مواضيع اليوم

غزة الجريحة في عيون أدباء وكتاب عرب

نوارة لحرش

2009-01-07 22:01:06

0

 

 

غزة الجريحة في عيون أدباء وكتاب عرب

 

قدر بائس آخر ، يلون قلوبنا بالدمع والألم والفجائع..غزة الغصة الكبيرة العالقة في ضميرنا العربي الخامل والعاطل إلا من التنديد والشجب والصراخ المكتوم في معظمه والصارخ في بعض الأحيان،كيف لغزة أن تعفو أو تغفو عن ضميرنا الجمعي المتفرج على دمها المغرورق بلا منتهى ، كيف لها أن تغفر له أو تصفح عنه...هل قدرها أن تبكي وتنزف أمام شاشات الدنيا، وهل قدرنا أن نتفرج على جرحها المفتوح ونحن نتوكأ ألمنا العالي،و وجعنا الخجول،ماذا نقول أمام هكذا غزة جريحة وشهيدة،ماذا يقول المثقف العربي في غزة الآن وفي الذي يحدث فيها...هنا وقفات/غصات بعض الكتاب العرب.

 

سعدية مفرح/ شاعرة كويتية ورئيسة القسم الثقافي لجريدة القبس

 

(الجرح المفتوح على كل الاحتمالات)

 

لم تشأ السنة المنصرمة إلا أن تودعنا بمشهد الدم الفلسطيني وهو يمارس هوايته الأبدية،منذ أن كان الدم ومنذ أن كانت فلسطين ومنذ أن كنا..يسيل في الشوارع بجبروت البقاء الأخير مؤكدا على هويته الإنسانية أولا،والوطنية ثانيا،والمأساوية دائما،ومؤكدا قبل كل هذا ربما على مصيره لدى الآخرين أبدا. هو الدم الفلسطيني الذي يسيل الآن كما سال بالأمس ويسيل غدا، بذات اللون والشكل،بذات الاسم والعنوان،ومن ذات المنبع لأنه إلى ذات المصب...حيث مأساتنا العربية وجرحنا الغائر.والنقطة السوداء في ضمائرنا مهما كبرنا...مهما صغرنا.

فلسطين ما زالت تسيل دما يسيل في الشوارع إذن، حتى وأن اختصرت هذه المرة في غزة فقط ، وما زالت جرحا مفتوحا على كل الاحتمالات الممكنة واللاممكنة، وما زالت فكرة غير قابلة للموت بين أضابير الحلول المقترحة من هنا وهناك ...فهي مازالت على الأقل فلسطين ، سواء اختصرت في غزة ، أم في جنين أم في رام الله أم في حيفا أم في القدس ...أم في بقية العناوين الفلسطينية المتشابهة في لون الدم والمتوحدة في شكل المأساة على الرغم من اختلاف الشعارات المرفوعة في المظاهرات المضادة.

ولكن ماذا يعني أن تبقى فلسطين "فلسطينا" في ظل موات تام رغم صيحات الألم الغبية التي يمارسها الجميع ، العرب تحديدا ، الذين ما برحوا يستمرؤون لعبة الاكتئاب والصراخ ولعب دور الضحية الدائمة لكل أحد وكل شيء في كل زمن؟،لا شيء طبعا..سنتظاهر كثيرا، وسنرفع الرايات والشعارات ونردد الصيحات المهددة بالويل والثبور وعظائم الأمور ونعود إلى بيوتنا في آخر الأمر لنشاهد التلفزيونات حيث الدم الفلسطيني ما زال يسيل.. ويسيل..ويسيل!!.

 

إبراهيم نصر الله/ شاعر وروائي فلسطيني أردني مقيم في الأردن

 

(مذبحة معلنة)

 

 

ما يحدث في غزة الآن هو مذبحة معلنة لا تنفذها إسرائيل بطائراتها وبوارجها ودباباتها فقط بل ينفذها عدد من الحكومات العربية بالتواطؤ المباشر الذي لا يقل في قسوته تدميرا عن طائرات إف 16. وإذا كان البعض يقف اليوم معتقدا أن هذا التدمير هو تدمير لحماس، فإن الأيام ستثبت له غير ذلك، لأن ما يحدث هو أكبر عملية تمنح فيها إسرائيل رخصة القتل لتنفيذ مذبحتها الكبرى هذه ضد الشعب الفلسطيني، وهذه مقدمة حقيقية لما يمكن أن نشهده مستقبلا من مذابح بحق الشعب الفلسطيني تحت ذرائع أقل من ذرائع إسرائيل الحالية بكثير، لأن هناك هدفا واحدا يشغل كثيرون مرتبطين بإسرائيل وبالولايات المتحدة الأمريكية، ألا وهو تصفية القضية الفلسطينية، أو حشرها في أضيق زاوية يمكن أن تنمسخ فيها هذه القضية، بما يضمن سلبها معناها الأخلاقي والوطني والإنساني في العالم العربي وبقية دول العالم. هذه الحرب حرب تصفيات واجتثاث لفلسطين من الضمير العالمي تحت ذرائع تنسى حق الشعوب في المقاومة لتتناسى أن الاحتلال هو أعلى درجات العنصرية.

