يذهب هالستروم للبحث عن قرية فرنسية نائية يعود تاريخها الى 600 عام لتكون مسرح احداث القصة التي كتبتها جوان رومان وصاغها كسيناريو للسينما روبرت جاكوبس والذي قال «تحتم علي ان ازور العديد من معامل صناعة الشوكولا اليدوية وأتذوق انواعا كثيرة منها لادراجها في تفاصيل الفيلم الذي تدور احداثه في قرية فلافينيو الفرنسية شبه المنعزلة عن الحياة الصاخبة. قرية كل شيء فيها يسير برتابة وهدوء وتحت سيطرة العمدة الذي يخطط لحياة الاخرين بل وحتى لخطبة القس التي تلقى كل يوم احد حيث يجب ان يحضرها الجميع.
العمدة الذي يفاخر بانتمائه لعائلة ارستقراطية يخشى من اي تغيير في حياة الناس كون ذلك سوف يفقده سيطرته على السكان الذين تدور حياتهم في برنامج يومي متكرر وهم راضون به مادام ليس هناك ما يدعو للتغيير لكن ذلك ليس قبل ان تصل فيان (جولييت بينوش) التي تقرر ان تفتح محلا لصناعة وبيع الشوكولا في الساحة الرئيسية للقرية قبالة مكتب العمدة والكنيسة.
وفيان غير متزوجة ولها بنت في العاشرة من عمرها وهي لا تذهب الى الكنيسة ولم تأخذ موافقة العمدة لفتح محل الشوكولا وبطبيعتها متمردة على كل ما هو تقليدي وهي القادمة من اسفار عدة بعد ان اقامت في الاندلس باسبانيا ومدن فرنسية وايطالية، وكل هذا لا يروق للعمدة بل ويعتبر وجودها تهديدا لسيطرته الاقطاعية ان لم نقل الدكتاتورية.
من هنا يبدأ الصراع بل من اللحظة التي يدعو فيها العمدة هذه الزائرة غير المرغوب فيها لحضور صلاة الاحد فترفض مبينة له انها ليس من عادتها الذهاب الى الكنيسة، وسرعان ما ستكتشف فيان حاجة القرية لاي مشروع تغيير يخلصها من رتابتها، ومشروع محل الشوكولا هو خير شرارة تشعل فيها فتيل هذا التغيير رغم كل الصعوبات التي واجهتها وستواجهها.
وبكل بساطة تعلق فيان لافتة المحل بعد ان تهيئ الديكور وانواع كثيرة من الشوكولا البنية والبيضاء وشراب الشوكولا بالتوابل والذي لا يجيد صناعته سواها فقد توارثته عن جدها الذي اكتشفه في ادغال افريقيا ذات يوم بعيد . يشعر سكان القرية بالتوجس بداية من محل الشوكولا وصاحبته لكنهم سرعان ما يكتشفون السحر الخفي لطعم الشوكولا وتأثيره على المحبين والعجائز والاطفال فيتحول المحل الى ملتقى لسكان القرية بالرغم من تحذيرات العمدة وتلفيق الاكاذيب والشائعات ضد فيان التي تجد نفسها مندفعة الى مكتبه وهي تصرخ بوجهه «ماذا فعلت لك لتقول كل هذه الشائعات عني» وهذه الصرخة الانذار كانت كافية لان يعرف العمدة من يواجهه ليبدأ تكتيكا آخر للتأثير على السكان الذين ما عادوا يهتمون لتحذيراته اللامنطقية.
التغيير المفاجئ الاخر الذي يحصل في حياة الناس والقرية هو وصول جماعة من العازفين والمهرجين الذين يشبهون الغجر الى ساحل النهر الذي تقع عليه القرية وبقيادة الشاب روكس عازف القيتارة (جوني ديب) والذي يلقى من قبل العمدة ومجلس القرية حربا شعواء تصل الى حد المقاطعة الكلية ولن يكسر هذه المقاطعة سوى فيان التي ترحب بروكس ومن ثم تقيم معه حفلا صاخبا يحضره انصار فيان من سكان القرية.
الحرب ستنتهي لصالح فيان بعد ان يقع العمدة ذاته في غواية الشوكولا بعد ان يتسلل الى المحل بغية تخريبه، لنجده في اليوم التالي غافيا عند الواجهة الزجاجية من الداخل للمحل وقد ملأ جوفه بالشوكولا. وفي المشهد الاحتفالي الختامي للفيلم نشاهد الكل سعداء بهذا التغيير الا فيان التي فقدت روكس وقد وقعت في حبه ذات ليلة شاعرية ولم يشأ المخرج لاسي هالستروم ان يترك النتيجة مشوبة بخيط حزين اذ سنرى روكس يعود الى القرية ليقرر البقاء مع فيان.
ان فيلم شوكولا بقدر ما يبدو واضحا فهو مزدحما بالرموز التي تحيلنا الى العلاقات العاطفية والى معنى الثورة والتغيير والتخلص من سيطرة الاخرين. فالشوكولا لم تكن تعني هذه الحلوى اللذيذة وحسب بل هي الشرارة التي اشعلت ثورة التغيير وحرضت على الحب والافصاح عن المشاعر المكبوتة في نفوس الآخرين.
التعليقات (0)