مواضيع اليوم

غزة بين الذلة والعزة

ياسر العزاوي

2009-02-05 12:11:43

0

      غزة مابين الحرب الإسرائيلية المدمرة والانقسام العربي تئن وتنزف ولا احد يواري عورتها المكشوفة منذ ثلاثة أسابيع ، وحماة العرض و الوطن المفترضون اهتموا  بحماية السفارات والمصالح اليهودية واهتموا بشكل ملفت للنظر بكيفية صياغة الخطاب الدبلوماسي الذي ليثير حفيظة أصدقاهم ضدهم ، هذا الخطاب الذي لازال يعاني الغيبوبة والابتعاد عن أصل الحدث الذي ضرب الموقف العربي والإسلامي بالصميم .

      لحد ألان لا احد يستطيع إن يتكهن ماهو الهدف الحقيقي وراء هذه الحرب الغير متكافئة بكل المقاييس . فهل الهدف هو إيقاف الصواريخ الفلسطينية كما هو معلن إسرائيليا ؟ أم هناك ماهو ابعد ،  ربما يكون الهدف الإستراتيجي هو ضم قطاع غزة إلى باقي الأراضي العربية المحتلة . وبين هذا وذاك تبقى لغة المصالح والصفقات السياسية هي الحاكمة والموجهة لحركة كل الإطراف الداعية لوقف الحرب أو التهدئة بكل مستوياتها .

      فعلى الصعيد العربي والذي ظهر عليه الإعياء منذ اللحظة الأولى فهو منقسم على نفسه إلى ثلاثة أقسام :

      الأول هو الرافض والداعم للمقاومة ، والثاني ساكت عن الحق وهو المتآمر حسب الرأي العام العربي ، والثالث المتذبذب الذي ينتظر رجحان كفة القوة وبالتالي صياغة موقفه حسبما تمليه عليه مصالحه .

فالأول يمثل في الظاهر موقفا ايجابيا في أعلى مظاهره ولكنه لايتعدى التصريحات بالشجب والسماح بخروج التظاهرات في بلدانهم وما يستبطنه هو انه يرغب بشكل أو بآخر ضرب المصالح الإسرائيلية ودفعها للانشغال بالآخرين سواء كانوا فلسطينيين أو غيرهم وعدم مواجهتها بشكل مباشر .

      وأما الثاني فيبقى عاجزا عن تبرير موقفه بشكل عقلائي ومقنع لشعبه لذا لايمكن تصنيفه في نظر الشارع العربي إلا في خانة المتآمرين الذين تربطهم مع إسرائيل ومن يقف ورائها مصالح مشتركة وهي من وجهة نظرهم اكبر من الأواصر العقائدية والقومية والتاريخية التي تربطهم مع ( إخوانهم ) الفلسطينيين في غزة .

وأما الثالث فهو الضعيف الذي لايعد إذا حضر ولا يفتقد إذا غاب وهو أمام شعبه والشعوب الأخرى اصغر من أن يتخذ موقفا من شانه تغيير خارطة الرأي السياسية نحو الاتجاه الصحيح .

      لذا والحال هذه نحن أمام موقف عربي أفضل مايقال في حقه انه عاجز ولا يمكن لأي قمة من القمم المعلن عنها بلورة موقف لصالح الشعب الفلسطيني بقدر ما يريدون منها حفظ ماء وجههم من خلال هذه ( الغمة ) والتي اعتاد عليها الشارع العربي ولم تعد تنطلي عليه .

      وعلى المستوى الإقليمي تظهر تركيا هي الأبرز في الحركة الداعية لوقف الحرب رغم وجود مايربطها بإسرائيل من مصالح سياسية واقتصادية ، لكنها تظهر الازدواجية في هذا الملف كونها لازالت تحمل في داخلها هاجس الإمبراطورية العثمانية والذي يسري في جسد بعض القادة الأتراك ما يدفعهم للتصور بأنهم مازالوا أوصياء على الشعوب العربية والإسلامية ، وربما هذا ما دفع رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان للإفصاح عنه مؤخرا ، ناهيك عن لغة الغزل المعهودة في مثل هذه المواقف والانحياز إلى دول الاتحاد الأوربي وأنها دائما تحاول أن تظهر بمظهرهم متشبهة بمواقفهم علها تنال رضاهم وبالتالي الانضمام إليهم .

      أما على الساحة الدولية يكاد يكون الوقف أكثر حرية وأكثر جدية من مواقف المعنيين بالقضية الفلسطينية ، فالمنظمات الإنسانية وكذلك الداعية للسلام ونبذ الحروب والدمار استطاعت أن تعبأ الجماهير وتسحبها إلى الشارع في تظاهرات عارمة ملئت عواصم أوربا وحتى أمريكا وبشكل يومي حيث توجت هذه الحركة بأمر الرئيس الفنزويلي شافيز بطرد السفير الإسرائيلي من بلاده وكذلك مافعلته  كولومبيا ما دفع مجلس الأمن الدولي لاتخاذ قرار يقضي بوقف العمليات العسكرية في غزة داعيا إلى فتح المعابر وفك الحصار عن القطاع … هذا من جانب المؤيدين للموقف الفلسطيني والداعم للمقاومة ضد الاحتلال .

      أما على الصعيد المقابل والذي تترأسه أمريكا والتي تربطها علاقات إستراتيجية مع حكومات العالم وبالأخص عالمنا العربي فهي لم تأل جهدا في شق الصف العربي في السابق وفي هذه القضية على وجه الخصوص وجعل مواقفهم متفاوتة تجاه اخطر مرحلة تمر على الفلسطينيين وهؤلاء العرب بدورهم يمارسن عملية شق الصف الفلسطيني الداخلي حتى أوصلوهم إلى ما هم عليه الآن من فرقة وتناحر حد التقاتل ، فهم بين مطرقتين إحداهما اشد من الأخرى ، فما تقوم به دولة عربية لها ثقلها يفترض أن يكون لها دور كبير في دعم الموقف الفلسطيني والمقاومة كونها البوابة الوحيدة لقطاع غزة الآن تقف موقف الضد بحجة أنها لاتريد أن تكون شريكة في تهريب الأسلحة إلى ما تسميه هي ومن قبلها أمريكا وإسرائيل بـ( الإرهاب في غزة ) ولكن الحقيقة هي غير ذلك فأين هي من ذلك  طيلة الفترة السابقة ؟ وهل كان معبر رفح والأنفاق جزء من جزر القمر وفجأة تحول ليكون حدا فاصلا بين غزة وتلك الدولة ؟ أم أن ألـ( 200 ) مليون دولار التي لوحت الإدارة الأمريكية بقطعها من المساعدات التي تقدمها لمصر سنويا هي السبب الحقيقي الذي دفعها لاتخاذ هكذا موقف متناسين أن الأموال تصرف ولكنها بالتأكيد لن تصرف لتبديل الدم العربي المصري والذي يحترق لأجل مايسيل من دماء إخوته في الطرف الآخر من المعبر .

وظلم ذوي القربى اشد مضاضة             على المرء من وقع الحسام المهند




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !