مواضيع اليوم

غزه التاريخ وغزه الأنفاق

مجدي المصري

2010-01-01 08:57:42

0


غزه غزه رمز العزه .. كان هذا شعار المظاهرات التي إندلعت مؤيده لشعب غزه في مواجهه العدوان الإسرائيلي الغاشم عليها وهو حقيقه فعلا وليس شعار ..
فغزه موغله في القدم ولها باع طويل في التاريخ وإسم غزه الحالي هو أحدث إسم لها فقد تبدل إسمها بتبديل الأمم التي حكمتها فمنهم علي سبيل المثال لا الحصر .. الفرس الذين أسموها "هازاتو" .. والعبرانيون أسموها "غزة" .. والكنعانيون أسموها "هزاني" ..أما المصريون فأسموها "غازاتو” ..وأسماها العرب "غزة هاشم" ..
ولن نستفيض في التاريخ القديم ولكن ما يهمنا الآن هو التاريخ الحديث أي منذ بدايات الصراع الذي واكب نشآه دوله إسرائيل في المنطقه أي في بدايات القرن العشرين عندما بدأت الهجرات اليهوديه الي أرض فلسطين في هذه الفتره لم تكن منطقه غزه أي ما يسمي "القطاع" حاليا تستهوي اليهود ولم تكن ضمن حساباتهم ولا أعرف ربما لم تكن بالنسبه لهم ضمن "أرض الموعد" لذلك لم تتجه الهجرات اليهوديه الي غزه وإنما إتجهت شمالا وتوغلت في كل الأرض ولكن توقفت عند حدود قطاع غزه ..
وعندما صدر قرار التقسيم الأممي في العام 1947 كان قطاع غزه ضمن حدود المنطقه العربيه وعندما رفض العرب القرار الأممي وقامت أولي الحروب العربيه اليهوديه الحديثه في العام 1948 دخلت القوات المصريه الي قطاع غزه وعندما وقِع إتفاق الهدنه بين العرب واليهود في العام التالي 1949 وضع القطاع تحت السيطره المصريه مع إحتفاظه بالكينونه الفلسطينيه الا أن سكان القطاع قد تضاعفوا عده مرات أثناء وبعد حرب العام 1948 بسبب هجره فلسطينيوا الشمال اليه تحت وطأه المجازر اليهوديه والتهجير القسري لهم وقد أقام الكثير منهم في مخيمات مازالت موجوده حتي الآن مثل مخيمات جباليا والشاطئ والبريج والنصيرات والشابوره ودير البلح وخان يونس والمغازي ..
وظل قطاع غزه تحت إداره مصريه وفي العام 1956 عندما وقع العدوان الثلاثي علي مصر عندها إحتلت إسرائيل القطاع وتقدمت في سيناء أثناء العدوان الا أنها أرغمت علي الإنسحاب وعاد القطاع ثانيا للإداره المصريه حتي العام 1967 كان آخر عهد القطاع بمصر عندما إحتلت اسرائيل القطاع وكل سيناء ووصلت الي ضفه قناه السويس والذي إنتهي بحرب العام 1973 ثم إستكمل الانسحاب الاسرائيلي من سيناء بمعاهده السلام بين مصر واسرائيل والتي رفض الفلسطينيون الإنضمام الي محادثاتها آنذاك لتنقطع الروابط تماما بين سيناء "مصر" وقطاع غزه ..
وقد ظل قطاع غزه تحت الاحتلال الاسرائيلي حتي العام 1994 عندما إنسحبت اسرائيل من القطاع طبقا لمعاهده اوسلو بين منظمه التحرير الفلسطينيه "فتح" ياسر عرفات وإسرائيل والتي إستطاع بموجبها عرفات ورفاقه الدخول الي أرض فلسطين والتي بموجبها أيضا يظل القطاع والضفه تحت السياده الاسرائيليه الفعليه برا وبحرا وجوا بل ويرتبط بها لوجستيا ولكن بإداره فلسطينيه تدير الشئون الداخليه تمهيدا لإتفاق نهائي مستقبلا ..
وهنا نتوقف قليلا لنتبين وضع القطاع قبل وأثناء وبعد الاحتلال الاسرائيلي ..
إشتهر القطاع ومنذ أمد بعيد بزراعه وتصدير أجود أنواع الموالح والزيتون في العالم وكانت شهره هذا المنتج الغزاوي تبلغ الآفاق في كل الدول المستورده له وكان سبب بحبوحه في العيش لشعب القطاع أدي الي إزدهار التجاره في مدينه غزه علي الأخص حتي أنها كانت تعد هونج كونج المنطقه في فتره الخمسينات والستينات المنصرمه وكان لوجود خط سكه حديد يربطه بمصر سببا في سفر المصريين المتكرر للتبادل التجاري معها ..