 

موسى حوامدة / شاعر فلسطيني مقيم في الأردن

 

(إنتصار للمقاومة الفلسطينية)

 

لا نملك إلا الوقوف مع حماس في تصديها الباسل للعدوان الجديد، فقد تم اقتلاع الشعب الفلسطيني من جذوره عام 1948 بتواطؤ غربي أوروبي وأمريكي، وتم توسيع الكيان الصهيوني على حساب الشعب الفلسطيني وحتى اليوم تعمل اسرائيل لتهويد كل فلسطين، وحين يعترضها أي فصيل فلسطيني أو مواطن فلسطيني يرفض الإنصياع للمشروع التوراتي الاستعماري، فهي لا تتورع أن ترد عليه بكل أسلحة القتل والدمار، برغبة صهيونية بالسيطرة على فلسطين وطرد أهلها الشرعيين.

وهذا ما جرى في مئات القرى الفلسطينية طيلة أكثر من ستين عاما وما جرى من ملاحقة للفدائيين الفلسطينيين في الأردن ولبنان وتونس وغيرها لهذا إن ما يجري في غزة حلقة من حلقات تهويد فلسطين واجتثاث شعبها، رغم ما ثبت للحركة الصهيونية من أن الشعب الفلسطيني عصي على الفناء والتذويب والتهويد أو التلاشي ، فما زال يقاوم ولن يستكين ولن يصمت، حتى تنكسر شوكة الكيان الغاصب. وقد تبين أن نهج أوسلو ونهج التسوية لم يرفع الظلم عن سنتمتر مربع من الأرض الفلسطينية لذلك كانت هذه الضربة موجهة لكل من توهم بقبول إسرائيل للسلام وهو انتصار جديدة لروح المقاومة التي تبين أن الضمير العربي والشارع العربي والضمير العالمي يقف بقوة مع الحق الفلسطيني وهذا انتصار جديد وتأكيد جديد على استمرار المقاومة، وعدم انكسار الشعب الفلسطيني.  لا بد من احياء ثقافة المقاومة بكل الأشكال لمواجهة هذا العدو المتغطرس وكل من يقف معه من البيت الأبيض وحتى عشرة دوانينغ ستريت وقصر الإليزيه، وبعض العواصم العربية. لكن علينا أن ننتبه أننا ضد استمرار الإنقسام الفلسطيني وضد الانقسام العربي وضد تشتيت القضية بشتم هذا النظام أو ذاك لأن القضية الفلسطينية هي ضمير العالم كله وليس العرب فقط، والعرب قبلنا يعرفون واجبهم ومصيرهم وقضيتهم، وهم لا يحتاجون منا إلى المزايدة ولا إلى الشكر والمديح، إن ما جرى حتى الآن انتصار للمقاومة الفلسطينية، بعد الانتصار الذي حققه لبنان عام 2006، وهي رغم الألم ورغم أعداد الجرحى والشهداء، لكنها مؤشر على فشل العدوان مجددا، سوف تكون له نتائج إيجابية في المستقبل المنظور.

 

خالد سليكي/ كاتب وناقد مغربي مقيم في بوسطن الأمريكية

 

(عن القضية الفلسطينية..أيضا..وأيضا وأيضا)

 

في فترة من حياتي، كانت لدي عدة مواهب ، منها جمع عظام الحيوانات، والأحجار، والحشرات.. مما نمىَّ لدي خبرة عالية، وأنا في مقتبل العمر، في عالم الحشرات والنباتات وتشكل الأحجار وأنواعها..وكان لفن التحنيط نصيب كبير من هذه المواهب..فقد كنت أحنط الطيور والأفاعي والحشرات، والأسماك..حتى تحولت غرفتي إلى حديقة محنطة، فيها الموتى يقفون وهم ينتظرون عودة  الحياة..وكنت بذلك أحاول أن أجد معنى للموت أهيء نفسي لاستقبالها بمفاهيم خارج الفهم الديني...وحين التحقت بالجامعة، بدأت أتخلى تدريجيا عن ممارسة نشاط التحنيط وجمع العظام..فقررت ذات يوم أن أتخلص من كل شيء، سوى هدهد احتفظت به في بيتي تيمنا بالأساطير القديمة، وببركات سليمان..غير أن خالة أمي التي كانت تزورنا في بعض المناسبات كان يطيب لها أن تتبرك بالنظر إليه، واكتشفت مع مرور الأيام أنها كانت »تنتف« ريش الجانب الأيمن من رأس الهدهد لأن ابن أخيها كان معتقلا »سياسيافي السجون وكانت تهديه بركة سليمان لأن ريش الهدهد يقي من العين ومن شر المخزن..

