مواضيع اليوم

عينات من فساد الاخوان المسلمين فى السودان ...بعد تسلمهم للسلطة ....3

الحقائب المليونية تثير الشبهات بالمطارات الأوروبية.. من المسؤول؟

ملايين الدولارات خرجت ولم تعد..

وكيل المالية: تراجع رصيد البلاد من العملات الأجنبية والظاهرة تضر بالاقتصاد

إيقاف سودانيين بالمطارات الأوروبية والتحقيق معهم

تحقيق: عواطف محجوب

أثارت شكوك واسعة في المطارات الأوروبية خروج ملايين الدولارات أوراق (بنكنوت) عبر المطار، هناك من تم ايقافهم والتحقيق معهم بشأن هذه الكمية الكبيرة التي حملت في حقائق يدوية، هذا الأمر أحدث ردود فعل كبيرة ومخاوف لدى المتعاملين بالمطارات الأوروبية الذين ينظرون الى هذه المبالغ بأنها إما أموال غير مشروعة باعتبارها مرتبطة بظاهرة غسيل الأموال أو أنها اموال لتمويل أنشطة ارهابية.. ولكن ان تخرج كل هذه المبالغ من السودان وبكميات على حسب تأكيد محافظ البنك المركزي قد تصل الى مليون أو 2 مليون دولار بواسطة (الأفراد) أو (التجار)، حيث أبدى د. صابر محمد الحسن محافظ البنك تخوفه من هذا الأمر الذي يتسبب في احداث مخاطر على الأفراد وكذلك على الاقتصاد.. وبين هذا وذاك بدأت الكثير من التساؤلات وردود الفعل، فمنهم من يرى هذا الأمر قد حدث بسبب الضغوط الأمريكية واحتمال توقيع عقوبات اقتصادية على البلاد والبعض الآخر ربطها بالحديث عن التناول الخاطئ لبعض الصحف عن وقف التعامل بالدولار وان البنك سيتعامل بالعملات الآسيوية بديلاً عن الدولار، والبعض فسر خروج هذه الكميات من الدولارات لمخاوف البعض من جراء الأوضاع والتهديدات الأمريكية الخاصة بدخول القوات الدولية لدارفور.. فالأمر الآن متروك لذوي الشأن ليدلوا بدلوهم لنتعرف واياكم على الحقائق وعن المعالجات التي يمكن ان تتخذها الجهات المختصة للحد من الظواهر السالبة التي تهدد الاقتصاد.

تآكل الرصيد

ففي الوقت الذي عزا فيه وكيل المالية الشيخ المك رصيد البلاد من العملات الأجنبية وحركة النقد الأجنبي النشطة دخولاً وخروجاً من البلاد بسبب النشاط الاقتصادي وتزايد حجم الاستثمارات الأجنبية مما أدى لزيادة كبيرة في تدفقات النقد الأجنبي، مبيناً ان هناك بعض شركات الاتصالات قامت بتحويل أرباحها خارج السودان وفق ما هو مسموح لها بالقانون وفقاً لما تضمنه قانون الإصدار حيث قامت شركة موبيتل بتحويل ما يزيد عن (500) مليون دولار عبارة عن أرباحها من العمليات التي تمت.

وأشار وكيل المالية ان السبب الآخر لتآكل رصيد البلاد من العملات الأجنبية بسبب عدم ايفاء المانحين بالتزاماتهم في مشاريع كبيرة وعديدة لتوفير النقد الأجنبي داخل البلاد، حيث اضطر بنك السودان لطباعة العملة بالسحب من حساب التركيز مبلغ (80) مليون دولار مما أدى لتراجع رصيد البلاد من النقد الأجنبي وعدم ايفاء المانحين بمتطلبات اتفاقية السلام والتعداد السكاني والقوات المشتركة وهذه العوامل أدت لزيادة اعباء إضافية على رصيد البلاد من النقد الأجنبي.

واضاف ان هناك تحويلات كثيرة تمت في الفترة الماضية بلغت (33) مليار دولار عبارة عن ايرادات البترول وفق برنامج تقسيم الايرادات بين الشمال والجنوب، فهناك كمية من هذه المواد تم استخدامها بالخارج وأخرى بالداخل وهذا الأمر أدى كذلك لتراجع رصيد البلاد من النقد الأجنبي، مبيناً ان هناك موارد مقدرة من العملات الأجنبية مرصودة في الموازنة سوف تساعد في اعادة بناء رصيد من النقد الأجنبي بجانب ان الصادر من البترول خلال الفترة القادمة يمكن ان يساهم في تحقيق عائد مقدر من الموارد الأجنبية.

واعتبر ان خروج ملايين الدولارات لخارج البلاد من الظواهر الخطيرة التي من شأنها ان تحدث أضراراً على الاقتصاد خاصة بعد الاستقرار الاقتصادي الذي حدث في الفترات السابقة وأصبح السودان جاذباً للاستثمار وتدفقت موارد النقد الأجنبي على البلاد.

ظاهرة خطيرة

محافظ البنك المركزي د. صابر محمد الحسن اعتبر ان خروج كميات كبيرة من الدولار أوراق (بنكنوت) ظاهرة خطيرة على الرغم من اضرارها الاقتصادية حيث تؤدي لتراجع موارد البلاد من النقد الأجنبي، إلا أنها في ذات الوقت تسبب في احداث مخاطر وتساؤلات لارتباطها في أذهان الأوروبيين بالارهاب وظاهرة غسيل الأموال، مبيناً ان الجهات المختصة تلقت العديد من الشكاوى من المطارات الأوروبية بتوقيف عدد من السودانيين الذين يحملون معهم حقائب بها كميات كبيرة من الدولارات تقدر بالملايين مما أدى لتعرضهم للمراقبة والتفتيش من قبل سلطات المطارات الأوروبية. وقال انه سيتم دراسة هذه الظاهرة بالتنسيق والتشاور مع الجهات ذات الصلة، اتحاد المصارف، لجنة غسيل الأموال وغيرها من الجهات لايجاد المعالجات اللازمة.

السياسة المتبعة

وفق ما تضمنته السياسة النقدية للبنك المركزي انه تم انتهاج سياسة مرنة بالسماح لسعر صرف العمالة الوطنية مما أدى لتحسنها مقابل الدولار في اطار السياسات المتبعة المتعلقة باستقرار سعر الصرف وتحديد وتوحيد سوق النقد الأجنبي ومرونته وفقاً لآليات السوق عبر التعامل بسعر الصرف المرن المدار، حيث ساهم البنك المركزي في تحييد جزء من الأثر السيولي التوسعي المتولد من القطاع الخارجي للمساعدة في الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي.

وفق الاحصائيات الرسمية لبنك السودان أظهر تقرير استمرار النمو الايجابي في أرصدة البلاد الخارجية من العملات الحرة نتيجة للتصاعد المستمر لأسعار البترول العالمية مما ساعد في بناء احتياطي مقدر من النقد الأجنبي بجانب تدفقات الاستثمارات الخارجية والتدفقات غير المنظورة، وبلغت الاحتياطات ما مقداره قيمة استيراد أربعة أشهر مما أدى لزيادة النمو الايجابي للارصدة الخارجية. وبالنسبة للاستثمارات الأجنبية ركزت سياسة البنك على إلزام المصارف عند تعاملها مع المستثمر الأجنبي للتأكد من تسجيل الاستثمارات الأجنبية لدى بنك السودان ورصد التدفقات الأجنبية ومراقبتها مما يساعد على تقليل المخاطر الناتجة عنها مع ضرورة تبسيط اجراءات تعامل المستثمرين مع المصارف والاستمرار في ضمان تحويل الأرباح للمستثمرين الأجانب ورأس المال المستثمر في حالة العودة من خلال القطاع المصرفي.