الا أن الإحتلال الإسرائيلي للقطاع في العام 1967 تسبب في هزه إقتصاديه في القطاع بإنقطاع سبل التجاره مع المصريين بل والعالم الخارجي كله وتوقف تصدير الموالح والزيتون للخارج وتداركت إسرائيل علي الفور هذه الهزه الاقتصاديه بأن فتحت مدنها وأبوابها لشباب القطاع للدخول والعمل داخل مدن ومصانع وشركات ومنشآت إسرائيل وبأجور مرتفعه كذلك بالتبادل التجاري وتصدير منتجها من خلال الشركات الاسرائيليه مما أعاد الحياه والإنتعاش الي القطاع مره أخري - وبالرغم من إقامه إسرائيل للعديد من المستوطنات داخل القطاع - لعلمها المسبق بحتميه الانسحاب من القطاع في يوم ما لتكون كمسمار جحا في أي إنسحاب مستقبلي الا أن مشاكل القطاع مثل إنتفاضه العام 1987 والتي تسببت في عدم السماح للعماله الفلسطينيه بالدخول الي اسرائيل من القطاع للعمل وتعجل اسرائيل بالبدء في محادثات ترك القطاع و وجود بطاله كانت محدوده جدا بالقياس الي ما تلي ذلك ..
في العام 1994 إنسحب آخر جندي إسرائيلي من القطاع بإستثناء المستوطنات الموجوده هناك وإستلم الرئيس ياسر عرفات ورفاقه في فتح قياده القطاع وأقاموا حكومه مدنيه تولت زمام الأمور هناك وإنهالت المساعدات من كل دول العالم لمسانده مشروع الدوله الفلسطينيه الوليد ولكن سرعان ما فاحت رائحه الفساد المالي والاداري وأزكمت الأنوف في كل القطاع وفي هذه الأثناء برز نجم حركه حماس ولمع كحركه دينيه نشطه بواسطه مؤسسها وراعيها الشيخ أحمد ياسين منذ أن قام بتأسيسها في العام 1987 بعد خروجه من سجون الاحتلال الاسرائيلي والذي أشعل الإنتفاضه الفلسطينيه الأولي في نفس عام تأسيس حركه حماس والذي إغتالته إسرائيل في النهايه عام 2004 بعد أن إنتشرت وإستشرت العمليات الجهاديه الاستشهاديه والتي أسس كتائبها هو وأفتي بحليه عملياتها ..
ولم يطالع العام 2006 العالم - وبعد وفاه عرفات وإغتيال ياسين الرمزين للشعب - الا وقد فازت حماس بغالبيه مقاعد البرلمان الفلسطيني في إنتخابات حره نزيهه إندفع اليها الشعب الفلسطيني دفعا وخاصه في القطاع بعد أن سائت أحواله الاقتصاديه وإستشري الفساد المالي والاداري في كل المناحي ويأس من حدوث إصلاح لتشكل حماس حكومه حمساويه سرعان ما إصطدمت بالرئاسه الفتحاويه المتمثله في الرئيس محمود عباس أبومازن لتقتسم الأرض الفلسطينيه بينهما فتنفرد حماس بالقطاع وتنفرد فتح بالضفه ويحدث بينهما صراع مرير راح ضحيته الكثير من كوادر وشباب الطرفين وسالت كثير من الدماء الفلسطينيه بأيدي فلسطينيه ..
وإنقسمت الارض الي الضفه "فتح" و القطاع "حماس" ووقف العالم كله مع فتح خاصه بعد إعلان حماس بأن الإتفاقيات السابقه لا شأن لها بها ..