ظل الهدهد يفقد ريشه إلى أن غاب عن أنظاري، ولم أحظ من كل تلك الثروة سوى بريشتين حملتهما معي إلى جنائني المختارة..واليوم كلما عادت بي الذاكرة إلى اللحظات التي كنت أقتل فيها الأفاعي والطيور أصاب برهبة غريبة..أجلس فأتأمل عيون الطيور وهي تفارق الحياة بين أصابعي ، أعود إلى الريشتين فأتذكر الهدهد وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة على كفي اليمنى..أتذكر طيورا مهاجرة كانت تحط على أعمدة الكهرباء فأصطادها بعد أن أوقع بها في كمين أنصبه لها ببراعة..

صرت اليوم أكثر تقديرا لمعنى الموت..معنى القتل..معنى أن تنظر إلى الحمام وهو يتناول بمنقاره حبات الزرع..معنى أن يتوقف الجسد عن الحركة ويلج عوالم الصمت في اتجاه المجهول..في اتجاه اللاعودة..في اتجاه النهاية التي لا نهاية بعدها..!؟

أستحضر كل هذه الذاكرة بسبب المشاهد اللاإنسانية التي تتكرر على أقدم منطقة في تاريخ الحضارات البشرية..فلسطين..أرى مشاهد الموت والدمار والقتل والعنف فأحار في التمييز بين الموت والحياة..من يستحق الحياة ومن لا يستحقها..الحياة حق مقدس. أحاول أن أفكر بحياد في كل التاريخ الفلسطيني. تاريخ الصراع. تاريخ العنف والعنف المتبادل. أعود منقبا في كتب التاريخ القديمة.  تزيدني الحيرة ضياعا فأرى أن كل تاريخ "النضال"  لم يكن سوى هياكل عظمية لأجساد تعبت من الحياة فاختارت المدافن.

أعيد مساءلة كل المفاهيم:  معنى النضال؟ معنى الأرض؟ معنى المقاومة؟ معنى فلسطين؟ معنى الشهادة؟ معنى البندقية؟ معنى الخيانة؟ والنصر؟ فلا أجد غير صور الموت وأخبار الموتى والضياع والتهجير..صور لمشاهد الإبداع والحماس..!؟

ما معنى أن »نحرر كل فلسطين«؟ ما معنى أن »نتضامن مع الشعب الفلسطيني«؟ ما معنى أن نتبرع لشعب فلسطين؟ ما معنى أن نجاهد من أجل فلسطين؟ ما معنى أن يتحد العرب من أجل كلمة واحدة من أجل فلسطين؟

أجد كل المعاني تقودني إلى اللاطريق، وأتذكر نصا لصديقي الشاعر رضوان أعيساتن كان قرأه علي في بداية التسعينات من القرن الماضي: »وأجمل الطرق الطريق التي لا تؤدي .«!هل حقا فلسطين تحتاج إلينا جميعا؟ هل يحتاج الشعب الفلسطيني إلى كل العالم كي يستعيد »حقه«؟ هل يحتاج الفلسطينيون إلى أموالنا وتضامننا؟

يبدو أن العقود الطويلة من »النضال« و»الانتفاضة « لم تكن سوى ملحمة لكتابة الأشعار وصناعة الألم الذي صرنا نلتذ به جميعا، حتى تحولنا إلى مازوشيين. في الوقت الذي تغير فيه وجه المنطق الذي يحكم العالم. فلم يعد ينظر إلى العالم بالأبيض والأسود والخير والشر، بل هناك معادلات أكثر تعقيدا هي التي تنشط في كواليس الوجود..انتهى قاموس »الخيانة« و»العمالة« و»الرجعية«..لأن الشعب الفلسطيني ليس في حاجة إلى العالم بقدر ما هو في أمس الحاجة إلى نفسه..وليس في حاجة إلى المال والمساعدات، بقدر ما هو في أمس الحاجة إلى البحث عن الأرصدة السرية التي فاقت كل تصور..إن الشعب الفلسطيني ليس في حاجة إلى تضامننا، لأن ما ينقصه هو أن يتضامن هو أولا كمكونات..