إجراء مسموح به

حاتم الزبير رئيس اتحاد المصارف قال: ان ملايين الدولارات تخرج عبر المطار بواسطة رجال الأعمال وهم يحملون (4 ا 5) ملايين دولار في حقائب عبر المطار وهو اجراء مسموح به من ناحية قانونية وفق سياسة التحرير المعلنة، ولكن المشكلة التي يمكن ان تواجه هؤلاء بالمطارات الأوروبية لارتباطها بتمويل أنشطة إرهابية ومكافحة غسيل الاموال لذلك يتعرض من يحملها للمساءلات. وأكد على ضرورة ان يتعامل من يحملون تلك المبالغ الطائلة عبر الطرق المتبعة بالبنوك عن طريق التحويلات، كما ان العملات التي تأخذها مقابل ذلك ليست عالية.

وبالنسبة للعقوبات الأمريكية فهي قديمة وهناك حجز لمبالغ كبيرة حجزت بالبنوك الأمريكية، مشيراً لضرورة التعامل بالعملات الأخرى وفتح اعتمادات بعملات الدول التي يتم التعامل معها لتقليل الاعتماد على الدولار في المعاملات الخارجية.

صعوبة التحويلات

فيما حذر قنديل ابراهيم أمين الاتفاقيات الدولية باتحاد اصحاب العمل من مغبة المخاطر التي يمكن ان يتعرض لها من يحمل كميات كبيرة من العملات الحرة (الدولار) بالدول الأوروبية للتعقيدات والاجراءات التحوطية المكثفة التي تتخذها تلك الجهات تجاه هؤلاء لأن سياسة الحظر التي تفرضها أمريكا على السودان وتشجيع بنك السودان لرجال الأعمال والتجار للتعامل بعملات الدول الأخرى وتقليل الاعتماد على الدولار هو اجراء قصد منه تقليل المخاطر، فالصعوبات والمشاكل التي يواجهها المصدرون في تحويلاتهم الخارجية بسبب الدولار أدت لتعثرها بسبب الاجراءات التي تتخذها أمريكا حيال تحويلات المصدرين بالبنوك الأوروبية والسويسرية ويرى ضرورة ان ينتبه المتعاملون في المجالات التجارية ولديها ارتباط بالبنوك الخارجية ان يكونوا حريصين في اجراء تعاقداتهم بالعملات الأخرى تفادياً لحدوث أية مشاكل قد تواجههم خاصة من لديهم أرصدة بمبالغ كبيرة بالبنوك الأجنبية بالخارج لأن الولايات المتحدة الامريكية أصبحت لديها هواجس من ان هذه المبالغ سيتم استغلالها في أنشطة ارهابية وهناك مساءلات تتم حتى لمن يحمل أكثر من 5 أو 10 آلاف دولار.

الحذر مطلوب

وطالب بضرورة الحذر والحيطة حتى لا يتعرض من يحمل مبالغ كبيرة من العملات الحرة بالخارج لمتابعة ومراقبة من سلطات تلك الدول، مشيراً إلى ان الاقتصاد السوداني وتحسن الجنيه السوداني مقابل الدولار جعل من السودان بلداً مفتوحاً وجاذباً للموارد والاستثمار الأمر الذي حقق وفرة مقدرة واحتياطياً من النقد الأجنبي لدى بنك السودان، فخروج كميات كبيرة من الدولار لابد ان يتم وفق رؤية محددة وان لا يحمل أي مواطن مبالغ كبيرة قد تعرضه للمساءلة والمحاسبة بجانب أنّ هناك مخاطر أخرى يمكن ان تتسبب في احداث مشاكل لمن يحمل كميات كبيرة من العملات الأجنبية من عصابات النهب المنظمة بتلك الدول، وأشار للتحسن المستمر الذي شهده سعر صرف الدولار مقابل الدينار مما ساعد في إحداث التحسن المتواصل للدينار مقابل الدولار واستعاد الدينار السوداني قوته.

فيما تساءل عضو المجلس الوطني سليمان حامد عن كيفية خروج مبالغ كبيرة من موارد النقد الأجنبي لخارج البلاد بملايين الدولارات لأن وفق قوانين بنك السودان والسياسة المتبعة فهناك مبالغ محددة مسموح بخروجها عبر مطار الخرطوم ولكن اما ان تكون خرجت ملايين الدولارات بطرق وأساليب مختلفة أما مباشرة بإذن شخصي أو خاص أو لحصانة دبلوماسية أو برلمانية أو لأشخاص معنيين.

احكام الرقابة

الأمر يثير العديد من التساؤلات حول الكيفية التي تمكن بها هؤلاء من الحصول على ملايين الدولارات وأي من البنوك تمكنوا الحصول على هذه الكمية الكبيرة من الدولارات منه. فالقوانين المصرفية والاجراءات الموضوعة من الأجهزة المصرفية تسمح للمسافرين بحمل مبالغ محددة ولكن ان تكون هناك ممارسات خاطئة فهذا الأمر له مخاطره على الأوضاع الاقتصادية، كما ان هناك ضوابط للتحرير ليس معناه عدم المحاسبة عن كميات المبالغ التي دخلت أو خرجت من البلاد، فرقابة الحكومة واجبة للتعرف على المخاطر التي يمكن ان تحدث جراء تلك المعاملات التي تسبب في إحداث أضرار اقتصادية كبيرة إذا لم يتم حسمها، فكيف يعقل ان يدخل مليار وبعد فترة يتضاعف هذا المبلغ لـ (5) أو (10) مليارات في فترة وجيزة، فهذا الأمر مرتبط بالظواهر الضارة بالاقتصاد لحماية المصارف والمؤسسات المالية من احتمالات استغلالها في عمليات غسيل الأموال. فكيف للقائمين على مصالح البلاد والعباد من فرض رسوم وضرائب على العاملين بالمهن الهامشية من باعة متجولين وبائعات شاي ورسوم عبور ومرور على الشرائح الضعيفة، في الوقت ذاته يترك من يتلاعبون ويهربون ملايين الدولارات لخارج البلاد مما يتسبب في تدمير الاقتصاد الوطني.

مصادر مصرفية أبدت قلقها من خروج كميات كبيرة من الدولارات للمطارات الخارجية، مبيناً ان هناك من تم التحقيق معهم بمطارات هولندا والنمسا مشيراً الى ضرورة تفادي المشاكل التي يمكن ان يتعرض لها لأن تلك الدول تربط هذه المبالغ بتمويل انشطة ارهابية أو غسيل أموال. وذكر ان البنك المركزي سيقوم بالتنسيق مع لجنة مكافحة غسيل الأموال لدراسة هذه الظاهرة وايجاد المعالجة اللازمة لها خاصة وان لجنة غسيل الأموال يحق لها السؤال عن حجم المبالغ في حالة اشتباهها بأن هذه المبالغ كبيرة خرجت أو دخلت بطريقة غير مشروعة.

