها المفكر ""شوبنهور"": (ان العقل خادم الرغبة) اي اننا نطلب الاشياء لاننا نرغبها وليس لانها معقولة، ويأتي حين ذاك درهم رغبة خير من قنطار منطق.فما الحل اذن هل نترك الجيل القادم تلعب به مثل هذا النوع من الثقافة التي اساسها الغرائز ودعائمها المال الفاسد؟ ام نعمل على توجيهم باتجاه الارتقاء بالجديد اعتماد على القديم.اما اذا نفضنا ايدينا وتركناهم نهباً لكل من هب ودب يلهو بعقولهم فاننا ننفتح حين ذاك الابواب على مصاريعها لاعاصير الشهوات ومدنسة بذلك فطريتهم الانسانية وعلينا بعدها ان نتحمل ما يليها من زعزعة للروابط الاجتماعية.فالجميع عليهم ادراك حقيقة مهمة ان الاحتياجات المادية للحياة ليست ذات قيمة اذا ماسمحنا بالتخلي عن ابسط متطلباتنا المعنوية للنفس القويمة.وان النافذة التي يخرج منها الهواء الفاسد هي نفس النافذة التي تسمح بدخول الهواء الصالح!
نشر بتاريخ 20/4/2006
التعليقات (0)