 أرى أن لغة »الشعارات« و»التضامن« لم تعد تجدي، فإذا كانت ذات نفع في السابق، فإن العرب إن كان هناك من شيء يميزهم، اليوم، فهو أنهم يخلفون موعدهم مع الفرص التاريخية..فإذا كانت الفرصة لا تمنح إلا مرة واحدة، فإن القضية الفلسطينية مُنحت الفرص مرات ولكنها لم تكن في الموعد..وأرى أن ما يزيد من تعميق جراح الشعب الفلسطيني هو هذا الوقوف اللامشروط للشعوب العربية التي إستهوتها موهبة تحنيط الزمن والتاريخ، واستهوتها هواية »نتف« ريش الهدهد الفلسطيني تيمنا بالقضية العربية والهوية الإسلامية وإثبات »أننا هنا«..وكأن الشعوب العربية لم تعد تجد من قضايا سوى »فلسطين«، والحال أن في كل شارع من العواصم العربية فلسطين بحاجة إلى رجالاتها للوقوف في وجه مشاهد الدمار والقتل والعنف..

ينبغي أن نتخلى عن عاداتنا ومواهبنا في تحنيط اللحظات وأن نتوقف عن عادتنا في قتل الأحياء ونحنطهم كي نستمتع بحضورهم الجامد، ونحن في أعماقنا نعلم أن الموت لن يكون أبدا انتصارا على الحياة..

 

عبد السلام العطاري/شاعر وكاتب فلسطيني ورئيس بيت الشعر الفلسطيني

 

(وما زلنا نقرع جدران الخزان)

 

جريمة تتكرر كعادتها على مرأى العرب قيادة وحكومات وجماهير، منذ أن كان الدنس يحفّ فلسطين ونحن نقع تحت طائلة القتل والتدمير والمحو والسلب والنهب والغدر والخديعة من العدو ومن الأقربين الذين صمتوا وما زالوا فقط على الهتاف وعلى ما كان من حرف وكلمة.

بصدق لم يعد يفي هذا بشيء وما يجري في غزة هو سلسلة بدأت منذ العام 1948 ولا أستغرب ما يحصل على الإطلاق، وما يجري هو حتى يستوعب العرب عمّا قليل حين يروا جنازاتنا تُشيع بمئات المئات أو يختصر مشوار الجنازة  ليكون الردم والركام خطوتنا الأخيرة،وحتى يصبح الأمر اعتياديا طبيعيا، وحتى يصبح الموت مشهدا يوميا عاديا ويصبح خبرا مملا  سرعان ما يتم تحويل (الرموت كنترول)  إلى (ستار أكاديمي) و(نجمات الموديل)  وأغاني (الروك والهيب هوب)  وإلى ما يروّح عن النفس ويريحها من عناء هذا المسلسل الطويل،لست متشائما ولا نافضا يدي من عروبتي ومن كينونتي الإسلامية والأممية وإنما هذه الحقيقة التي علينا كفلسطينيين أن نعرفها وأن ندركها منذ القتل الأول والخديعة الأولى التي حلّت بنا،وذاكرتي ما زلت تعج بالصور والمشاهد التي كانت تجوب شوارع العواصم العربية وسرعان ما ينتهي هذا التنفيس عن المشاعر ويعود إلى حالة يعتادها المواطن الشقيق كما يعتادها المواطن هنا على الأرض،. كم مرة علينا أن نذكّر أننا ندق جدران الخزان...كم مرة علينا أن نقرع طبول النجاة..وكم من جيل وجيل علينا أن نبقى على هتاف الحرية والخلاص وننشد (وين الملايين) ما كان كل ذلك غير هز وسط ودق كعب وتعرّق الجسد من حلم الانتصار المؤجل للشهداء المؤجلين...ومع ذلك ما زلنا نقول لم نتعب بعد لم تتمزق قبضاتنا ولا حناجرنا من طلقة الصراخ، وسنبقى على هذه الأرض..هذا قدرنا وهذي فلسطيننا وحدنا..وهذا كنعان لنا..وهذا البيت لنا..كل هذا لنا والـ نحن تجمعنا حين نقبض على الجمر كلنا..وكلنا وحدنا.

 

 

يحيى القيسي/ روائي وصحفي أردني

 

(مذابح غزة : من المسؤول؟؟)

 

 

يمكن لي أن أكرر ما قيل شاجبا ومستنكرا وداعيا..الخ ،ولا أقصد هنا ما قيل منذ بدء الهجوم بل منذ قيام الكيان الصهيوني ،وما قبله أيضا أي أكثر من سبعين عاما من الجعجعة،والتخوين،والمطالبات،والبكاء على المذابح التي يتعرض لها الفلسطينيون، ولا أحد توقف ولو للحظة للتساؤل، ومراجعة الذات، ومعرفة الأسباب الحقيقية لكل ما جرى، وكيف يمكن توقيف النزيف على الأقل..؟. إن المثقفين العرب قد انضموا طواعية أو كرها، عن علم أو جهلا ، بالتعبير الكلامي والكتابي المجتر، الذي لا يستطيع أن ينقذ قطرة دم واحدة لطفل في غزة أو في العراق أيضا ( هل نسيتم العراق؟؟)...!. أستطيع أن أكتب هنا مشاركة نارية، عاطفية تبكي، وتستجدي الضمائر العربية،والقادة الأشاوس من أجل التضامن ووقف (حمام الدم) ..لاحظوا أن الجمل أصبحت مكررة وكلاشيهات جاهزة مثل خزانات الرصاص التي تحرث الأجساد، وتزهق الأرواح..!، اليوم قرأت خبرا عن القائد الحماسي ريان وكيف حصدت الغارة 13 فردا من عائلته مرة واحدة، وكيف أنه رفض أن يرحلهم من البيت رغم علمه بأنه سيقصف..، هل أكون هنا ضده لو انتقدت مثل هذا الإجراء الانتحاري الذي يناقض مبادئه الدينية وتخصصه الشرعي؟؟..هل أقول بأن حماس تورطت في إنشاء دولة على أسس دينية، وأن الإسلام في جوهره دعوة للناس كافة وليس دولة ولا علاقة له بالسياسة،وأن كل التجارب التي أرادت أن تجر الدين إلى السياسة والملك فشلت..!..هل أقول بأن ثمة تواطأ أيضا عربي للتخلص من حماس ولو كان الأمر على حساب المزيد من الضحايا سواء من المدنيين أو المسلحين، وأن عدم معرفة مخططي حماس وقادتها لمثل هذا الأمر يعد كارثة حقيقية وتعامي عن الحقائق،وبالتالي دفع الثمن بشكل مضاعف..!. ربما ليس الوقت مناسبا لمثل هذا الكلام - وبالمناسبة دائما الوقت غير مناسب- ويكون على المرء ، وأنا هنا أقصد جماعة المثقفين والكتاب أن يتبعوا الجماهير الثائرة في توجهاتها لا أن يقودوها..!

غزة وشهداؤها في النهاية فصل من فصول الهوان العربي والتخاذل الدولي وأيضا قصر النظر وسوء التخطيط عند القيادات التي حصدتها الطائرات..!

 

 

سعد سرحان/شاعر وكاتب مغربي

      

                  (الذئب حقيقي هذه المرة)

 

يا لهذه المجزرهْ:

       أجساد ظلماء

       تسفك

       أرواحاً مقمرهْ.

   

  

 

      منذ فجر الأديان وفلسطين رحم خصبة للأنبياء، حتى أنها صارت الآن نبياًّ لهذه الأرض.

     غير أن ما يحدث لها يفوق ما حدث لغيرها من الأنبياء مع أقوامهم. لنقل إنها يوسف: الذئب حقيقي هذه   المرة وله شراسة الذئاب قاطبة. الدم ليس كذباً. ولا بئر، ولا أحد عشر كوكبا، بل اثنان وعشرون مستنقعاً لا ينعكس الضوء عليها إلا مُعَفَّراَ بظلام آسنٍ. أما الصمت فهو صنو العواء.

        نكاية

       فلتعتصمْ

       بدمك المسلح بحليب الألمْ

       سيجن الجلاد

       إن بقيت عاقلا

       سيجن إن بقيت

       عالقا

       بالحُلُمْ

      ولتعتصمْ

      بالوجود

      نكاية في هذا العدمْ.

     ما يحدث : الجبن مسلح والشجاعة عزلاء، هكذا يتقدم الباطل بحجج من حديد وبراهين من نار كي يفحم  الحق بالتنازل عن نفسه.

     ما يحدث : امتحان آخر يلقي فيه القاتل أسئلة الفتك على القتيل فيرسبان معاً، فيما تنجح الأرض، ولو بعد دهر، بميزة شقائق النعمان.