وأكد على ضرورة ان تتعاون البنوك فيما بينها والبنوك الخارجية في مجال مكافحة غسيل الأموال عن طريق تبادل المعلومات والمستندات حول حالات غسيل الأموال التي يتم اكتشافها والمعاملات المشتبه فيها وفق الاجراءات القانونية المتبعة، مشيراً لضرورة تفعيل دور المراقبة الداخلية وتطويره لمكافحة غسيل الأموال، وعلى البنوك ان تقوم بوضع الضوابط اللازمة لمنع استغلال وسائل الدفع الالكترونية في مكافحة غسيل الأموال واخطار بنك السودان بأي حساب يتضح ان صاحبه يسيئ التعامل المصرفي بأية صورة من الصور مثل استغلال الحساب لأي اعمال ارهابية أو تتعلق بالارهاب أو عمليات مشبوهة أو تخالف الضوابط والتوجيهات الصادرة من بنك السودان.
_____________________________________________________________________________
الراي العام

 

---------------------------------------------------------------------------------------------

 

الثلاثاء 15 يوليو 2008م، 12 رجب 1429هـ العدد 5414

المسترد 6 مليارات جنيه والمتعثر 24 ملياراً
29 مليار جنيه الاعتداء على المال بالمصارف خلال النصف الأول من العام

الخرطوم : نورأحمد : محمد صديق

بلغت حالة الاعتداء علي المال العام فى المصارف خلال النصف الاول من العام الجارى حوالى 29 مليار جنيه والمسترد منه حوالى 6 مليارات جنيه، بنسبة استرداد بلغت 21,6%، كما بلغ حجم المال «المتعثر» اكثر من 24 مليار جنيه يمثل 78,4 % ، فيما بلغ حجم المال المعتدى عليه للعام 2007 م « دعاوى الصك- التزوير، وخيانة الامانة، والاحتيال، والتملك الجنائى » 922 مليون جنيه ،تم استراداد 431 مليون جنيه بنسبة بلغت 46,8% .
وكشفت ورشة عمل الاجراءات المصرفية والقانونية فى مجال التمويل المصرفى المتعثر، التى انعقدت امس بقاعة الصداقة، ان بلاغات موظفى البنوك في ما يتعلق بالتزوير وخيانة الامانة، جاءت فى مقدمة البلاغات ، وانها تشكل مهددا حقيقيا للجهاز المصرفى .
ودعا وزير العدل عبد الباسط سبدرات الى اعادة النظر فى بعض مواد القوانين الخاصة بالمال العام، متمثلة فى «قانون الاموال المرهونة- قانون الشركات» ، التى اصبحت هدفا لبعض ضعاف النفوس الذين يستعينون بثغراتها للاستيلاء على اموال الغير دون وجه حق ، بجانب سن قوانين رادعة للحفاظ على تلك الاموال، لانها اموال المواطنين المودعين وليس المصرف .
واعتبر ان مايحدث من تعدى على المال فى الجهاز المصرفى، يعتبر مدخلا لانهيار القطاع الاقتصادى .
ومن جانبه، قال وزير المالية الدكتور احمد عوض الجاز، ان الائتمان على المال العام من اصعب الاشياء على النفس، داعيا القيمين على المال العام بضرورة التحرى، وتطهير النفوس اسوة بتطهير المصارف من العمل بالربا.
الى ذلك، اكد الدكتور صابر محمد الحسن محافظ البنك المركزى، ارتفاع نسبة التعثر بالمصارف على الرغم من انخفاضها الى نسبة 22 % بدلا عن 26 % ، فى الوقت الذى تحذر المؤشرات العالمية من خطورة تجاوز التعثر الى نسبة اكثر من 6%، مشيرا الى التأثيرات السالبة على المصارف السودانية في ما يتعلق بمراكزها المالية وايراداتها وسمعتها.
وطالب المصارف، بضرورة الالتزام بالضوابط التى يصدرها البنك المركزى، وتصنيف المتعثرين على ان يعامل كل واحد منهم حسب دراسة حالته ، وقال لا ابرئ الموظفين من المسؤولية، في ما وصلت اليه المصارف من تعثر، قائلا ان المسألة تفاقمت ولابد من ايجاد حلول لها .

الصحافة

 

----------------------------------------------------------------------

 

لمحاصرة عمليات التعثـر:
البنوك التجارية تشرع فى تجديد بيانات العملاء فى الحسابات المصرفية

الخرطوم - عاصم اسماعيل

حجم المال المعتدى عليه فى البنوك فى النصف الاول من العام الحالى تجاوز الـ 29 مليار جنيه ونسبة الاسترداد بلغت 21 % حوالى 7 مليارات جنيه ذلك ما اكدته ورشة عمل الاجراءات المصرفية والقانونية فى مجال التمويل المصرفى المتعثر التى انعقدت مؤخرا ، وكشفت ايضا عن قيمة الاموال غير المستردة البالغة 24 مليار و27 مليون و884 الف جنيه، كما قال وكيل نيابة مخالفات الجهاز المصرفى عامر محمد ابراهيم ان حوالى 1033 بلاغا لم تسترد اموالها من جملة 1435 بلاغ الامر الذى يضع النيابة امام تحدى حقيقى فى ظل المعينات الضعيفة لدى النيابة .

وقال إن زيادة نسبة التعثر مرجعه لعدم تعامل المصارف مع النيابة فيما يتصل بوقائع البلاغ بشكل واضح وهذا ما اكده الدكتور صابر محمد الحسن محافظ البنك المركزى بان هنالك بعض ادارات البنوك تساهم بشكل كبير فى ازدياد نسبة التعثر بالاضافة الى تحفظ الموظفين فى تقديم المعلومات باعتبارهم شهوداً ايضا هذا يؤكد ما ذهب اليه محافظ البنك بانه حتى الموظفين على مستوى رئاسة البنك المركزى لهم دور كبير فى ازدياد نسبة التعثر .ويرى وكيل النيابة ان البنوك ايضا لم تكن حريصة على متابعة البلاغات المرفوعة.
ولكن محمد على الشيخ مدير الادارة العامة لتنظيم وتنمية الجهاز المصرفى يرى ان للتعثر مسببات تتمثل فى عدم اتباع الأسس السليمة عند منح التمويل وتكيزه فى عدد قليل من العملاء وعدم اتخاذ الاجراءات القانونية ضد العملاء المتعثرين وبطء سرعة البت فى القضايا مع الدخول فى تسويات لايترتب عليها سداد فعلى فى الغالب وتدنى بعض اسعار السلع الممولة او المأخوذة كضمان مع صعوبة تسييل بعض الضمانات وعدم وجود عقوبات على العملاء المتعثرين الذين يتهربون من السداد مع توفر القدرة عليه . فى حين صنف الدكتور صابر المتعثرين الى نوعين احدهما يرغب فى السداد والآخر ليس براغب وهو ما تم وصفهم بالجوكية وقال ان هنالك 37 شخصا يشكلون خطرا حقيقيا على الجهاز المصرفى ولكنه لم يشر الى ما هى العقوبات التى يمكن ان تطالهم كما لم يتم ذكرهم والبنوك التى تعاملوا معها. لكنه أكد أن بنك السودان بصدد اتباع بعض السياسيات والضوابط المتشددة للحد من الظاهرة التى بلغت فى متوسطها 26% في الآونة الأخيرة ومن أهم هذه الضوابط منع التمويل للشراكات ولأسماء الاعمال وحظر رهن الأراضي المسجلة على الشيوع مع إدخال نظام الكود للعملاء. وقال صابر وصلنا لقناعة بضرورة التفريق بين المتعثرين فقسمناهم إلى مجموعتين الأولى تعثرت نتيجة للتطورات العامة للوضع الاقتصادي لأسباب شخصية أو للسياسة المالية العامة وهي عوامل خارجة عن إرادة المتعثر وهي مجموعة حريصة على السداد . والمجموعة الثانية حسب التصنيف والقراءة تحصلت على أموال كثيرة من المصارف مع نيتهاعلى عدم ارجاع هذه الأموال فتلجأ للتحايل على السداد وهؤلاء يشكلون خطورة على القطاع المصرفي .
ويرى الشيخ ان اصدار شيكات على حساب القرض او الحسابات الاخرى للعميل باكثر مما يسمح به رصيد الحساب من المؤشرات التى تتعلق بمعاملات المقترض مع البنك بالاضافة الى وجود سحوبات من حساب العميل او حساب العملية لا تتناسب وطبيعة عمل المقترض او احتياجات المشروع الممولبالاضافة الى ارجاع الشيكات المسحوبة على حسابات العميل لدى البنك وطلب العميل من البنك ايقاف صرف بعضها اضافة الى عدم الالتزام بسداد الاقساط المستحقة فى المواعيد المتفق عليها.
ويتساءل الاقتصاديون عن الدراسات والالتزام بها من قبل الجهات المختصة فى البنوك وفى ذلك يقول حاتم الزبير رئيس اتحاد المصارف السودانى ان المصارف لها دور كبير فى ازدياد نسبة التعثر بسبب ضعف الدراسة والتقييم للعمليات والعملاء بالاضافة الى عدم الالتزام بضوابط ومنح التمويل قائلا ان الامر يتطلب مساءلة ومحاسبة شخصية لموظفى البنوك واداراتها مع توفير التدريب اللازم ، وفيما يتعلق بتجاوز رجال الاعمل للاعسار قال ان ذلك يرجع الى كثرة الواجهات ولجوئهم الى تعطيل الاجراءات من خلال الطعن فى قانون بيع الاموال المرهونة للبنوك واستفادتهم من الثغرات الموجودة فيتحايلون على البنوك.
ودعا الاقتصادى الزين التوم الى اعادة النظر فى بعض القوانين لمواكبة التطورات خاصة فى مجال تصفية الشركات واعلان الافلاس وانشاء الشركات ومسؤولية صاحب الشركة ، بجانب ايجاد قانون يمكن البنوك من مساءلة شركات وبيوت الخبرة الخاصة بتقييم الضمانات اذا لم تلتزم باخلاقيات المهنة وتسبب اضراراً مادية للمصرف ، بالاضافة الى تصنيف العملاء المتعثرين وفق اسسس محددة حتى يسهل على المصارف معالجة كل مجموعة على حدة من حيث السداد اوالجدولة او خلافه .
ويشير المختصون الى الاجراءات الجديدة التى اتخذها بنك السودان التى تقضى بان تؤول نيابة مخالفات الجهاز المصرفى الى بنك السودان حيث انتقد بعض القانونيين هذا الاجراء بان الامر مخالف للدستور معتبرين ان الامر لن يساعد فى الحد من التعثر حيث ان للتعثر اسبابه المعلومة منها المجاملات بالاضافة الى هوامش الارباح العالية التى تأخذها البنوك ، ولكن بعضهم يرون ان اجراء بنك السودان خطوة هامة فى سبيل التقليل من الظاهرة .
ويقوم ايضا بنك السودان باصدار رقم معين للعميل ليكون معلوما لدى كافة البنوك فى حالة تعثره عن سداد ما تم تمويله به على ان يحرم من التمويل اذا اكتشف انه لم يسدد المال اضافة الى التنسيق مع الجهات العدلية فى هذا الشأن كما قرر البنك ايضا الزام طالبى تأسيس الشركات واسماء الاعمال بالافصاح عن الشركات المملوكة لهم والتى يسهمون فيها بما لا يقل عن 02 % من رأس المال للمساعدة فى تحديد مكونات المجموعة الائتمانية للعميل وتطوير نظام المعلومات , وتؤكد المعلومات شروع البنوك التجارية فى الاجراءات الخاصة بتجديد بيانات العملاء فى الحسابات المصرفية .

الصحافة

 

----------------------------------------------------------------------

الإثنين 22 سبتمبر 2008م، 22 رمضان 1429هـ العدد 5465

نص راي
بين أوكامبو والدكتور صابر!! ما الذي يجري في النظام المصرفي؟

خالد التيجاني

لا حديث لمجالس المدينة وفي أوساط رجال الأعمال منذ أن أعلن السيد محافظ بنك السودان المركزي الدكتور صابر محمد حسن الحرب على (عتاة المتعثرين) لاسترداد مديونيات البنوك, سوى إطلاق التكهنات والتحرق لمعرفة أسماء سبعة وثلاثين شخصا, توعد الدكتور صابر ب(إعدامهم ماليا), وفي إسقاط لأزمة الأوضاع السياسية على أزمة النظام المصرفي شبه أحد رجال الأعمال بسخرية لائحة ال (37) لمحافظ البنك المركزي التي لا تزال ضمن الكتمان, وتوقع هو شخصيا أن تعرف عن طريق التسريب, بلائحة ال (51) الذين رفعت لجنة التحقيق الدولية أسماءهم ضمن تقريرها عن انتهاكات حقوق الإنسان بدارفور للأمين العام للأمم المتحدة السابق كوفي انان الذي سلمها بدوره بعد إحالة الملف للمحكمة الجنائية الدولية للمدعي العام للمحكمة لويس مورينو أوكامبو الذي بات أشهر شخصية دولية في السودان وطبقت شهرته الآفاق, حتى تغنت باسمه مغنية شعبية داعية عليه بقولها (أبو
كامبو الله يكبك في النار), ووجه الشبه بين اللائحتين أنهما لم تعلنا بصورة رسمية, ولذلك راجت سوق التكهنات بمن تضمنتهما, وهكذا وجد الدكتور صابر نفسه في نظر بعض رجال الأعمال رديفا لأوكامبو.
وما من شك أن النظام المصرفي يواجه الآن أسوأ الأزمات التي مرت به على الإطلاق في تاريخ العمل المصرفي بالسودان, فقد انفلتت نظمه وتقاليده المرعية وكفاءته التي جعلته على مدار عقود يحظى بالثقة بفضل استقامته ونزاهته وكفاءته الإدارية لينحدر إلى هوة سحيقة سجل فيها
التعسر المصرفي ترديا غير مسبوق بلغت نسبته 26%, وهو رقم يقوق بأكثر من أربعة أضعاف نسبة التعثر في تسديد الديون المتعارف عليها عالميا.
ولأن القيمة الحقيقية لهذه النسبة تقدر بمبلغ مهول فقد تحاشى السيد المحافظ في ذكر الرقم, مكتفيا بإيراد نسبة التعثر, وذهب بعض
المصرفيين إلى تقدير المبلغ بنحو مليار ونصف المليار دولار, فيما يرى خبراء أن حجم التعسر يفوق في الواقع هذا المبلغ بكثير, خاصة في ضوء انعدام الشفافية, واحتكار المعلومات الصحيحة.
وفي كل الأحوال, وبغض النظر عن التفاصيل, فإن إقدام محافظ بنك السودان المركزي على إطلاق صافرة الإنذار, وإعلان دخول النظام المصرفي دائرة الخطر بسبب التجاوزات وتراكم التعثر المصرفي, ولجوئه إلى استراتيجية جديدة لمعالجة هذا الوضع المعقد والخطير للغاية, كلها دلائل تشير بوضوح إلى حجم الأزمة العميقة التي تمسك بخناق النظام المصرفي بالبلاد, وتبعاتها المنذرة بتداعيات مدمرة على الاقتصاد الوطني, وما يثير الاستغراب أن هذا الموقف الخطير لم يلفت نظر قيادة الدولة, ولا يبدو أنها تعيره اهتماما, أو تدرك حقا خطورة ما يترتب عليه, وربما لو أن كان من أعلن عن هذه المخاطر التي تحيط بالنظام المصرفي أحد غير محافظ بنك السودان المركزي لاعتبر في عداد المستهدفين, والمتآمرين على النظام وعلى البلاد.
ومن عجب أن مجلس الوزراء يخصص الجلسات للنظر في أمر الجبايات المستشرية ويتخذ بشأنها إجراءات, ثم لا يرى أهمية لأمر أكثر خطرا على الاقتصاد الوطني بسبب الأوضاع المتردية التي يعيشها النظام المصرفي, ولا يوليها الاهتمام الذي تستحقه على الرغم من نتائجها الكارثية المحتملة على مجمل الأوضاع الاقتصادية بالبلاد, وكان ملفتا أن المجلس القومي للتخطيط الاستراتيجي المهتم بالتخطيط لتنمية البلاد لربع قرن, واجتمع وانفض دون أن يرى فيما أثاره محافظ البنك المركزي خطرا يهدد خطط التنمية المستقبلية.
فلقد رسم محافظ البنك المركزي صورة قاتمة لحقيقة الأوضاع في النظام المصرفي وهو يعلن مبررات حربه على التعثر في محاولة لاستراد مليارات الدولارت من أموال البنوك المضاعة, فقد كشف غياب النظام المصرفي عن تمويل مشروعات التنمية بالبلاد, في وقت لا تشكو فيه المصارف من قلة الأموال المودعة لديها, بل تشهد ودائعها نموا مضطردا, ولكنها توظف لمصالح ضيقة على حساب المصالح العامة, ولا تشارك في عملية التنمية, وهو ما يعتبره خبراء من أخطر الاعترافات التي أقر بها الدكتور صابر في هذه الأزمة.
غير أن أخطر ما كشف عنه هو اتهامه صراحة لبعض الموظفين في المصارف, في مستويات وظيفية مختلفة, بأنهم يمثلون خطورة على الجهاز المصرفي, بالتواطؤ مع بعض العملاء بتمكينهم من من الحصول على تمويلات بمبالغ كبيرة دون الالتزام بشروط وضوابط منح التمويل خاصة فيما يتعلق بالضمانات الكافية, ومن المعلومات المثيرة المتاحة في هذا الخصوص أن 90% من اسباب التعثر تعود إلى المراحل الاولى لمنح التمويل في مرحلة التصديق, حيث يؤدي تواطؤ بعض الموظفين إلى التساهل في تطبيق شروط منح التمويل مما يرفع نسب احتمال التعثر وصعوبة استرداد المصارف للأموال.
وعلى الرغم من الجدل الواسع الذي أطلقه محافظ البنك المركزي في حربه المعلنة على التعثر المصرفي, فإن التساؤلات في الأوساط الاقتصادية تثار بشكل رئيسي حول دور بنك السودان, ومسؤوليته فيما آلت إليه الأحوال في القطاع المصرفي من تردي أصبح يمثل خطورة كبيرة ليس على الجهاز المصرفي فحسب بل على الاقتصاد الوطني برمته.
ولربما كسبت الحملة على التعثر المصرفي رصيدا مهما وضروريا
من المصداقية لو أن السيد المحافظ أقر بمسؤولية البنك المركزي في التقصير الذي أفرز هذا الوضع المأزوم, فقد ذهب الدكتور صابر ينفي ويرد المسؤولية عن البنك حين جوبه في اجتماعه باتحاد أصحاب العمل, وسئل عن أين كان, وما هو دوره, وكل هذا التلاعب يحدث تحت سمع وبصر البنك المركزي الذي يهيمن على الجهاز المصرفي, وكيف سمح للأرقام الفلكية المتداولة عن تمويل تعثر سداده لأنه منح لجهات غير كفؤة, وبتواطؤ من موظفين كما أقر بذلك المحافظ.
والتساؤل بالفعل مشروع ولم يجد إجابة شافية عن دور البنك المركزي فيما وصل إليه حال الجهاز المصرفي, والواقع يشير إلى أن بنك السودان يتمتع بترسانة من القوانين, سواء قانون بنك السودان للعام 2002, المعدل في عام 2006, وقانون تنظيم العمل المصرفي للعام 2003, وقانون بيع الأموال المرهونة, وقانون غسيل الاموال, وكلها حزمة قوانين تكفل للبنك المركزي صلاحيات واسعة, وسلطات مطلقة, واستقلالية كاملة في تنظيم ورقابة أداء الجهاز المصرفي, مما يجعل مسؤولية ما يحدث في النظام المصرفي برمته تحت المسؤولية المباشرة للبنك المركزي, وأن معالجة أي خلل في أداء المصارف في الوقت المناسب هو من شأن وعمل البنك المركزي.
لذلك لم يكن الدكتور صابر موفقا وهو ينأى بنفسه وبالبنك المركزي عن تحمل مسؤولية الأوضاع المتدهورة للنظام المصرفي بسبب ديونه المهدرة, فقانون بنك السودان يشير إلى ان من بين مسؤوليات البنك الأساسية (تنظيم العمل المصرفي ورقابته والإشراف عليه والعمل على تطويره وتنميته ورفع كفاءته بما يساعد على تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المتوازنة), والسؤال هو أين البنك من القيام بدوره في تحقيق هذه المسؤليات, فقد تحول الجهاز المصرفي من أداة مساعدة في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية إلى عبء يهدد الاقتصاد الوطني.
صحيح أنه يحمد لمحافظ البنك المركزي المبادرة إلى إطلاق محاولة لتصحيح الأوضاع المأزومة في النظام المصرفي, ولكنها مع ذلك تبقى تحركا متأخرا, وجاء بعد أن استفحل الداء وانتشر, لقد تدخل البنك المركزي في اوقات سابقة لوقف انهيار بعض المؤسسات المصرفية, ولكن العلاج لم يكن شاملا ولم يكن كافيا, ولذلك ظل ينتقل من مصرف إلى آخر حتى استفحل واستعصى على الحلول, ولعل تفاقم الوضع أدى إلى التركيز عليه هذه المرة.

