غبار على صورة القدس
شعر : حسن توفيق
تفاجئك الريح.. هل تحلمين بما قد مضى أم بإيقاعِ نهرٍ يغنيّ
وهل يستطيع الغناء إزاحة أوجاعك المقلقة
وهل تستطيع سماوات عينيك أن تستعيد نجوم التمنيّ
وتطلقها في المدي مشرقة
وكيف.. وهذا الغبار يكاد يخبيء عينيك عنيّ؟
غبار يظل يطل برغم انسدال الستائر فوق نوافذك المغلقة
غبار على الأرض، حولك، فوق النفائس، فوق الصور
غبار على صورة القدس فوق جدار بنيناه من نبض أشواقنا النازفة
غبار على صور الخائفين علي أرضهم من خطى الموجة الجارفة
غبار على الأغنيات التي كم طربنا لها في زمان الشموخ الذي قد عبر
أفيقي.. انهضي من رماد الحريق
أفيقي.. فإن الغبار يصادر صفو المكان
أفيقي.. انهضي كي تعيدي لعينيك سحر البريق
وآفاق أيامه المقبلة
أزيحي نباتات ظل.. سقاها الغبار المراوغ كأس الهوان
وخلخل أغصانها المتعبات وشتت أوراقها المهملة
أفيقي.. انهضي وافتحي كل تلك النوافذ.. إن الغبار جبان
يخاف من الريح، من ضوء شمس النهار ومن خطوة العنفوان
تعالي. انظري عبر ضوء النهار
تري أن هذا الغبار المراوغ أهلكَ أهلكِ في كل أرض
وألغى مواعيد حب بعاصفةٍ من صواعقِ زور وبغض
- وماذا ستفعل حين نرى ما نرى من دمار؟!
سأكتم شجوي، أخبئه في سماوات عينيك عند التلاقي
وأبحث في وجهتي عن أخي كي أقول له يا أخي جاوز الظالمون المدي
وليس لديّ سوى دمعة لا يراها رفاقي
وليس لديّ سوي كلمات أذوب بها عاشقاً شارداً
سأكتب للقدس، لا تقرئي، فالقراءة صعبة
ونبض الكتابة ينضح حزناً و يقطر خيبة
هنا القدس بوابة للبكاء وزيتونة ترتوي بالدماء
وتفلت منا فترفع أغصانها بالدعاء
وتفلت منا فتبكي التماسيح حين تشاء
ونبكي.. ونبكي وننتظر العون ممن أساء
هنا القدس، وجه لبغداد، بغداد نازفة بين فوضي ونار
وبصرتها لا تبوح من القهر إلا إلى سعفات النخيل
وموصلها شهقة وانكسار
وفي كربلاء يغص الهواء بسيل العويل
هنا القدس، قلب دمشق تخلىّ وولىّ برغم انقضاض الصواعق
وظل يطيش ليبعد أشجار غوطتها عن دخان الحرائق
هنا القدس.. تهفو اشتياقاً إلى النيل، والنيل يستعجل القاهرة
هنا القدس.. كل عواصمنا جثث صاغرة
هنا القدس.. هيا انظري كي تري كل هذا الغبار
غبار على أوجه الصاغرين
غبار على أوجه السائرين إلى حتفهم في طريق اليقين
غبار تجسد غولاً يحاول خنق النهار
التعليقات (0)