عَاشُوا طَويلاً حِينَ مَاتوا!
(عن الموتِ العراقيِّ؛ أو الخرابِ في فتوَّتِهِ)
I
في موتِ مَن ذُبِحوا حياةُ!
- المَوتُ قالَ -
وضَجَّ في الأملِ الحُضورُ المَيِّتونَ مِن الحَياةِ:
أ موتَنا!
إنَّا نُحبُّكَ في العِراقِ؛
وكلُّ حاضرِنا وماضِينا وآتِينا مَماتُ!
II
يا موتَنا!
كُن أنتَ حارسَنا الأمينَ،
فعَظمةٌ - غَدُنا - مِن الذَّهبِ المُدمَّى..
عندَ قَارعةِ السَّما...
وكِلابُ رَغبتِكَ الجُباةُ!
III
يا موتَنا!
أقبلْ بأحْمرِكَ المُؤزَّرِ؛
لا الرَّبيعُ عليكَ يقدرُ،
لا الثَّكالى سادناتُ الحُزنِ،
لا مرحُ الصِّغارِ العائدينَ مِن المدارسِ،
لا الجُنودُ.. ولا الطُّغاةُ!
IV
يا موتَنا!
في حِيلةٍ - لا غِيلةً - أجهِزْ عَليْنا..
و انتهِزْنا!
قُلْ لَنا: نَلهو ونَرتعُ بالجِوارِ..
فليسَ مِن بِئرٍ هناكَ،
و ليسَ مِن ذئبٍ سِواكمُ؛
يا جُناةُ!
V
يا موتَنا!
في رُمحِكَ اللَّيليِّ بُوصلةُ النَّجاةِ!
اِشحذْ بنرجِسِنا نِصالَكَ،
خُذْ نواحَ الوالهاتِ على حَبيبٍ لنْ يعودَ،
وحِنطةَ الوطنِ المُهدَّدِ بالمَجاعةِ،
والطُّقوسَ؛ لأنَّها تَبدو مُناسِبةً لذوقِكَ،
والمَسلَّةَ، والمَلاحمَ، والأغَاني السُّومريَّةَ،
والحِجارةَ، والغُرابَ، وجثَّةَ الأخويْنِ،
والنَّخلَ العَقيمَ، تُراثَنا ونُذُورَنا،
حكَّامَنا ولُصوصَنا، أخْطاءَنا،
أطفالَنا، أفراحَنا، أسماءَنا،
أشياءَنا المُلقاةَ في نَهريْ دُموعٍ،
تاجَ شَوكٍ صارَ مَلهاةً هُنا،
خشبَ الصَّليبِ لأجلِ قارسةِ الشتاءِ،
وأنبياءَ وآخرينَ..
وزِدْ عَليْهمْ قلبَ أجملِنا؛
وضَعْنا فوقَ رُمحِ ظِلالِكَ العَمياءِ..
أنْشدْنا عَلى (بحرِ) الجَماجمِ (شِعرَكَ) الأعْمى:
لقدْ عَاشُوا طَويلاً حِينَ مَاتوا!
اللَّوحةُ للفنَّان البريطانيِّ :
Xavier Pick
النَّصُّ منشورٌ في جريدةِ "العالَم" العراقيَّةِ
عدد 1 | آب | 2012
سعد الياسري
آب | 2012
الكويت
الموقع الشّخصيّ
التعليقات (0)