ماهر حسين.
غزة هاشم ...غزة التي أهوى ...تعرضت غزة منذ الاحتلال الإسرائيلي لأراضينا عام 1967 إلى أزمات شديدة ..دفع ثمنها الإنسان الفلسطيني هنــــاك ...مع كل الأزمات ومع كل المصائب ومع كل المصاعب بقيت غزة وأهلها مثال للتضحية وللإصرار على الانتماء ...فغزة درس في الانتماء...
تعرضت غزة منذ الانقسام الفلسطيني الذي تمثل بانقلاب الأخوة بحماس على الشرعية الوطنية إلى العديد من العوامل المؤثرة سلبا" على المواطنين هنــــاك ... فتأثرت غزة ...بمجتمعها ...واقتصادها ...وبكل القطاعات التي توجد من أهلنا هنـــاك .
الأذى النفسي كان له البعد الأكبر ..فلقد شاهدنا قتل الأخ لأخيه باعتباره عمل منظم ومُمنهج ومُبرر دينيا" وليس عمل فردي أو فعل إجرامي أو عمل مرتبط بالاحتلال وأعوانه ...وشاهدنا هجوم وحرق مقرات وللأسف شاهدنا عمليات نهب في مقرات حكومية واعتداء على رمزية أماكن لها ما لها من تاريخ وحاضر .
الأذى النفسي ترك أثره على المواطن وأنقسم المجتمع ...هناك الشامت والحاقد والمرتبط بأحزاب وجهـــات وهناك الذي يريد الانتقام وأدى الانقسام إلى تبدل الوجوه فأتى المنافس ...الرافض لكل ما هو سابق ...فحارب وهادن وهادن وحارب وقتل وقمع وأعتقل ....فخلق الحاقد وعزز الانقسام بأفعاله وتبين بأن لكل حاكم ولكل سلطة عيوبها فزاد مأزق الحكم بغزة كفكرة ولم يعد هناك إصلاح أو تغيير بل زادت رغبة الناس بالعودة إلى الماضي .
غزة حائرة ..غارقة بالأحقاد ...وقبل أن أخوض بحيرة غزة أو بغرقها بمشاكلها سأعود إلى الانسحاب الإسرائيلي من غزة واحتفالات الفصائل هناك بالنصر ولاحقا" لذلك الخلاف على أراضي المستوطنات وإدارتها والاتهامات للقاصي والداني بالسرقة ...يومها فرحت كما فرح كل فلسطيني مخلص بالانسحاب وحزنت على ما بعد الانسحاب فلقد اعتقدت أن الانسحاب الإسرائيلي فرصة حقيقية لتقديم نموذج فلسطيني ...نموذج فلسطيني يعبر عن حقنا بالحياة وعن قدرتنا على التطوير وتجاوز كل المصاعب ..وكما أنها فرصتنا للتعبير عن رغبتنا بالسلام واستحقاقنا للدولة ...ولكن وللأسف تجربتنا للتنمية وللتعمير في غزة بعد الانسحـــــاب الإسرائيلي كانت مثال للفشل لأننا غرقنا جميعا" في مجال المزا وده بعيدا" عن التفكير بالإنسان...أفلا يستحق الإنسان في غزة أن يعيش باستقرار بعيدا" عن الاحتلال وقريبا" من الأمل بالتطوير في القطـــاع ..ألا يجب أن نفكر هناك عمل حقيقي في قطاع التعليم والصحة والإسكان والبنية التحتية الخالقة للاستثمار الزراعي والصناعي ...ألا نتعلم من التجربة الفردية لصانعي الزهور بغزة ...ألا نفكر بحق الطفل الفلسطيني بان يعيش حياة كريمة وان يكون له الفرصة بالتعلم والتطبب الصحيح ...المعابر والميناء والمطار عناوين خلقتها المرحلة السابقة التي أتت لاحقه لأوسلو لماذا لا نبني عليها ونفكر بها؟؟؟؟ لماذا لا نتجاوز الخلاف من اجل غزة وإنسان غزة ...فشلنا وفشلت التجربة بالأعمار فجاء الإحباط والخلاف والانقســــام وأخيرا" المغامرة بالحرب على حساب الإنسان ...بكل ما سبق لم يفكر احد بالإنسان ...أذكر في الحرب بأنه احد قادة حماس صرح بان النساء في غزة ولدت في ذلك اليوم ما يفوق عدد من استشهد بفعل العدوان الإسرائيلي !!!ما هذا التلاعب بالمشاعر وما هذا المنطق البائس ...الشهداء كانوا أطفال ..وهل يعوض الابن أو الابنة مولود هنا أو هنـــاك ...حتى الأخ لا يعوض الأب والأم على فقدان أخيه ...هذا تلاعب وهذا استغلال وهذا منطق يعتمد على أن الموت والقتل والمرض والمعاناة وفقدان الأمل هو جو غزة وواقعها وما عدا ذلك هو الاستثناء ....وهذا ظلم كبير من القريب والبعيد ...وللأسف ...فلا حول ولا قوة إلا بالله ...
غزة الغارقة في الكراهية والإحباط ...باتت على بوابة تجاوز المحنه بالمصالحة و بفتح المعبر وبموقف حماس الجديد وواقعية خطاب مشعـــل ...غزة على موعد مع الأعمار ...ومع الحرية ...
وفي ظل ذلك أتت تصريحات الزهـــار الرافضة لتصريحات مشعل والتي خلقت بلبلة في صفوف حمـــاس ولاحقا" لذلك تم انتقاد الزهار علنا" وغاب عن اجتماعات قيادة حمـــاس في دمشق وتواردت معلومات عن استبعاده ...فغاب الزهـــار الذي يعد من أبرز قادة حماس بغزة الآن و الزهار هو واحد ممن دفعوا ثمن الانتماء لحماس ..ودفع الثمن بأغلى ما يملك ...استبعد الزهار وترك هذا أثرا" ...المزيد من الإحباط والمزيد من الإبعاد والمزيد من العزلة ...فخطاب الزهار يمثل الحرب والقتل ورفض التطلع لمستقبل أفضل وخطاب مشعل يمثل الأمل ولكن إستبعاد الزهار جعلني أرى مقالات وتقارير تتحدث عن أبعاد لقيادات الداخل والداخل هنـــا هو غزة ...... فمنطق الحديث عن الداخل الحمساوي والخارج الحمساوي أصبح مباحا" وها نحن نرى بان الوفود تتحاور لتعزيز المصالحة ...ولتشكيل الحكومة ويسود تعليق من هنا وهناك حول هوية رئيس الحكومة ؟ هنية مستبعد وهذا مؤكد ..هو غير مستبعد لأنه من غزة ولكن لأنه لا يخدم المرحلة التي تعيها حماس كما هي فتح والسلطة ...فياض والبرغوثي ووو شخصيات مرشحه ولكن البعض قال نريد رئيس الوزراء من غزة ...وهنا أقول بأننا نريد رئيس وزراء يخدم غزة وليس بالضرورة أن يكون من غزة وهذا أساس وهـــام للتفكير الوطني الفلسطيني .