وبدء الجميع في حصار وخنق حماس "القطاع" بهدف إقصاءها عن إداره شئون القطاع ولكن وجدت حماس من يؤيدها ويساندها لتؤكد إعلان الجهاد ضد إسرائيل بإستخدام ما لديها من صواريخ بدائيه تحدث فرقعات صوتيه لا أكثر ولكن صدي إعلامي عالي إستغلته إسرائيل جيدا لتظهر للعالم كله بمظهر المعتدي عليه لترد بمزيد من الدمويه والوحشيه وقتل الأبرياء من أبناء القطاع ولتحكم الحصار والتجويع للشعب في كل القطاع والذي لم يجد أمامه سوي الحدود المصريه فبدأ في حفر أنفاق أسفلها وغضت مصر الطرف عنها حتي تصل من خلالها المستلزمات لشعب القطاع الي أن دفعت حماس بجرافاتها وهدمت أجزاء من الجدار الحدودي ودفعت بالشعب تجاه مصر وعبر الآلاف الحدود وتعاملت مصر بحكمه مع الأمر ولكن حذرت حماس جيدا من تكراره ولكن حماس كانت قد وضعت سيناريو بحسابات خاطئه للدخول في مواجهه محدوده مع اسرائيل بهدف إستعراض نفسها كبديل لفتح في كل الأرض الفلسطينيه ورفضت أي حوار فتحاوي حمساوي بل ودقت طبول الحرب والتي استعدت جيدا لها "إعلاميا" فقط ..
وكان السيناريو هو إذا إذداد الضغط الاسرائيلي فسيناريو الحدود السابق مع مصر معد ومجرب سلفا ومع الضغط الإعلامي الشديد علي مصر يمكن دفع مصر دفعا للتورط أو علي أقل تقدير فتح الحدود للهرب من خلالها ..
وحدث ما حدث وإستخدمت إسرائيل كل آلتها العسكريه في دك غزه وتدميرها بالكامل وسقط الآلاف من أبناء الشعب المدنيين العزل ما بين شهيد وجريح ولم يسقط من مجاهدي حماس سوي بضعه عشرات !!!
وهب العالم كله من مشرقه الي مغربه يدين ويشجب ويعلن تعاطفه ووقوفه مع الشعب الفلسطيني الأعزل وليس مع حماس وقادتها وإنتهت الغضبه العالميه بدفع إسرائيل الي التوقف عن تلك المذبحه البشعه ومغادره قطاع غزه وتجمع العالم كله بعدها يضمد جراح الشعب ويقدم له المعونات ولكن سرعان ما نفض العالم يديه وإنفض السامر بعدما ظهر الوجه القبيح لعلاقه الفصائل بعضها ببعض ..
أرادت مصر لملمه الشمل الفلسطيني ليظهر أمام العالم كله كجبهه واحده متحده يستطيع العالم التعامل معها وتدعيمها في مواجهه اسرائيل للحصول علي كامل حقوقهم ولم يبقي سوي مصر التي رعت ما يسمي اتفاق مصالحه فلسطيني فلسطيني ولكن ثانيه هيهات فكل فصيل لديه عقيده راسخه بأنه هو الفرقه الناجيه وباقي الفصائل من الكفار وكلما لاحت في الأفق بوادر إتفاق عادت الأمور الي المربع الاول من جديد فلا مصالحه ولا هم يحزنون ولكن صراخ وبكاء وعويل علي الشعب المحاصر والذي إستغل البعض معاناته وحصاره وحفر أنفاقا عبر الحدود مع مصر لتهريب البضائع والسلع ليس بدواعي الرحمه والإنسانيه وتخفيف المعاناه عن الأشقاء ولكن بدواعي التربح السريع فالسلع التي تدخل الي غزه تباع بأضعاف أضعاف أثمانها حتي أن الحكومه الحمساويه تحصل عليها الضرائب والمكوس ولم يكتفي "الانفاقيون" بالعمل السري في التهريب وإنما بعثوا وإستدعوا كافه محطات التلفزه وأدخلوهم الأنفاق بكاميرات التصوير ليري العالم كله حجم الإنجازات التي حققوها ليضغط العالم وعلي رأسه إسرائيل علي مصر لتضبط حدودها وتمنع التهريب وحجه إسرائيل أن المعابر كلها مفتوحه الآن وكافه السلع ماعدا "السلاح ومواد البناء" تدخل الي القطاع بكل سهوله ويسر ..
غزه والتي كانت بالأمس رمز العزه وكان المواطن الغزاوي يتباهي ويتفاخر بإنتمائه الي قطاع غزه أصبح اليوم إما نزيلا علي "الأونروا" يتسول منهم الغذاء أو صاحب نفق تهريب يتربح من وراءه ومن دم أبناء جلدته الكثير وإما حمساوي وهو القانون نفسه
والي غد بعيد وإنفراجه ليست بالقريبه أعان الله شعب قطاع غزه المدنيين العزل علي ما هم فيه والذين يصرخ الجميع مطالبين برفع الحصار عنهم ولا أحد يعلم أي حصار تحديدا…
مجدي المصري




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات