غبار شهادة جنرال فرنسي في حادث وقع عام 1996:
هل تفتح الباب لاتهام الجيش الجزائري بجرائم أخرى غير قتل الرهبان الفرنسيين؟
بقلم/ ممدوح الشيخ
فيما يحاول الرئيس عبد العزيز بوتفليقة طي صفحة العنف الجزائري عبر مساع متعددة انفجر في وجهه ملف قد يفتح الباب لتداول اتهامات طالما ودهت للجيش الجزائري بالتورط ف العنف الذي شهدته إما بشكل غير مقصود بسبب تدني كفاءة الجيش أو بشكل مقصود يستهدف استئصال مسلحين أن تأليب الرأي العام ضد المسلحين.
فقد نقل مصدر قضائي فرنسي عن جنرال فرنسي قوله إن سبعة رهبان فرنسيين قتلوا في الجزائر عام 1996 جاء مقتلهم على يد الجيش الجزائري وليس على يد متشددين إسلاميين وأن باريس ساعدت على التغطية على الحقائق. وقال الجنرال المتقاعد فرانسوا بوشوالتير الملحق الدفاعي الفرنسي في العاصمة الجزائرية آنذاك في تحقيق رسمي إن طائرة هليكوبتر تابعة للجيش قتلت الرهبان الكاثوليك حينما أطلقت النار على معسكر معزول اعتقدت أنه ملاذ للمتشددين. بينما تقول الجزائر إن الرهبان الذين كانوا يعيشون في دير على تلة تبعد 70 كيلومترا جنوب غربي الجزائر العاصمة خطفهم متشددون في مارس 1996 وعثر عليهم مقتولين وقد جزت أعناقهم بعدها بشهرين.
وقال الجنرال الفرنسي في شهادته إنه علم من مصدر جزائري أن الرواية الرسمية التي حملت الإسلاميين مسؤولية مقتل الرهبان غير حقيقية وبدوره قام بإبلاغ باريس لكنها أصدرت له أمرا بالتزام الصمت.
وفتحت فرنسا تحقيقا في مقتلهم عام 2004 بعدما قال ضابط سابق في المخابرات الجزائرية إن الجزائر أمرت عملاءها بخطف الرهبان في إطار مؤامرة هدفها تشويه سمعة الجماعة الاسلامية المسلحة. وقال باتريك بودوان أحد محامي المدعين إن الكشف عن الأسرار الخاصة بهذه القضية "دليل على وجود محاولة تستر مارستها السلطات الفرنسية وبالتأكيد السلطات الجزائرية أيضا"، وقال إنه سيطلب من استجواب وزير خارجية فرنسا آنذاك هيرفيه دو شاريت وعملاء استخباراتها الذين لهم صلة بالقضية، وسفير فرنسا في الجزائر حينها ميشال لوفيك. وتلتقي هذه الشهادة المثيرة للجدل مع شهادات ضباط جزائريين فارين تحدثوا عن دور للاستخبارات الجزائرية في مقتل الرهبان.
الجنرال فرانسوا بوشوالتر تولى مناصب عسكرية عدة، فكان عضوا في المخابرات الفرنسية وقائدا في سلاح الأرض وملحقا للدفاع بسفارة فرنسا في الجزائر ما بين 1995 و1998. وأدلى بشهادة قال فيها إن "مقتل الرهبان كان نتيجة خطأ فادح ارتكبه الجيش الجزائري"، وهو نقل الخبر عن ضابط تلقى الخبر من شقيقه، وقال وطلب مني الصمت وقد كشف لقاضي التحقيق تفاصيل ما وقََع نقلا عن جنرال جزائري رفض الكشف عن هويته كان شقيقه مسؤولا عن سرب طائرات الهليكوبتر المخصصة بتمشيط المنطقة العسكرية الأولى بالجزائر. وجاء في الشهادة أن "أعضاء من الجيش الجزائري كانوا يقومون بعملية تمشيط بطائرة هليكوبتر في مايو 1996 بين مدينتي البليدة والمدية عندما شاهدوا ما كان يعتقدون أنه ملجأ لجماعة إرهابية مسلحة فقرروا قصفه، ليكتشفوا بعدها أنهم هاجموا الرهبان الفرنسيين.
ومن التفسيرات المثيرة التي انتشرت بقوة في الجزائر أن الرئيس بوتفليقة عرف بقصة هذه الشهادة المحرجة قبل إعلانها بأيام فألغى خطابا للمؤسسة العسكرية كان مقررا أن يلقيه عشية الاحتفال بذكرى الاستقلال، وشكل إلغاؤه لغزا خلال الأيام القليلة الماضية.
ومن جانبه طالب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بـ "الحقيقة" وقال إنه يريد رفع سرية الدفاع عن كل الوثائق التي يطلبها القضاء الفرنسي. مؤكدا أن "العلاقات بين الدول الكبرى تقوم على أساس الحقيقة، وليس على الأكاذيب".
وتعيد القضية كلها أشباح اتهامات طالما حلقت فوق رأس الجيش والاسخبارات الجزائريين بالتورط في المذابح، فالعديد من الكتب والمنشورات تداولت هذا الاتهام، منها كتاب صدر عن منظمات حقوق الإنسان مثل "الكتاب الأسود" الصادر بباريس عام 1997 بمشاركة منظمة العفو الدولية، وأخرى أصدرها "شهود" جزائريون مثل كتاب "من قتل في بن طلحة: وقائع مجزرة معلنة" لنصرا الله يوس (صادر عام 2000 بباريس) لأحد الناجين من مجزرة بن طلحة (1997) التي نفذت المجزرة بالقرب من ثكنة عسكرية لم يتدخل الجيش لوقفها أبداَ. وكتابا الملازم حبيب سويدية "الحرب القذرة: شهادة ضابط قديم في القوات الخاصة بالجيش الجزائري 1992-2000" و"الحرب الأهلية في الجزائر: التواريخ، الأسماء، الأحداث".
التعليقات (0)