     ما يحدث : أطفال في عمر الآيس كريم و الطروتينط و البلاي سطيشن... يبذلون أرواحهم كي يسددوا ديْنا مُلفقا للتاريخ على الجغرافيا بفوائد يحددها صيارفة الدم.

     ما يحدث : أرض حرون تحت أقدام أصحابها وسائسون، بقلوب من حجر وسياط من لهب، يسوقونها إلى إسطبل في التلمود.              

    ما يحدث : الحضارة رهينة الهمج.

    

        ( عواء)

 

واحد وعشرون كوكبا

أقلعتْ عن عادة السماءْ

فانعكستَ وحيداً

وعميقاً

على

صفحة

الماءْ

فإذا أنتَ عطش الذئب

وإذا البئر منك

طافحة بالدماءْ

...

...

وكان أن خرجتَ عارياً

بينما قمصان إخوتك

مضرجة بالعواءْ.

 

شريف الشافعي/ شاعر مصري مقيم في السعودية

 

 (مذبحة غزة والضمير العربي الجمعي المستكين إلى اليأس)

 

ليس جديدًا ولا مستغربًا، أن يقدم الكيان الصهيوني بدعم أمريكي سافر على ارتكاب مثل هذه المذابح الجماعية الوحشية، التي يراد بها أن تكون سكرات موت للوجود الفلسطيني، وللضمير العربي في الوقت ذاته.

وفي حين تبقى المقاومة الفلسطينية حالة متفردة من اليقظة والاستنفار الدائمين، وتزيدها تلك الجرائم بأسًا وإصرارًا ورغبة في النيل من العدو الشرس، الذي فرض الموت على الجميع، وجعل الاستشهاد فرصة حياة محتملة لمن هو ميت أصلاً..، فإن الضمير العربي الجمعي يبدو مستكينًا أبدًا إلى اليأس، وينحصر رد فعله عقب كل هولوكوست في دوائر: الأنين الشعبي المكبوت، والتحرك السياسي العشوائي المحكوم عليه بالفشل بسبب الانقسامات وتعارض المصالح والتعويل على المنظمات الدولية، والتعبئة الخطابية والإعلامية الزاعقة (من أفراد وحركات عزل)، المصحوبة بتظاهرات جماهيرية، للاقتصاص من القتلة، وتسوية القضية، وتغيير موقف الحكومات العربية من إسرائيل، التي باتت لا تحرص على عهد، ولا تحترم معاهدة.

لقد اتسعت الفجوة إلى أبعد الحدود، بين ما يرجوه المواطن العربي في قرارة ذاته، وبين ما ينتظر تحقيقه بالفعل. لقد تم استعمار الإرادة، وتسويتها بالأرض، وذاب طموح الفرد تمامًا في برمجيات القطيع، الذين يتم التحكم فيهم عن بعد، بالريموت كونترول في يد القوة المهيمنة.

ومما يعمق إحساس المواطن بالعجز، وفقدان الثقة بذاته، إدراكه عجز حكومته، وفقدانه الثقة بها، الأمر الذي يخندق المسألة الفلسطينية عمومًا في شريط ضيق، ويعزلها عن الفعل العربي واسع النطاق، اللهم إلا في إطار المساعدات المادية والإنسانية، وبعض الأسلحة التي يتم تهريبها، فضلاً عن الجهود الدبلوماسية والتفاوضية التي وصلت بالأوضاع في فلسطين إلى مذبحة غزة، التي تحدثت فيها الآلة العسكرية بلغتها البربرية، ساحقة الإنسان سحقًا.

إن حدوث تغيير نوعي في السياسة الإسرائيلية المتبجحة، المضرجة بدماء الأطفال والنساء، مرهون بتغير ميزان القوة في المنطقة، وهذا لن يحدث إلا بإجراءات استثنائية منسقة بين الدول العربية والإسلامية الكبرى، ذات الثقل السياسي والعسكري، التي من الممكن أن تمارس ضغوطًا على إسرائيل وحلفائها الغربيين بأكثر من وسيلة متدرجة، وبدون التنصل من المعاهدات والالتزامات الدولية، وهي بذلك تناصر القضية الفلسطينية بفاعلية مباشرة وتحمي نفسها من جهة، كما أنها تكسب ثقة مواطنيها وتبني إرادتهم الحرة من جهة أخرى. على أن ما يبدو فوق أرض الواقع من انقسام، وتغليب للمصلحة الفردية على المصلحة المشتركة، وإيثار البعض السلامة العرضية المؤقتة على مغامرات غير مأمونة العواقب، يجعل مثل هذه الأطروحات محض أقاويل خيالية.