ومن أهم اخفاقات تدخلات البنك المركزي في المرات السابقة في العديد من المصارف أنها تمت دون محاسبة للمسؤولين عنها في إدارات البنوك, وبدا أن الهم الأكبر هو إيجاد مخارج مشرفة للمسؤولين عن انهيار هذه المصارف, وربما الحرص على إيجاد وظائف أخرى لهم بدلا من تقديمهم للمساءلة والمحاسبة على أوضاع إن لم يتسببوا فيها بسوء نية, فقد أدى ضعف كفاءتهم وقدراتهم وقلة خبراتهم إلى تواضع أدائهم مما أورث النظام المصرفي هذه المشاكل المزمنة. والمعلوم أن البنك المركزي هو المتصرف في تعيين أو اعتماد مديري المصارف, مما يعني أنه مسؤول مباشرة عن أدائهم.
والمعالجات التي يطرحها البنك المركزي الآن لمعالجة التعثر المصرفي تبدو أقرب لاحتواء المزيد من التدهور في هذا القطاع, ولكن شكوكا عميقة تدور حول نجاعة هذه الإجراءات في استعادة الأموال المهولة التي بددها التعثر المصرفي. وتبقى هذه المعالجات قاصرة ما لم تكن وليدة مراجعة شاملة وعميقة وجذرية تستهدف أولا إصلاح الأوضاع في البنك المركزي نفسه حتى يكون مؤهلا للقيام بالمسؤولية المناطة به.
وفي تقديري ان البنك المركزي وقع ضحية نفسه بسبب النزعة الاستقلالية الكاملة التي يصر على التمسك بها, وجعلته المستحوذ والمتصرف الوحيد في قطاع لا يمكن تصور دور منفرد له بمعزل عن السياسية المالية في إدارة الاقتصاد الوطني, وقد شهدت البلاد في السنوات الأخيرة تنزاعا واضحا بين وزارة المالية والبنك المركزي مما أدى للإضرار بالأوضاع الاقتصادية في البلاد.

لقد منح قانون 2002 بنك السودان, استقلالية كاملة للبنك المركزي, عن وزارة المالية, المسؤولة كذلك عن إدارة الاقتصاد الوطني, في وضع شاذ, وأصبح البنك المركزي تحت مظلة رئاسة الجمهورية دون أن يكون واضحا ما هي مرجعيته, وما هي الجهة المساءل أمامها, اللهم إلا من تقارير يقدمها المحافظ أمام المجلس الوطني, ولكن من المهم الإشارة هنا إلا أنه لا رئاسة الجمهورية, ولا البرلمان يملكان القدرة الفنية على التدقيق في أداء البنك المركزي, أو محاسبته عليها.
ولقد شهدت السنوات الأخيرة نمطا مستحدثا يتم فيه إلحاق بعض أجهزة الدولة التنفيذية لرئاسة الجمهورية دون مبرر منطقي سواء إعطائها استقلالية تجعلها لا تخضع للمحاسبة ولا المساءلة وهو وضع معيب من شأنه أن يتسبب في إشكالات هيكيلة كثيرة, وفي ضعف محاسبة ومساءلة هذه الأجهزة ويطلق يدها دون حسيب أو رقيب, وإذا كانت هذه المؤسسات ترغب في صلاحيات حقيقية لتمكينها من أداء وظائفها فلا بأس في ذلك, ولكن لا ينبغي لهذا الأمر أن يكون سببا في إعفائها من الخضوع لمؤسسات الدولة التنفيذية الطبيعية, ولا ينبغي أن تفصل مؤسسات الدولة على مقاس الأشخاص مهما كانت أهميتهم وقدراتهم, ولكن يجب أن يكون هناك بناءاً مؤسسياً لأن ذلك هو الضمانة الوحيدة الحقيقية لإدراك الأخطاء والإصلاح.
على أية حال فإن قضية إصلاح أوضاع النظام المصرفي هي مسألة أكبر تعقيدا من الإحاطة بها في مقالة واحدة, فالحديث ذو شجون في هذا الأمر وهناك الكثير المثير مما يمكن أن يقال, ولكن هذه قضية حساسة يجب أن تعالج بقدر كبير من المسؤولية والحرص, وهناك حاجة لإدارة حوار عميق عن حلول جذرية لأزمة النظام المصرفي, ففقدان الثقة في هذا الجهاز ستتبعه آثار مدمرة على الاقتصاد الوطني إن لم نكن نشهد بالفعل فصولا من هذه الآثار السلبية الظاهرة في الأداء الاقتصادي للقطاعين العام والخاص.
عن صحيفة (إيلاف) السودانية

الصحافة
------------------------------------------------------------
الجمعة 2 مايو 2008م، 26 ربيع الثاني 1429هـ العدد 5340

شركة كبرى تشتكي للجهات العليا من خرق قرار الحظر
22350 طناً من السكر ( المستورد) تصل إلى بورتسودان

الخرطوم : الصحافة

وصلت الي ميناء بورتسودان 22350 طنا من السكر المستورد بتصاديق من وزارة التجارة رغم القرار الصادر في وقت سابق من مجلس الوزراء الصادر بحظر السكر المستورد ، وعلم ان جملة الكميات المصدق بها والتي ينتظر وصولها البلاد خلال الايام المقبلة تصل الي 52559 طناً .
واطلعت «الصحافة » علي مكاتبات بين شركة كبري وجهة عليا تشتكي فيها الاولي من خرق قرار الحظر ، وقالت مصادر موثوقة ان الشركة المشتكية تعللت بانها فشلت في تسديد مرتبات موظفيها بسبب فتح استيراد السكر الابيض .
وعزا قيادي في الشركة تحدث الي «الصحافة» امس اسباب العجز المالي الذي تعاني منه الي ركود يواجه السلعة بالاسواق ، بسبب التهريب والاستيراد ، وحذر من فتح الباب واسعا للاستيراد .
وقال ، ان الشركة تملك معلومات مؤكدة بتدفق كميات من السكر الابيض نحو البلاد بسبب تصاديق الاستثناء ، مطالبا بضرورة تنفيذ قرار مجلس الوزراء والتشدد في عملية الحظر ومكافحة التهريب.
وافاد مصدر عليم ان هنالك ثلاث بواخر تحمل كميات كبيرة من السكر في طريقها الي ميناء بورتسودان ، وقال ان هذه البواخر ما كان لها ان تتحرك نحو البلاد اذا لم تجد الضوء الاخضر من الجهات المسؤولة .
وحصلت «الصحافة» علي خطابين الاول صادر في بداية الشهر الماضي وممهور بتوقيع وزيرالتجارة الخارجية جيمس كوك نقل فيه لادارة الجمارك موافقته علي تخليص 2559 طنا من السكر المستورد ، والاخر صادر في بداية مارس الماضي وممهور بتوقيع موظف كبير في الوزارة ينقل عبره الي محافظ البنك المركزي موافقة الوزارة لاحدي الشركات باستيراد 50,000 طن من السكر المستورد وفقا للضوابط المعروفة .
وكان وزير التجارة جيمس كوك ،قال في وقت سابق انه لم يمرر اي تصديق خاص باستيراد السلعة منذ تسلمه الوزارة ، وارجع الامر برمته الي تصاديق صدرت منذ ايام الوزير السابق ، وقال انه لايمكن ان يعطل ماقام به زميل سابق .

