ما أن يخرج الفلسطينيون من صلاة التراويح حتى يهموا نحو بيوتهم للاستعداد لمشاهدة حلقات مسلسل "باب الحارة" السوري الذي يحكي عن حصار الفرنسيين لتلك الحارة، وطريقة كسر الحصار من خلال بئر على شكل نفق، كما يحصل في قطاع غزة.
ودأب الفلسطينيون، خاصة الشباب منهم، على حضور مسلسلات وأفلام قتالية، وهي غريزة كامنة في عقول الناس الذين مضى على احتلال أراضيهم أكثر من 61 عاماً، من دون أن يستطيعوا إنهاءه بكل الطرق.
ورغم أن أنور عبدربه (43 عاماً) قلما يتابع أياً من الأفلام والمسلسلات، إلا أنه قال لـ"العربية.نت": "شدني هذا المسلسل بقوة نحو مشاهدته، رغم أن الجزء الثالث منه كان أجمل، إلا أن حصار تلك الحارة يشبه تماماً حصار غزة الحالي من قبل إسرائيل".
وأضاف عبدربه "أتمنى أن نكون محاصرين، لكن دون أن يكون بيننا انقسام مجتمعي نتيجة سيطرة حركة حماس على غزة منتصف عام 2007، فالفارق الوحيد بين غزة و"باب الحارة" هو أن المسلسل يحكي عن ترابط اجتماعي راق جداً وعادات تلامس واقع اهل الشام، بمن فيهم الفلسطينيون، لكن ما حصل من انقسام أثر بشكل كبير جداً على حياة الناس وعلاقاتهم الاجتماعية في ما بينهم".
وأعرب الإعلامي الدكتور مبروك القدرة عن إعجابه الشديد بطريقة سرد أحداث المسلسل. وقال لـ"العربية.نت": "مخرج المسلسل بسام الملا كان ذكياً جداً في طريقة ربط أجزاء المسلسل الأربعة، وخلال أحداث الجزء ذاته".
ويمنع الفرنسيون دخول وخروج سكان باب الحارة، وحتى السلع والمواد الغذائية، في تشابه تام لما يجري في غزة، حيث تمنع إسرائيل دخول المواد والسلع الغذائية إلى غزة، وتحاصرها بشكل محكم منذ حوالي ثلاث سنوات.
وتخلو شوارع غزة تقريباً من المارة في تمام الساعة العاشرة مساءً منذ بداية شهر رمضان، حيث يبدأ المسلسل على قناة MBC1، فيجتمع كل أفراد الأسرة على مشاهدته.
وقال القدرة "يبدو أن أحداث الجزء الرابع من المسلسل مستوحاة من حصار غزة تماماً، فتفاصيل الحلقات تتحدث عن واقع غزة المرير ومنع دخول الأدوية أو غيرها، حتى في قضية طرح مبادلة الضابط الفرنسي، وكأنه الجندي الإسرائيلي الأسير لدى حركة حماس جلعاد شاليط".
وكما في كل احتلال، فإن مخابراته تزرع جواسيس من نفس السكان لتعقب المقاومين، فإن المخرج بسام الملا تعمد تعقب "النمس" لرجال المقاومة، كما تفعل إسرائيل في تعقبها لهم من خلال جواسيس لها في الأراضي الفلسطينية.
وربط المخرج بسام الملا دخول أبوالنار عبر مصارف المياه لبئر منزل إلى باب الحارة، محملاً بمواد تموينية، بأنفاق غزة التي يستخدمها الفلسطينيون في دخول مواد غذائية وغيرها من الأراضي المصرية لغزة.
ولايشكل انقطاع الكهرباء عائقا لمتابعة المسلسل حيث يتم تبادل الزيارات عند من تتوفر عنده الكهرباء، وفي هذا الصدد تقول هناء خالد، أم لثلاثة أطفال، إنها تستعد مساء كل ليلة لحضور المسلسل.
وأشارت إلى أنها تضطر للذهاب إلى بيت أهلها في حال قطعت الكهرباء عن منطقتها. وقالت "يوجد في بيت أهلي مولد كهربائي، وكلما تقطع الكهرباء عن منطقتنا، أذهب أنا وأطفالي لبيت أهلي، وأستغل وجودي هناك لأتابع المسلسل".
ولم ينس كاتب السيناريو نقص الدواء في غزة. وجسد ذلك من خلال شخصية المصاب "خاطر"، الذي يرقد على سرير المرض ينتظر الموت دون السماح له بالعلاج خارج الحارة.
التعليقات (0)