غزة الفلسطينية والموحدة بإطار الشرعية الفلسطينية ستكون بدون رئيس وزراء ...أقصد رئيس وزراء غزاوي وقد يكون هذا لمصلحة غزة لو تمكن القادم الجديد لرئاسة الوزراء من تجاوز الحصار والعزلة ولو تمكن من خدمة الوطن وتعميره .. ولكن هل استبعاد الزهار وتأثيره على قيادات الداخل الغزاوي واستبعاد رئيس الوزراء من غزة دليل على استهداف لمكـــان ...بالطبع لا ويجب التأكيد على انه لا وألف لا لهذا المنطق ...ويجب أن نواجه هذا بوعي فلسطيني ونتجاوزه معا" ....وبظل هذا وبظل بعض المشاعر بالاستبعاد تتسارع الأحداث و يأتي الفصل الجديد في غزة ...وهنا يأتي قرار فًصل الأخ محمد دحلان من مركزية فتح ...محمد دحلان عضو مجلس تشريعي منتخب بأصوات ليست قليلة على الإطلاق وهو مرشح كفرد وليس ضمن قائمة وهذا تعبير عن وجود أنصار له في غزة وخارجها ...تم محاسبته وفصله بقرار من مركزية فتح وبغض النظر عن القرار وأسبابه فأنه يجري الحديث عن محاكمته وهذا ليس واقعي باعتباره عضو مجلس تشريعي ..لن ادخل بتفاصيل القرار وبل بالتأثير ..حيث أن جانب هام من التأثير هو ما دفعني لكتابة المقـــال هنـــا ...غزة ..كيف تأثرت وكيف شعرت ...غزة شعرت بالعزلة من جديد وشعرت بالاستهداف ولاحظت هذا بقراءات ومقالات تتحدث عن غزة ورام الله من جديد ...فتحاويا" الآن هناك حديث عن رام الله وغزة ...وكما أن هناك حديث عن حماس الداخل والخـــارج بظل شعور باستبعاد يجري الآن الحديث عن غزة ورام الله بشعور كبير من الفصل !!!!!وهذا خطير ...ما أود اختصاره بان غزة تشعر بالعزلة وتشعر بالاستثناء وتشعر بالظلم وهذا الشعور خطير وسيترك أثر خطير على القضية الفلسطينية ...غزة جزء من الوطن وجزء عزيز وأهلها كرام ...قد يكون ما حدث مع الزهار ولاحقا" له دحلان ترك أثرا" هنا وهناك ولكن لا يوجد إسم أو قائد يمثل غزة ...ولا فتح ولا حمـــاس يمثلوا غزة ......غزة أكبر من كل القيادات ومن كل الأسماء بما قدمت وبما مثلت من معنى حقيقي لقيمة الانتماء الوطني في فلسطين ولفلسطين ...غزة لم يتم استبعادها ولم يتم فصلها ...غزة تحتاج إلى ما هو أكثر من رئيس وزراء غزاوي ...غزة بحاجه إلى أن نعمل من اجلها ومن اجل إنسانها الكثير ..لنراها جميعا" ثمرة من ثمرات الانسحاب الإسرائيلي وحرية شعبنا ولنرى ثمرة من ثمرات القدرة الفلسطينية على الفعل والبناء ....غزة بحاجه إلى أن يكون إنسانها يمتلك فرصة الحياة بكرامة وعزة على أرضه وبخارجهـــــــــا بعيدا" عن الأسماء والانتماء ...غزة بحاجه إلى أن يبتسم طفلها لا أن يتعلم الموت والعذاب والقهر ...غزة بحاجه إلى أن يتعلم أبنها ويكون له الحق بالتفكير بمستقبل ...غزة بحاجه إلى بدايات أكثر مما تحتاج إلى نهايات ...غزة التي اهوي ....لها مني تحية ....غزة كبيرة وقد تكون أكبر من الجميــــع ...وهنا دعوتي لتجاوز الشعور بالاستبعاد والفصل .
ملاحظة : بمنطق (مهلا" يا عائشة ) أدعو أبناء شعبنا بغزة لعدم الاستعجال والانفعال والتعامل مع الأمور باعتبار الاستبعاد والفصل فغزة لا يمكن أن يتم استبعادها أو فصلها ... وبمنطق (مهلا" يا عائشة ) أدعو حركة فتح قيادة وكوادر وجمهور للهدوء والروية والتعامل مع ما يحدث بعيدا" عن إحداث انقسام يضعف الحركة ويضعف دورها وقدرتها على العمل لتحقيق أهدافنا بالتحرر وإقامة الدولة والسلام بالمنطقة وبمنطق (مهلا" يا عائشة ) أدعو قيادة حركة فتح للصبر والروية وهو نفس دعوتي للأخ محمد دحلان وأنصاره فلسنا بحاجه سوى للهدوء والروية ومحاولة تجاوز الأمور معا" بحب الوطن ومن أجل غزة
التعليقات (0)