مواضيع اليوم

غادة أندلسية

nasser damaj

2009-04-28 07:21:51

0

قصيدة: خليل إبراهيم الفزيع

غادة أندلسية
( من وحي ماربيا .. إحدى مدن إقليم الأندلس )

يا نفسُ لاح الهوى الفـتانُ فاحـترسـي
وحصِّـني القلـبَ من طغــيانِهِ الشــرسِ
فكــم حصـونٌ هــوتْ كانت مناعـتـُهـا
عصـيةً فانطــوتْ في حالِهــا التعِــسِ
لـكــن قلــبي اكــتوى مـن نارِ غـانيـةٍ
تُروَى مـفـاتـنـُهـا مـن نـبـع أنـدلــسِ
أرى هواهـا الـذي يطغـى علــى عجـلٍ
يحاصرُ القـلبَ فـي عنفٍ وفـي هَــوَسِ
وكـلمــا نبضـتْ فـي الوجـنـتيـن رؤى
قد طـوّقـتـهــا المنى كالجندِ والحَـرَسِ

هيفـاءُ في عينهــا ومـضٌ يُشــاغِلـني
تضـيءُ وجنتـُهـا الـظلماءَ في الغلَـسِ
وصوبتْ رمشَـها نحوي وما علمـتْ
أني عهـدتُ الهــوى وضـاءَ كالقَبـَسِ
عـزفــتُ حُلـمي علـى أنغـامِ بسمتِها
إذِ القصيدُ احتسى من بوحِها السَّلِسِ
ولاح فــي أفقِهـــا الــتاريخُ مـتـّئِــداً
كَفارسٍ مُـنْـتَـشٍ من عاطـرِ النـَّفَـسِ
وتاجُهـا في الـورى مجـدٌ يـُزيِّـنـُهــا
والصـولجــانُ جمـالٌ غــيرُ مُـنْطَمِسِ
يا للجمــالِ إذا فـاحــتْ مـرابـِعُــها
من نفحِ طِيبٍ سَرَى في جوِّها القُدُسي

تدفَّقَـتْ في شــرايين الدُّجى شُــعَلٌ
حتى أضـاءتْ زوايـا كــلِّ مُحْـتـَبَـسِ
خطّت سطوراً من النورِ الذي صنعَتْ
بـه الحضـارةُ صرحــاً غــير مُنـْدَرِسِ
ضمَّــتْ شــواهِدَ في الحمــراءِ باقـيةً
غرناطـةُ الحسـنِ تحكي قسـوةَ العَمَسِ
لـكـنـه الـدهــرُ فـي أيـامِـهِ عِــبَرٌ
إذ شـتَّتَ القـومَ خُلـفٌ قـاد للقَعَــسِ
واستبدَلَتْ وجهَها في الحالِ قرطـبة
نحـّى مـآذنـَها الناقـوسُ ذو الجَـرَسِ
بالأمسِ مُرْشِـدُها القـرآنُ شــامخـةً
والـيومَ مرجعُهــا للمجمــعِ الكنسـي

تمكَّــنَتْ فـتـَنٌ مـن كــلِّ طـائفــةٍ
أدى تـفــرُّقُــها للـواقــعِ الشَّـــرِسِ
تلك الطوائفُ قـد آلــتْ إلى مِحَـنٍ
تـلـتْ كـوابيـسَ عصرٍ خائرٍ الأُسُسِ
فـلا وئــامٌ على الأعــداءِ يجمعُهُــم
ولا اتفــاقٌ جــلـيٌ غــيرُ مُـلْـتـَـبـِسِ
وهـذه الفتنةُ الرعــناءُ حـين طغــتْ
وفـرّقـَـتْ شـملَهم شــحناءُ لم تـُدَسِ
وكان آخـرُهم في الملْكِ مـا ملـكـَـتْ
يـداه إلا كـمـن قـد عـاد بالفَـلـَـسِ
لمـا أحاطـتْ به الأخطـارُ مُحْـدِقَــةٌ
أُصـيبَ بالصـدمـةِ الكبرى وبالخَرَسِ

مُطـوّقٌ باللـظـى والجـرحُ يُثـْقِـلُــهُ
حين اكـتفى بالبكا من حظِّـهِ النحِسِ
مـن ينصــرُ الله إن اللهَ يـنـصُــرُهُ
ومـن يضـلُّ طـريقَ الـرّشْـدْ لـم يَسُـسِ
لكـنهــا هاهــنا آثـارُهــم صــمـدَتْ
رغـم السـنين نجتْ من كلِّ مُخـْتـَلِــسِ
رأيت حَـشْــدَ بـناتِ الفـكــرِ مُزدحِماً
يُبَلْـبـِلُ الــبالَ بالــتفـــكــيرِ واللـّـبَسِ
يا نفـسُ لمـِّي شـتاتَ الفكـرِ واحتبسـي
أهواءَكِ السودِ في مأوَى الهوى الشّكِـسِ
قـالـتْ مُعلِّلَتي بالوصلِ: مـا تعـبتْ
منك الطروسُ؟ وذاك العهدُ جـدّ نـُسـي

( اغـنمْ زمانـَكَ ) فـالأيام ضـاحكـةٌ
يوماً ويومـاً تـَرى فيه مدى العَـبَــسِ
لــم تـدرِ فـاتـنـتي أن الفـؤادَ غـفـا
في لـذَّةِ الوصـلِ أضحى غـير مُنْغَمِسِ
وأن فـارسَـهـا المغـوارَ قـد هُـزِمَـتْ
خـيولُــهُ مـا درى الخـيّالُ بالفـَـرَسِ
وأن جـرحـاً صحـا نخشـى عـواقِـبَهُ
فـي القُـدْسِ نـزّ كما في أرضِ أندلُـسِ
                       

                                                    1/8/1999 م
                                                 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات