بغداد- مصطفى احمد
سباق البحث والتنقيب بين دول «المتوسط»
دخلت الدول المطلة على السواحل الشرقية للبحر المتوسط سباقا محموما فيما بينها، للبحث والتنقيب عن الغاز في المياه العميقة بهدف تأمين احتياطياتها من الطاقة وتثبيت حقوقها التاريخية ,في مصر كشف المهندس محمد شعيب، رئيس الشركة القابضة للغازات الطبيعية، عن أن الشركة سوف تطرح 5 مناطق في المزايدة الجديدة التي ستعلنها رسميا قبل نهاية الشهر الجاري في المياه العميقة في البحر المتوسط، من بين 15 منطقة من المقرر طرحها في المنطقة.وقال إن الهدف من هذه المزايدة تحقيق مزيد من الاكتشافات الغازية فى هذه المياه التى تؤكد المؤشرات أنها واعدة وتتضمن شواهد إيجابية حول توافر احتياطيات بها، مشيراً إلى أن من بين المناطق المطروحة مواقع تقع قرب المناطق التي تم اكتشاف الغاز فيها في قبرص.وكشف مسؤول بهيئة البترول أن أغلب المناطق الجديدة تقع في منطقة امتياز التي كانت تعمل فيها شركة «شل» العالمية في المياه العميقة في البحر المتوسط، والمعروفة باسم حقل «نميدا»، مشيراً إلى أنه تم تقسيم هذا الامتياز لضمان جدية الشركات في عمليات البحث والتنقيب.كانت شركة «شل» قد تخلت عن منطقة امتياز «نميدا» في مارس الماضي لعدم وجود جدوى اقتصادية رغم إنفاقها 1.2 مليار دولار استثمارات في المنطقة واكتشافها احتياطي يقدر بتريليون قدم مكعب من الغاز لكن تكلفة استخراج الغاز مقارنة بأسعار بيعها لم تكن مجدية بالنسبة لها.وفي اليونان، أرسلت السلطات خطاباً رسميا لوزارة الخارجية المصرية تخطرها فيها بأنها سوف تستعد لبدء عمليات المسح السيزمي لبعض المواقع البحرية في المياه العميقة في البحر المتوسط.وقال مصدر حكومي مسؤول إن اليونان أرسلت خريطة تطلب فيها تعيين الإحداثيات المتعلقة بحدود الجانب المصري لعدم انتهاكها في عمليات المسح، لكن الخارجية طلبت من اليونان خريطة تتضمن إحداثيات محددة لعرضها على اللجنة العليا لترسيم الحدود والرد على طلب الجانب اليوناني.وفي لبنان، تستعد الحكومة اللبنانية لطرح أول مزايدة عالمية أمام الشركات العالمية للتنقيب عن الغاز في المياه العميقة في البحر المتوسط بعد تأجيل دام طويلا بسبب عدم إقرار قانون الحدود البحرية للبنان.أما سوريا فإن الظروف السياسية التى تمر بها دفعت الحكومة لتأجيل الإعلان عن نتائج المزايدة العالمية التى طرحتها للشركة للتنقيب عن الغاز في المياه، فيما جدد النائب جوزيف المعلوف، عضو لجنة الطاقة والمياه النيابية في البرلمان اللبناني، التأكيد على أن بلاده ليست قادرة على التفاوض مع سوريا لترسيم الحدود البحرية في ظل الوضع السائد فيها.كانت تركيا قد أعلنت عن أنها ستقوم للمرة الأولى بعمليات مسح سيزمى للمناطق البحرية لها في مياه البحر المتوسط في إطار خطوات تمهيدية لبدء طرح هذه المناطق للتنقيب عن الغاز، وضمان حقوقها. من جانبه، قال وزير البترول المهندس عبدالله غراب، وزير البترول:إن عمليات طرح مناطق للتنقيب في المياه العميقة في البحر المتوسط يتطلب من الحكومة والشعب ضرورة تقديم حوافز للشركات العالمية تضمن لها الحصول على عائداتها للاستثمارات التى تضخها في المياه العميقة في البحر المتوسط والتي تتعدى مليارات الدولارات في كثير من الأحيان.ولفت إلى أن هذه الحوافز تبدأ من عمليات التوقيع وتنتهي بالاتفاقيات التجارية لشراء الغاز، فمن المعروف أن هذه الشركات حصلت على أسعار مناسبة لتكلفة عمليات الاستخراج من المياه العميقة في البحر المتوسط، فلايمكن قياس سعر غاز مستخرج من المياه العميقة بآخر مستخرج من البر أو حتى من المياه الضحلة، علما بأن الاكتشافات الأخيرة لقبرص ترتبط بأبعاد اقتصادية وفرتها الحكومة القبرصية للشركة الأمريكية، مما ساهم في تحقيق هذه الاكشافات
ثروة «المخروط النيلي المصري»: 217 تريليون قدم غاز و5.7 مليون برميل «مسال»
قدرت هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية(USGS) النفط والغاز غير المكتشف في منطقة مياه دلتا النيل بنحو 223 تريليون قدم مكعب، مؤكدة أن هذا التقدير اعتمد على المعلومات الجيولوجية وبيانات تجارية من آبار النفط والغاز والحقول وإنتاج الحقول تقع في هذه المنظمة، فضلاً عن مناهج المسح الجيولوجية الأمريكية المعمول بها في تحديد أنظمة البترول ووحدات التقييم الجيولوجي وتقييم القدرة على النفط والغاز غير المكتشفة.وقال التقرير المنشور على موقع هيئة المساحة الجيولوجية الأمريكية إن تقديرات حجم احتياطيات البترول في هذه المنطقة يقدر بحوالي 1763 مليون برميل من النفط ومتوسط يقدر بـ223 تريليون قدم مكعب من الغاز، فيما قدر احتياطيات الغاز في السواحل التي تطل عليها إسرائيل ولبنان بما لايقل عن 120 تريليون قدم مكعب من الغاز.وتمثل هذه التقديرات النفط القابل للاستخراج من الناحية الفنية والغاز، ولم تبذل أي محاولة لتقدير الموارد القابلة للاسترداد اقتصاديا ، بما أن هذه المنطقة حتى الآن أكبر مورد للغاز في أفريقيا ستكون مياه منطقة دلتا النيل.واعتبرت الهيئة مصادر النفط والغاز غير المكتشف بمنطقة الدلتا تدخل ضمن برنامجها الذي يهدف إلى تقدير النفط والغاز القابل للاستخراج، بل تأتي ضمن الأحواض ذات الأولوية في جميع أنحاء العالم بما فيها التي تطل عليها سواحل الولايات المتحدة الأمريكية.وأوضحت أن منطقة «المخروط النيلي» الواقعة في منتصف المياه البحرية المصرية تستحوذ على أكبر الموارد ويقدر حجمها بـ217.313 مليار قدم من الغاز، و5.789 مليون برميل من الغاز الطبيعي المسال، وحسب التقرير فإن المنطقة تشمل حوالي 96.525 ميل أي ما يعادل 250 كيلو متراً مربعاً من المساحة الشرقية للبحر الأبيض المتوسط.يذكر أن مصر تنتج 6.5 مليار قدم مكعب غاز يومياً ويتركز إنتاج الغاز في البحر المتوسط ودلتا النيل والصحراء الغربية، فيما بلغ الاحتياطي المؤكد للغاز الطبيعي نحو 77 تريليون قدم مكعب من الغاز.
الحوت.. سلاح تل أبيب للتخلص من سيطرة العرب على النفط
كثفت إسرائيل أعمالها في التنقيب عن الغاز الطبيعي والنفط فى أعماق المتوسط، وحسب قول نائب وزير التعاون الإقليمي الإسرائيلي أيوب قرا، فإن الدولة العبرية تسعى أن تصبح دولة مصدرة للغاز لكل دول العالم، وأوضح أن هذا لا يعنى التخلي عن اتفاقية الغاز مع مصر.ونفى المسؤول الإسرائيلي أي علاقة للشراكة الإسرائيلية القبرصية فيما يخص التنقيب عن الغاز في المتوسط، بفكرة الضغط على تركيا، أو أي دولة أخرى، مشيرا إلى أن العلاقة مع قبرص موجودة منذ زمن وستستمر.وأكد قرا في تصريحات صحفية أن الاتفاقات التي وقعت مع الهند لتصدير الغاز إليها لن تكون الأولى، وأن إسرائيل ستعقد اتفاقات أخرى مع دول الشرق، مشيرا إلى أن الاتفاقية الموقعة بين مصر وإسرائيل شأن مختلف وذات اهمية بالنسبة لإسرائيل لما لها من دور في ترسيخ الاستقرار بالمنطقة.وحول إمكانية إلغاء اتفاقية الغاز مع مصر إذا وجدت إسرائيل كميات كافية من الغاز، أوضح أن إسرائيل تأمل أن تصبح مصدرة للغاز والنفط لكل دول العالم، ولكن هذا لا يعنى التخلي عن أي اتفاقية وقعت مع مصر، لأن تل أبيب ترى أهمية كبيرة للدور المصري في استقرار المنطقة وتحترم الاتفاقات الموقعة معها.وذكر أيوب قرا أن إسرائيل تريد فتح علاقات اقتصادية، جديدة شرقا في الهند والصين وغيرهما، من منظور الأهمية الاقتصادية نافياً وجود أي علاقة لذلك بالتخلي عن العلاقات مع دول الجوار.من جانبه، قال المحلل السياسي الخبير في الشأن الإسرائيلى أنطوان شلحت إن الهدف من التنقيب الإسرائيلي عن الغاز الطبيعى في أعماق المتوسط هو محاولة للتحرر من تبعية إسرائيل نفطياً لدول أخرى، خصوصا أن النفظ في الغالب في يد العرب لذلك تحاول إيجاد مصادر بديلة.وأكد شلحت أن التنقيب عن الغاز الطبيعي والنفط في المتوسط يأتي في هذا الإطار، لاسيما أن هناك أبحاثاً كثيرة ومنها أمريكية أظهرت وجود حقول ضخمة في أعماق المتوسط ما يساعد إسرائيل على الاكتفاء ذاتياً وتصدير الغاز إلى دول أخرى.ويرى المحلل السياسي أنه في حال اكتشاف هذه الكميات من الغاز والنفط يمكن لإسرائيل أن تضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، فمن ناحية تتحرر من ارتباطها بمصر والذي شهد تحولات غاية في الخطورة بالنسبة لإسرائيل، خصوصا بعد ثورة 25 يناير وهى تخشى من عدم إمكانيتها استيراد الغاز بالأسعار السابقة، ومن ناحية أخرى يجعلها قادرة على التصدير إلى دول العالم.وفي سياق التنقيب عن الغاز أكد أنطون شلحت أنه جرى الحديث عن عدة حقول تم اكتشافها في عسقلان والخضيرة ولكن الأهم أن هناك استطلاعات تثير احتمالاً بوجود حقل ضخم جداً سيمكن إسرائيل من التصدير وأطلق على هذا الحقل اسم «الحوت» وتشير التوقعات إلى أنه سيبدأ الإنتاج في العام 2016.وأكد المحلل السياسي أن تخلي إسرائيل عن اتفاقية الغاز مع مصر وارد بعد هذه الاكتشافات، خصوصا أن التوقعات تقول إن إسرائيل لن تسد فحسب حاجتها من الغاز وإنما ستصبح مصدرة له. وأوضح أن إسرائيل تسعى إلى شراكات مع دول جديدة بهدف التنقيب عن النفط والغاز أولا وثانيا لتصدير الغاز وتستخدم هذه الاتفاقيات ضد دول أخرى، ومن المتوقع أن تشهد السنوات المقبلة سلسلة اتفاقيات مع هذه الدول.
إسرائيل تسرق الغاز الفلسطينى
كان سقف التوقعات لمشروع استخراج الغاز من سواحل قطاع غزة عالياً جداً، بالنسبة للسلطة الفلسطينية التى كانت تخطو خطواتها الأولى نحو استقلال اقتصادي باستغلال مواردها الطبيعية، ففي العام 1999 بدأ العمل في المشروع من جانب صندوق الاستثمار الفلسطيني بشركات أجنبية أهمها شركة «بريتيش غاز» البريطانية، واستطاع المطورون اكتشاف ما يزيد على 30 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي.وكان من المتوقع أن يدر هذا المشروع للسلطة ما قيمته 2 مليار دولار، أي 50% من الأرباح، إلى جانب الاكتفاء الذاتي من الغاز لسد حاجة السوق المحلية، لكن المشروع، وبحسب صندوق الاستثمار الفلسطيني، توقف مع بدء انتفاضة الأقصى بسبب سيطرة إسرائيل على المياه الإقليمية الفلسطينية، واشتراط تل أبيب الحصول أولاً على موافقتها للسماح بمد أنابيب الغاز وتوريده للخارج، كما لم تسمح إسرائيل للسلطة بالاستفادة من المشروع لسد احتياجات السوق المحلية من الغاز، بدلاً من استيراده، ويقول الناطق باسم الحكومة الفلسطينية، غسان الخطيب، إن السلطة الفلسطينية خلال السنوات السابقة حاولت تحريك هذا الملف من خلال طلب الحصول على الموافقات المطلوبة من إسرائيل، لكنها كانت تتلقى رداً بالرفض دائماً، وأشار «الخطيب» في تصريح إلى أن أكثر من طرف خارجي تدخل للضغط على إسرائيل لإعادة العمل في هذا المشروع دون فائدة.ولا يتوقف الأمر لدى الاحتلال على تعطيل أعمال التنقيب عن الغاز في القطاع، ففي الضفة الغربية تسرق سلطات الاحتلال الغاز الطبيعي، الذي تم الكشف عنه مؤخراً في نطاق الضفة،
لبنان تحشد للمواجهة مع إسرائيل
«لبنان سيدخل قريباً مجموعة الدول النفطية».. عبارة تردّدت كثيراً في الفترة الأخيرة على ألسنة مسؤولين لبنانيين، بعد اكتشاف حقول غاز ونفط في مياهه الاقتصادية في البحر الأبيض المتوسط. وحسب المعهد الجيولوجي الأمريكي وشركة «بي.جى. إس» النرويجية فإن الحوض الشرقي للبحر المتوسط يحوي مخزونات من الغاز يمكن مقارنتها بأكبر مناطق الغاز في العالم.السفير الإيراني في لبنان، التقى كثيرا من المسؤولين اللبنانيين ليؤكد استعداد الشركات الإيرانية لتقديم خبرتها في التنقيب عن الغاز والنفط. كما أن روسيا بدورها دخلت خط محاولات الاستثمار في غاز لبنان عبر موفدها الرئاسي للمنطقة مارجيلوف الذي زار بيروت الصيف الماضي، وخلال لقائه أحد السياسيين اللبنانيين المعروف بصداقته التاريخية لروسيا طلب مارجيلوف مساعدة موسكو لدخول عالم نفط لبنان. وتضيف المصادر أن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي عرض أن تتولى سفن البحرية الفرنسية حماية الاستثمارات النفطية اللبنانية مقابل حصول شركة «توتال» الفرنسية على عقود الغاز والنفط.وتطالب قوى سياسية لبنانية الحكومة بتنفيذ المراسيم التطبيقية لقانون الغاز والنفط الذي أقرّه مجلس النواب بعد فترة من النقاش، وأن تُنهى أزمة الحدود مع قبرص، وأن تلجأ إلى الأمم المتحدة لحسم خلافها مع إسرائيل. وقال عضو اللجنة النيابية للطاقة النائب جوزف المعلوف إن «الأمور تسير في شقّين: داخلي يتعلق بتطبيق المراسيم التي صدرت، وتعيين أعضاء الهيئة العامة لقطاع النفط، والشق الثاني خارجي يتمثّل بالنزاع على مساحة تقدّر بـ850 كيلومترا مربعا في البحر المتوسط بيننا وبين إسرائيل».
خبراء يحذرون: عدوان إسرائيلى وشيك على الحقوق العربية
فجأة اندلعت أزمة (لبنانية- إسرائيلية) و(تركية-قبرصية) حول آبار وحقول الغاز الطبيعي في عمق مياه البحر المتوسط والتي تقدر احتياطياتها بمئات التريليونات من الأقدام المكعبة من الغاز.وأرجع الدكتور عبدالله الأشعل، استاذ القانون الدولي ومساعد وزير الخارجية سابقا، غياب الاهتمام بتلك القضية إلى السياسة التي تنتهجها الحكومة المصرية المؤقتة و«التي ربما تكون بوازع من المجلس العسكري» -على حد قوله- بشأن «ركن» الملف الخارجي لمصر في الوقت الحالي وعدم الخوض في أي قضية دولية و«كأن البلد تم رفعه من على الخريطة بشكل مؤقت».من جانبه طالب الدكتور علي الغتيت، المحامي الدولي والمستشار السابق لمجلس الوزراء، بضرورة تشكيل فريق عمل وطني جاد يحدد الجوانب الفنية والسياسية المختلفة لموضوع ترسيم الحدود وتشارك فيه جهات البترول والخارجية والأمن القومي وأساتذة الاقتصاد والجيولوجيا والقانون.وأضاف: «لابد من تأصيل المسألة وتحديد المقاصد الوطنية وبيان الأدوات المطلوبة للعمل والأطراف التي يجب أن تقوم به».
http://www.beladitoday.com/index.php?aa=news&id22=2817
التعليقات (0)