مع أول سحور رمضاني عاود الإحتلال الإسرائيلي قصف غزة على خلفية إختطاف ثلاثة إسرائيلين وكأن إسرائيل تبحث عن مبرر لمعاودة العدوان والقصف الجوي الهمجي , مبرر تدافع به عن نفسها أمام منظمات الإنسانية والحقوق فالمنظمات الدولية وعلى رأسها مجلس الأمن يتوقف عند مبررات الإحتلال الإسرائيلي الهامشية ولا يتوقف ولو لثواني معدودات عند مبررات أصحاب الحق والقضية , فأصحاب الحق والقضية بنظر تلك المنظمة الخرقاء "مجلس الأمن " إرهابيون وإسرائيل دولة يحق لها ا، تدافع عن نفسها وعن مواطنيها بأي وقت وبأي طريقة كانت , معيار معكوس فرضته الظروف العربية المتراكمة في التخبطات والإنقسامات , لو كان مجلس الأمن يعمل وفق المباديء الإنسانية والقانونية السليمة لأتضحت له صورة الوضع بفلسطين فبديهياً الحق مع من أٌغتصبت أرضه ودمرت ممتلكاته وهجر من دياره , حق يشرعن كل الوسائل لإستعادة الأرض وحماية الممتلكات , فالمدافع عن الحق ليس بأرهابي كما تدعي تلك المنظمة وإسرائيل ولو كان إرهابياً فماذا سنسمي المعتدي والمغتصب ؟؟. يردد البعض ومع كل إعتداء إسرائيلي على غزة وعلى بقية المناطق الفلسطينية المحتلة وعلى رأسها مدينة القدس والمسجد الأقصى عبارات لعل من أهمها "حكام العرب الخونة " عبارة تهكمية تنم عن إحباط شديد عند البعض وشعار يستخدمه بعض من يمتهن دغدغة المشاعر , تلك العبارة وغيرها تتنافى مع صوت العقل والحكمة فحكام العرب أياً كانت خلفياتهم وتوجهاتهم يعيشون في وسط تراكمات حقبة ماضية , فهم ليسوا جزءً من المشكلة ولا أساس المشكلة كما يظن البعض , بل هم من يدفع ثمن تراكمات الماضي , يستشهد البعض ببطولات صلاح الدين الأيوبي إستشهاد عاطفي يتعارض مع المنطق فما صنعه صلاح الدين الأيوبي من بطولات ليست وليدة الصدفة بل هي باكورة أعمال خلفها من سبقه في سدة الحكم , فتهيأت له الفرصة فقاد زمام الأمور نحو البطولة وإستعادة الحق ,إستشهاد البعض ببطولات صلاح الدين كمثال عاطفي لا يمكنه أن يكون مقياس للعقلاء فلنا في رسولنا عليه الصلاة والسلام أسوة حسنة فقد كانت غزواته مبنية على الظروف المحيطة فقد خرج لبدر بجيشه وهي تبعد مئة وخمسين كيلو ليقاتل كفار قريش وبعد سنتين من تلك الحرب تغير الوضع فحارب على بعد أميال بسيطة في أحد ولما أجتمعت عليه الأحزاب وجبريل معه وعلم أن وضع المسلمين في ذلك الحين لا يمكنهم من هزيمة الأحزاب لو كانت الحرب في منطقة مفتوحة فقام عليه الصلاة والسلام بوضع خندق حول المدينة ولم يحرك جيشاً جراراً كما يطالب البعض بذلك الآن والسبب الوضع لا يساعد , تلك الغزوات تعد أمثله ساقها الله للبشرية ليتعاملوا مع مختلف الأوضاع والظروف المحيطة بهم , فالعاقل يترصف مع الوضع الذي معه وتلك هي الإستراتيجية بفروعها المختلفة . الحكام العرب جزء من تركيبة المجتمعات بتعقيداتها المختلفة , يعملون لأجل القضية الفلسطينية بوسائل متاحة قدر الإستطاعة وأنا "لا أدافع عن الحكام " كما سيتوهم البعض بقدرما أبين قضية خطيرة تزيد حجم البغضاء والشحناء وتهدم أي أمل في وحدة عربية ينتظرها العرب منذ القدم تلك القضية الخطيرة تتمثل في العزف على الشعارات والتهكم والتخوين , فأوضاع المسلمين هي المحددة لمقدار التصرف للحكام وتلك هي الحقيقة والمعادلة الغائبة عن البعض جهلاً وتعصباً , القضية الفلسطينية قضية يجب أن تجمع العرب والمسلمين لا أن تفرقهم بعبارات تهكمية ويجب أن يتم تأييد أي عمل يصب في مصلحة القضية سواءً بدعم المصالحة الفسلطينية أو تأييد مبادرة السلام العربي فظروف المسلمين والعرب مختلفة ولا يجب أن تكون القضية الفلسطينية سبباً في التفرقة , خطوات التصعيد الإعلامي والدبلوماسي والسياسي مطلوبة في هذا الجانب تلك الخطوات لابد ان يقابلها خطوات دعم للقضية عبر إطلاق حزم مساعدات وتبرعات رسمية وشعبية فالقضية الفلسطينية بحاجة للدعم أكثر منذي قبل وإن كانت جروح الامة كبيرة وعميقة الإ ان البعض يزيدها عمقاً بعواطف جياشة غير منضبطة فيطلق عبارات التهكم والتخوين غافلاً عن التاريخ وعن معضلات الأمة الفكرية والتنموية والسياسية والأمنية , اصحاب العواطف يقفزون على الجروح ولا يدركون أنهم يتاجرون بالقضية ويهدمون اي عمل يجمع الأمة ويوحد صفها المتفرق , الكل يغضب لأجل فلسطين ولأجل غيرها لكن ذلك الغضب لابد أن يكون مرشداً ضمن نطاق الحكمة والتعقل وحسن التصرف فلا ينقصنا تجييش وعزف على العواطف بل ينقصنا إجتماع كلمة عربية موحدة ولن تجتمع كلمة العرب طالما بقيت العواطف تحركهم يمنة ويسره . ليت أصحاب العواطف الجياشة يتخلون عن عواطفهم قليلاً ويوجهون الدعوة لساسة فلسطين فالبيت الفلسطيني ومنظمة التحرير بحاجة لإصلاح شامل وجذري فالدعوة أجدى من إطلاق عبارات التخوين والتهكم التي لن تغير واقعاً بقدر ما تزيده ظلاماً و كراهيةً وشحناء ؟؟ ..
التعليقات (0)