أما الذي يبدو من أول وهلة، في الوقت الراهن، تفوقًا إسرائيليًّا مطلقًا وتقدمًا نحو تحقيق أهدافها في غزة فوق الجثث والأشلاء، فإنه في حقيقة الأمر مكسب بطعم القلق وعدم الاستقرار لسنوات مقبلة، فحتى لو قتلت القذائف آلافًا من شرفاء غزة، فإن هذه المجزرة الوحشية قد ضاعفت عشرات المرات الرغبة في المقاومة والثأر لدى سكان غزة، الذين لم تسلم أسرة منهم من فقدان عزيز، وهذا يعني أن الآلة العمياء عندما تقتل فإنها تنسف مع الشهداء كل فرص التهدئة والتسوية السلمية، التي نادى بها من وصفوا في فترة سابقة بالعقلاء الواقعيين.

 

راسم المدهون/شاعر فلسطيني مقيم في دمشق

 

(للثقافة أن تقول كلمتها)

 

يصعب أمام هول ما يجري في غزة منذ أيام أن أكون هادىء الأعصاب ، وأن أتحدث بلغة باردة. موجة القتل الهستيرية التي تجتاح مدن وقرى ومخيمات القطاع الصغير والمحاصر ، تجعل الصورة تندفع رغما عنا جميعا لتقارب السؤال الكبير والمفتوح على إجابات شتى : ما العمل ؟.وبكلام أوضح ، بل وأكثر مباشرة : هل يستمر انهيار النظام العربي على النحو الذي نشهده منذ هزيمتنا الكبرى عام 1967 مرورا بهزائمنا وانهياراتنا اللاحقة ؟

هل يمكن أن نصدق أننا لم نعد نملك من أمرنا إلا الهتافات والصراخ بغضب في الشوارع ؟

هي أسئلة تبدو بارزة في قلب المشهد الدامي بقوة، ولأنها على هذا النحو الساطع فإنها تدحرج إلى وقفتنا الذابلة أسئلة أخرى : هل يستمر العجز العربي عن إحراز تقدم ما على صعيد الحالة الرّاهنة في فلسطين سواء إيقاف المجزرة أولا وقبل أي شيء آخر ، أو العمل الجدّي من أجل لملمة الصف الفلسطيني المنقسم إن لم نقل المتشظي منذ قرابة العامين ؟ يصعب بالنسبة لي رؤية فلسطين خارج صورتها الطبيعية كمعادل موضوعي لأحلام العرب الكبرى ولخيبات العرب الكبرى أيضا.

فلسطين ليست بالتأكيد تلك المساحة الجغرافية التي نعرفها من الأطلس ، بل هي ضمير مستتر مرّة ، وفصيح مرّات لكل هموم المواطنين العرب من المحيط إلى الخليج ولكل أحلامهم العادلة في الخبز والحرية والمساواة في المواطنة ، تماما كما للديمقراطية والتعددية والتحديث وتنمية الأوطان والخروج من ظلامية العصور الوسطى وتخلفها.كل جهد عربي لا ينصب في الهدف الأهم هدف إيقاف المذبحة بأسرع ما يمكن هو جهد ضائع ومضّيع. ولأن الدم ليس ماء فلا مناص من الحوار العربي المفتوح للإجابة عن الأسئلة الكبرى والصغيرة على حد سواء.

لا أعتقد في لحظة الذبح الهمجية الرّاهنة أن نصرا ممكنا دون حرية. ولا أعتقد بالقوّة نفسها أن حدث غزة الدامي سيكون مجرد حدث عابر يمضي وينقضي. تعالوا لنفتح دفاتر الدم ونقرأ أسئلة الشهداء والجرحى . المثقفون العرب هم من تتوجه إليهم الأسئلة وليس البنى الفوقية التي تدور منذ نصف قرن في حلقة مفرغة، في الدم يصعد وهج الثقافة، على العكس تماما ممّا يتخيل البعض ، ذلك أن الرّد على كل ما يجري هو بالضرورة رد حضاري يعرف كيف يبني لنا القوّة في الميادين كلها كي نشبع ونفكر ونمتلك إرادة متينة للتصدي والفعل.

 

حسن طلب / شاعر مصري

(مأساة عربية جديدة)

 

الأحداث الأخيرة في غزة،هي بالطبع مأساة إنسانية بالغة البشاعة كما يراها الأحرار من البشر في كل مكان، وهى بالنسبة لنا مأساة عربية جديدة من تلك المآسي التي نعيشها بلا انقطاع منذ عقود،وقد تصاعدت وازدادت كثافتها في السنوات الماضية، وبالتحديد منذ أكثر من خمس سنوات، أي منذ الاحتلال الأمريكي للعراق ثم العدوان الإسرائيلي الوحشي على جنوب لبنان في صيف 2006. لقد شاهدنا في السنوات الأخيرة هذه أهوالا جساما وعشنا لحظات كابوسية ثقيلة أمام جثث الأطفال وأشلاء النساء في فلسطين والعراق ولبنان، وأصبحنا جميعا نعلم أننا ندفع ضريبة ضعف أنظمتنا العربية وعجزها وقلة حيلتها، والأرجح أن مزيدا من الدماء العربية ستراق، ومزيدا من الضحايا الأبرياء سيدفعون حياتهم ثمنا لبقاء هذه الأنظمة على حالها، لبست المسألة هي وحشية العدو الإسرائيلي وانتهاكه للمواثيق الدولية كافة، فهذا هو ما عرفناه عنه وحفظناه، ولكن المسألة هي في عجزنا نحن العرب، وفى فرقتنا وتشرذمنا وهواننا على أنفسنا، ولا أستثنى من هذا الفلسطينيين أنفسهم،فقد وصل الأمر ــ كما رأينا في العامين الأخيرين ــ إلى حد الاشتباك المسلح وسقوط الضحايا، بين السلاح الفلسطيني هنا والسلاح الفلسطيني هناك، وفى ظل ضعف الأنظمة العربية الأخرى ، فلم يكن بالإمكان التوصل إلى نزع فتيل هذا الصراع الذي ظلت إسرائيل تذكيه، ووجدت فيه المناخ الأمثل لعدوانها الوحشي، الكلمة الآن لم تعد بيد هؤلاء الملوك والرؤساء العجزة، بل بيد الشعوب وحدها. 

 

محمد بلمو / شاعر وصحفي من المغرب

 

(على دعاة السلام الموهوم أن يكفوا عن إعادة إنتاج مواقفهم البليدة)

 

من الغباء أن يواصل بعض العرب الهرولة وراء "السلام" مع إسرائيل، فهذا الكيان قام –على خطى حليفه الوفي أمريكا- على أساس وبالحرب، فكما أباد الأمريكيون السكان الأصليين (الهنود الحمر)، نشأ الكيان الصهيوني وغذى استمرارية وجوده من خلال إبادة الشعب الفلسطيني، وإشعال الحروب والكوارث في المنطقة. واليوم يتأكد العالم مرة أخرى، وعلى أرض الواقع بغزة أن عقيدة وثقافة وحضارة وإبداع "إسرائيل" هو الحرب والإبادة والاغتيال وسفك دماء الأبرياء من الأطفال والنساء والعجزة. وبالتالي على دعاة السلام الموهوم أن يكفوا عن إعادة إنتاج مواقفهم البليدة من الصراع مع ذلك الكيان، وأن يتأكدوا أن أي سلام مع هذه الآلة الحربية التي تسمى إسرائيل، لا يمكن أن يتحقق ويحقق مطالب الشعب الفلسطيني في الاستقلال والحرية إلا إذا مال ميزان القوى لصالح الفلسطينيين. والحال أن هذا الميزان لم يكن في يوم من الأيام يميل لصالح إسرائيل، بالدرجة التي يميل بها الآن. فالهمجية المنقطعة النظير التي تمارس حاليا إسرائيل في حق فلسطينيي غزة، وتحصد مئات الأبرياء قتلى وجرحى، ويتابع فصولها على الهواء مباشرة سكان المعمور، لم تحرك ساكنا في قلوب الحجر الذين يحكمون العالم، ولم تحرك نخوة حاكم عربي واحد يراكم الأسلحة ويتهافت على جديدها، ليهدد مجرد التهديد بقطع الإمدادت النفطية، وليس باستخدام أسلحته الصدئة ضد العدوان.

ما هو مطلوب الآن، هو أولا استعادة كفاح الشعب الفلسطيني ووحدة فصائله، وما هو مطلوب ثانيا هو إسناد المحاصرين في غزة بما يحتاجون إليه من سند حقيقي مادي ومعنوي، وعلى القادة العرب أن يتحركوا بقوة وصدق وصرامة لوقف العدوان، وعلى مثقفي العالم ومناضليه الحقوقيين، أن يمارسوا كل أشكال الضغط لوقف المجازر المتلاحقة في غزة، وأن يعملوا على محاكمة زعماء إسرائيل كمجرمي حرب.

 

جريدة النصر الجزائرية في 6 جانفي 2009

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !