غدا يزفون نعم إلى الصناديق، ستنتصر الدولة و المخزن و الأحزاب و الأعيان و الزوايا و الشيوخ و كل من رأى بعين الرضا و القبول دستور 2011، لكن قد تنتصر المقاطعة، و يمرر الدستور بأقلية كما برلمان 2007.
حصيلة الحملة الدعائية للإستفتاء، أظهرت فشل الدولة في تعاملها الحيادي لتزج بما لديها من موارد من أجل "تعم"، أظهرت إفلاس الأحزاب التقليدية مرة أخرى، أظهرت كيف صارت "نعم" مقياسا للولاء و البيعة و "لا" عنوانا للخيانة و العداء للسلطان و الأوطان، أظهرت كيف خرج من يرون أنهم أعيان القبائل الصحراوية في مهرجانات و لقاءات يهتفون بنعم للدستور و لأشياء أخرى، أظهرت أن لدينا زوايا و طرق و دراويش يشتغلون شغل العوام، أظهرت أن لدينا سلفية عصرية تؤيد الدستور المنادي بالديموقراطية، أظهرت أن لدينا شيعة من أجل الدستور نبذوا التقية ، أظهرت أن في المغرب شماكرية مقابل بلطجية، أظهرت أن زعماء الأحزاب هربوا للنواحي و لمداشر و مدن الجنوب بعد ان طردوا من المدن الكبرى حيث 20 فبراير، أظهرت أن الأطفال وقود المظاهرات، طفل يحمل لائحة " ارحل العدل و الإحسان" مقلوبة، هل يفقه الفتى الصغير ماهية الشعار؟ قد يكره على أساسها كلمتي "العدل" و " الإحسان" بما فيهما من معن سامية. أطهرت غياب التنسيق بين فاعليات 20 فبراير، أطهرت أنها معارضة نخبوية تعتمد مواقع التواصل أو تنتطر مسيرات الأحد، رغم أنها تعذر لما لاقت من تضييق و إرهاب نفسي و بدني.
غدا، إمتحان الدولة هو كسب رهان نسبة المشاركة، خاصة في المدن التي عرفت إقبالا ضعيفا في انتخابات 2007 و المدن التي تنشط فيها حركة 20 فبراير، هو أيضا إمتحان لهذه الأخيرة، على ضوء نسب المشاركة في الاستفتاء سترتسم معالم المرحلة القادمة. نسب مشاركة معقولة، تعني أن الدولة و شركاءها من الأحزاب و الفعاليات المدنية ستمضي قدما في العملية السياسية التي جاء بها المشروع، تعني أيضا تضييق أكثر لنشاطات حركة 20 فبراير، التي لم تستطع إقناع الشارع المغربي بالمقاطعة في هذه الحالة، بالمقابل، لو قاطعت الغالبية الإستفتاء، هذا يعني تفويض للحركة من أجل مواصلة الإحتجاجات و إمكانية تزايد المتعاطفين معها، حينها ستكوم الدولة أمام خيارين إما المواجهة، أو تقديم تنازلات أكثر لإرضاء الشارع المغربي و سحب البساط من الحركة، أو الشروع في حوار جدي مع الحركة وباقي الحركات المعارضة.
أغلب الظن، و لتوفر الدولة على كتلة انتخابية مهمة، قد تنجح في الحصول على نسبة مشاركة تفوق الستين في المئة أو بين الخمسين و الستين في المئة، المشكلة أنه حتى ولو تم المصادقة على الدستورشعبيا، فهذا لا يعني انتهاء الأزمة، مطلب تعديل الدستور و الإصلاح السياسي هو مطلب يضاف إلى مطالب عديدة لم يتم التعامل معها خاصة ما يشمل ملفات الفساد و البطالة و ارتفاع الأسعار و تدني الأجور ونقص الخدمات......مما يجعل الشارع المغربي قابلا للإنفجار في حالة تفاقم الوضع.
التعليقات (0)