الصحافة
--------------------------------------------------------------
الإثنين 22 سبتمبر 2008م، 22 رمضان 1429هـ العدد 5325

29.3 مليار دولار ديون السودان الخارجية


الخرطوم :الصحافة

بلغت ديون السودان الخارجية 3ر29 مليار دولار بنهاية ديسمبر العام الماضى. واعتبر محافظ بنك السودان الدكتور صابر محمد الحسن، فى بيان أمام المجلس الوطنى أمس أن أغلب هذه الديون ناتج من تراكم الفوائد الجزئية والتعاقدية ، مبيناً أن البنك المركزى واصل جهوده بالتعاون مع وزارة المالية للعمل على تخفيف عبء هذه الديون بالاستفاده من المبادرات الدولية المطروحة.
وأكد الحسن، أن السودان أوفى بكل شروط المبادرات الدولية المطروحة فى هذا الصدد، بينما تبقت الجوانب السياسية منها والتى تحظى بأهمية كبرى، معرباً عن أمله فى أن تسهم التطورات المتعلقة بحل أزمة دارفور والتعاون مع المجتمع الدولى فى حلها.
وقال إن البنك يتبنى اجراءات تهدف الى ادارة السيولة وتوفيرها للقطاعين العام والخاص ، كما سيواصل جهوده فى معالجة مشكلة التعثر والحد منها حتى تصل الى الحدود العالمية المتعارف عليها.
وفى مجال الرقابة المصرفية، كشف عن مساعٍ لبنك السودان لاكمال مشروع الدمج المصرفى وخلق التحالفات والكيانات القوية والقادرة على المنافسة ،مشيراً الى ربط الشبكة السودانية مع شبكة جمهورية مصر وأن العمل مستمر لربطها مع الشبكات الاقليمية الاخرى بكل من السعودية، قطر، بقية دول الخليج، بالاضافة الى جهود البنك فى اطلاق مشروع الاستعلام الائتمانى الالكترونى عن مخاطر العملاء عند منحهم التمويل.
وأكد محافظ البنك المركزى العمل من خلال الآليات المتاحة على منع المزيد من التصاعد فى سعر الصرف والمحافظة على استقراره الحالى،
وجدد سعى البنك لتشجيع الصادرات غير البترولية وتحسين قدرتها التنافسية وتبسيط اجراءات الصادر ودعم جهود الوكالة الوطنية فى تنمية الصادرات.
وكشف الحسن أن البنك المركزي قام بتمويل برامج النفرة الزراعية بمبلغ 70ر221 مليون جنيه ،بجانب دعم صندوق الآليات الزراعية بمبلغ 50 مليون دولار، و200 مليون دولار لصندوق الانتاج والسلع الرأسمالية،
وعلن زيادة التمويل المصرفى بنسبة 20% العام الماضى مقارنة بالعام 2006م.

الصحافة
------------------------------------------------

الإثنين 22 سبتمبر 2008م، 22 رمضان 1429هـ العدد 5335


تقرير الإيكونومست عن السودان

د. الطيب زين العابدين

حظيت بنسخة مجانية، أرسلها لى أحد الأصدقاء عبر الانترنت، من التقرير الأخير عن السودان الذى أصدرته «وحدة معلومات الايكونومست» فى الحادى عشر من ديسمبر الجارى. ويشتمل التقرير على أهم المعلومات والتطورات الاقتصادية والسياسية التى حدثت فى السودان عام 2007م، ويتنبأ بما يمكن أن يحدث فى العامين القادمين «2008- 2009م»، وهو التقليد الذى درج عليه التقرير فى الكتابة المنتظمة عن حوالى «200» من أقطار العالم المختلفة. وتعتبر «مجموعة معلومات الايكونومست» التى تأسست فى لندن عام 1946م، من أشهر مؤسسات البحث والاستشارات المتخصصة فى مجال المعلومات الاقتصادية عن الصناعات الكبرى والاستثمار والتمويل والادارة. وتتمتع المجموعة باستقلالية واسعة ومصداقية عالية فى أخبارها وتحليلاتها، مما جعلها مرجعاً أساسيا للمعلومات الاقتصادية والسياسية بالنسبة للشركات العالمية ومؤسسات التمويل والمستثمرين والجامعات والأجهزة الحكومية. وللمجموعة «40» مكتبا فى أنحاء العالم «ليس من بينها السودان»، وبها حوالى «150» خبيرا متفرغا متخصصا فى أقطار العالم المختلفة «خبيرة السودان تسمى لورا جيمس تزور السودان عدة مرات كل عام»، تساندهم شبكة من المحللين والمحررين فى أنحاء العالم تربو على الستمائة كاتب. وتتعدد أنشطة المجموعة من اصدار التقارير ربع السنوية والتقارير الشهرية «مثل التقرير الذى صدر أخيراً عن السودان» والنشرات الإخبارية (Newsletter)، وعقد المؤتمرات والقيام بالأعمال الاستشارية المتخصصة حسب الطلب، وتستفيد مجلة الايكونومومست اللندنية الأسبوعية المشهورة من مخزون معلومات ارشيف المجموعة الذى يمتد عبر أكثر من «160» عاما «منذ 1843م». ولا أعرف اصدارة عالمية أكثر دقة فى معلوماتها السياسية والاقتصادية عن السودان من تقرير وحدة معلومات الايكونومست (Economist Intelligence Unit). وهاكم طرفا من معلوماتها الدقيقة عن السودان..!!
فى مجال المعلومات والتحليل السياسى، جاء فى التقرير ما يأتى: بعد سلسلة اجتماعات بين الرئيس البشير ونائبه الاول سلفا كير، أعلنت الحركة الشعبية فى الحادى عشر من ديسمبر، أن وزراءها سيعودون قريبا لممارسة مهامهم فى الحكومة المركزية التى قاطعوها منذ حوالى أكتوبر الماضى، وذلك فى أعقاب الاتفاق داخل اللجنة السداسية المشتركة على معظم المسائل العالقة بين المؤتمر الوطنى والحركة الشعبية. ورغم عودة الشراكة القلقة بين الطرفين، إلا أن ضعف الثقة المتعمق بينهما لا يعنى تحولا سريعا وكبيرا فى العلاقات، مع احتمال حدوث اختلافات ومشكلات عند تنفيذ الاتفاق. وأشار التقرير الى الاختلاف حول ترسيم حدود منطقة أبيى التى رفعت الى رئاسة الجمهورية لمعالجتها، والى خطاب الرئيس البشير فى مدنى الذى رفض فيه تقرير الخبراء حول الحدود، ووجه باعادة فتح معسكرات تدريب الدفاع الشعبى فى أنحاء البلاد. وذكر التقرير بتفصيل الخلاف بين الأمم المتحدة وحكومة السودان حول نشر القوات الهجين فى دارفور، الأمر الذى سيتسبب فى تأخير مجيئ تلك القوات الى النصف الثانى من عام 2008م على أقرب تقدير. وتمثل الخلاف حسب معلومات وحدة الايكونومست فى: رفض الحكومة لتكوين القوات المقترح من قبل الاتحاد الافريقى والأمم المتحدة، والذى يشتمل على كتيبة مشاة من تايلاند ووحدة قوات خاصة من نيبال ووحدة مهندسين من النرويج، والسماح بنشر ست طائرات هيلوكوبتر فى مدينة الفاشر، والموافقة على تحركات طيران البعثة الأممية ليلا، ومنح قطع أراضٍ للقوات فى كل من الجنينة وزالنجى، وفك حبس آليات الاتصال التابعة للبعثة، والاتفاق على تفاصيل عمليات البعثة «يوناميد». ورغم أنى أتابع ما ينشر عن مجيئ القوات الهجين الى دارفور، الا أنى لم أطلع على تفاصيل الخلاف حولها الا من تقرير الايكونومست المذكور، يبدو أن الشعب السودانى هو الجهة الوحيدة المغيبة عنها المعلومات، وكل ما يقال له إن الحكومة مع القوات الافريقية وضد القوات الأممية، وعلى الشعب أن يقدم المساندة اللازمة لموقف الحكومة الوطنى، ولا بأس على الحكومة أن تغير موقفها اذا دعت الضرورة فالحرب كر وفر! وتوقع التقرير ألا يتم نشر القوات الدولية فى دارفور قبل النصف الاول من عام 2008م على أقرب تقدير، بسبب تلك الخلافات وضعف التمويل.
وذكر التقرير قصة معلمة مدرسة الاتحاد البريطانية، وكيف أن احتجازها والحكم عليها والعفو عنها خطف الأضواء ومنشيتات الصحف العالمية، من الخوض فى علاقات السودان الخارجية المتأزمة ومشكلاته الداخلية العويصة، وتعرض لفشل مؤتمر سرت فى ليبيا من أجل استكمال مفاوضات السلام لدارفور، مما يعنى أن على قوات الأمم المتحدة أن تناضل بشدة لحفظ السلام فى ذلك الاقليم حتى لو اكتمل نشرها. وقال إن الحزب الحاكم سيحاول الاستفادة من حالة الفوضى الضاربة فى دارفور من أجل تقليل التنازلات التى يمكن أن يقدمها للمعارضة المحلية وللقوى الدولية الضاغطة. وتعرض التقرير لاطلاق سراح مبارك الفاضل فى الثالث من ديسمبر، بعد أن اعتقل مع آخرين منذ يوليو الماضى بتهمة التدبير لمؤامرة تخريبية ضد النظام، ومثل ادعاءات سابقة لم تستطع الحكومة تقديم بينة مقنعة لتبرير الاتهام، واستشهد بما جاء فى صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية أن ضباط الاستخبارات العسكرية ورجال جهاز الأمن صاروا يتلاومون فيما بينهم على ضعف الأدلة المقدمة لاثبات التهمة على المعتقلين. وفى التعاطى مع أحزاب المعارضة الشمالية فإن سياسة المؤتمر الوطنى تراوح بين محاولة كسر الظهر وتحسين العلاقات. وفى الفترة الأخيرة انتهج سياسة التحسين بتفعيل هيئة جمع الصف الوطنى التى يترأسها المشير عبد الرحمن سوار الدهب، وبمقابلة الرئيس البشير للسيد الصادق المهدى رئيس حزب الأمة التى وصفتها وكالة «سونا» الحكومية بأنها هدفت الى «ايجاد رؤية مشتركة للقضايا الوطنية»، جاءت مقابلة البشير لقيادة الحزب الشيوعى بعد صدور التقرير فلم تذكر، والا فإن مغزاها السياسى أكبر، فهى الأولى منذ انقلاب يونيو 89م. ويعلق التقرير على هذه المبادرات الحكومية بأنها لن تؤدى الى تحسن مفاجئ فى علاقاتها بالأحزاب، لأن الثقة ضعيفة بينهم ولأن كل حزب، بما فيها الحركة الشعبية الشريكة فى الحكم، يريد أن يبقى خياراته التحالفية مفتوحة حتى أقرب موعد للانتخابات القادمة.
وفى مجال السياسة الاقتصادية التى نالت استحسان التقرير، تعرض لميزانية 2008م، التى أثارت جدلا فى البرلمان بسبب زيادة القيمة المضافة من 12 الى 15%، وسحب اعفاءات الاستثمار. وتوقع أن تنخفض الايرادات الضريبية فى عام 2008م، ولكنها ستعود للارتفاع فى 2009م، لأن وزارة المالية تنوى أن تطبق الاصلاحات الضريبية التى يوصى بها صندوق النقد الدولى، وهى نقص الضريبة على الأفراد والأعمال معا الى 15% بدلا من 20% و30% المعمول بها حاليا. ويذكر التقرير أن مجمل ايرادات الحكومة المتوقعة فى الميزانية تبلغ 26 بليون جنيه سودانى «أظن الصحيح هو 22 بليون» بعجز يبلغ 4.5 فى المئة من الناتج الاجمالى المحلى، وتنبأ بنسبة نمو تصل الى 8.5 فى المئة لعامى 2008 و2009م، وسيظل التضخم عاليا فى حدود 8%. وأشار التقرير الى أن أداء الميزانية فى التسعة شهور الأولى من عام 2007م كشف عن زيادة فى الرواتب والأجور بنسبة 23% وفى تحويلات الولايات الشمالية بنسبة 35% مع نقص كبير فى الاحتياطى العام «39%» والتنمية القومية «10%» وتحويلات حكومة الجنوب «2%».
وبالنسبة لحكومة الجنوب، قال انها تتعرض لضغوط مالية بسبب تذبذب عائدات البترول وضعف الايرادات غير البترولية «تكاد تنعدم» وحجم الصرف المتزايد، مما جعلها تقرر الاستدانة من مؤسسات التمويل العالمية، خاصة من دول الخليج والصين وافريقيا، فى حدود خمسة بلايين دولار من أجل إحداث التنمية الاقتصادية والاجتماعية فى الجنوب. وذكر التقرير التحذير الذى وجهه رئيس وحدة محاربة الفساد، بارى وانجى، للبرلمان الاقليمى: إن محاربة الفساد فى الجنوب ستكون عملية صعبة، لأن السلطات المعنية تقلل كثيرا من قصص الفساد المرتبطة بأقربائهم وأصدقائهم. وتتعرض حكومة الجنوب الى ضغوط محلية ودولية لمحاربة الفساد، الأمر الذى اضطرها لانشاء مفوضية خاصة للتحقيق فى صرف المال العام، وأدت جهودها فى هذا السبيل الى فصل وزير المالية السابق آرثر كوين وعدد من كبار المسؤولين بوزارة المالية. ولكن النقاش حول الفساد المالى فى الجنوب لم يجد مثيلاً له فى الشمال، رغم الاهتمام العالمى بذلك، فقد وضعت مؤسسة الشفافية العالمية المعنية بالفساد السودان فى المرتبة «172» من جملة «179» بلدا قامت بتصنيفها..!! وحكومة الخرطوم لا تعترف أصلا بالمشكلة، ولا تبذل جهدا فى مخاطبة الاهتمام الشعبى بها، ولكن القصص التى يتداولها رجال الأعمال السودانيون والأجانب، تشير الى فساد مستشرٍ يتمثل فى تفضيل منح عطاءات الدولة «كما فعلت وزارة الداخلية فى عهد وزيرها السابق»، ومنح العمولات والرشاوى «وقطع الأراضى لمنظمات طوعية مصطنعة، وسلفيات مصرفية ضخمة دون ضمانات كافية، وبيع مؤسسات الدولة دون منافسة أو شفافية»، واعفاءات ضريبية خاصة. ويرتبط الفساد بالسياسة فى الشمال، لأن الحزب الحاكم يستعمل الحوافز المادية «غير المشروعة» لشراء الولاء السياسى، لذلك لا يمكن محاربة الفساد فى مستوى الحكومة القومية فى غياب الاصلاح السياسى.
وبما أن كل المعلومات التى ذكرها هذا التقرير وأكثر منها متوفرة داخل السودان، لماذا لا تقوم جهة أكاديمية واحدة أو مركز بحثى واحد من المراكز الحكومية العديدة التى أنشأتها، لترضية المحاسيب والمرافيد، بنشر إصدارة معلوماتية مفيدة مثل هذا التقرير؟

الصحافة




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !