لم أقرأ أو اسمع في حياتي عن شعب فرح لأنتخابات كما فرح الشعب الليبي بأنتخابات مؤتمره الوطني بالأمس . إنه شعورعم الجميع شيوخا وشبابا نساء ورجالا . كان الأمس عيدا ليبيا وطنيا وبداية لحياة ديمقراطية سليمة إذا إستمر هذا الشعور الوطني يحرك الجميع . لم تكن هناك أحزاب بمعنى الحزب ولم يكن هناك زعيم يحرك الناخبين بخطبه ونظرياته ، ولم نرى ذلك الأنقسام الحاد الذي رأيناه في إنتخابات مصر وتونس بين الأسلاميين والليبراليين. كان كل ليبي حريصا على الانتخاب رغم أن معظم الليبيين دخلوا مكاتب التصويت وهم لا يعرفون من سينتخبون . لقد وثق الجميع في جميع المرشحين . كان هناك الجو الثوري الذي سيطر على الجميع ووحد كل الليبيين . لقد أدليت بصوتي في مكتب التصويت بلندن وقدأنبهرت بالروح التي كانت تسود المشرفين على الأنتخابات والناخبين . لقد رأيت شبابا في عمر الزهور يستقبلون الناخبين بترحاب يجعلهم يشعرون كأنهم في بيوتهم، فأندمجوا وهم لا يعرفون بعضهم بعضا .ولا تسمع إلا عبارات مبروك كأنهم يعيشون عيدا وطنيا . وكان الشباب المشرف على الانتخابات يعاملون كبار السن معاملة تقدير وإحترام وهم يشرحون لهم قوائم المرشحين والهيئات الحزبية وخطوات التصويت ويهنئونهم بعبارات (مبروك ياحاج ) فلقد حقق أولادهم وأحفادهم ما كانوا يحلمون به طوال 42 عاما وراي من عاش منهم هذا الحلم يتحقق في حباتهم . وأكد لهم الشباب إنهم رغم تحريف التاريخ في عهد القذافي إلا انهم يعرفون كفاحهم وتضحياتكم يوم كانت ليبيا أفقر دولة في أفريقيا فأقاموا صرح الوطن وسعوا في إزدهاره وسلامته .والشباب اليوم كلهم أمل في الأستفادة من خبراتهم وعلمهم في المرحلة القادمة المليئة بالصعوبات والمطبات . لم ألاحظ فرقا بين الشباب الليبي رجالا ونساء الذين جاءوا من كل أرجاء ليبيا مدنها وقراها جبالها وصحاريها ومذاهبهم سني وأمازيغي كلهم إنصهروا في بوتقة واحدة إسمها ليبيا . لم أسمع ما كنت أقرأه واسمعه في وسائل الأعلام من خلاف وعبارات اليأس ومقالات خفافيش الظلام التي تدعو الى تقسيم ليبيا وبث روح المصالح الخاصة المسمومة دون حياء وفي ضوء النهار دون أستحياء او خجل . لقد برهن الشعب في إقباله على الأنتخابات رفضه لهذه الأصوات الوطنية في ظاهرها والأنفصالية في جوهرها ودس السم في العسل حتى تستسيغه الناس وهم يعرفون إنه السم الزعاف . ولكن والحمد لله إن ما رأيت بالأمس من تداخل النسيج الليبي بين الشباب الذي لم أسمع منه سوى كلمة ليبيا الموحدة للجميع على كل لسان . إن هذه الروح التي يبدأ بها الشعب الليبي خطواته نحو إقامة دولته الديمقراطية الموحدة لكفيلة بتوصيله إلى شاطئ الأمان . ولن تستطيع قوة في الأرض أن تخضعه بالحديد والنار، ولن تسطيع فئة ضالة أن تقسمه ألى دويلات ومناطق ، أو أضعاف عزيمته في تمسكه بالوحدة والتماسك . إني أمل أن يقوم المؤتمر الوطني في أوائل إجتماع له ببداية مرحلة دستورية جديد فيعدل ويلغي ما أرساه المجلس الأنتقالي غير المنتخب من قرارات خاطئة عن قصد أو عن جهل بما فيها أحياء جمعية الستين التي مضى عليها الزمن وإقرار الشريعة الأسلامية كتشريع أساسي للتشريع والمسلمون في ليبيا لا يحتاجون إلى تشريع يشكك في إسلامهم فكل الليبيين مسلمين يؤدون فرائض الأسلام ويتقيدون بتعليماته في شتى شئون حياتهم ، لقد هزلت حتى يقوم مثل هؤلاء تعليمهم الاسلام . وأن يؤلف المؤتمر لجنة برلمانية لأعداد الدستور من أصحاب الخبرة والمعرفة القانونية ومن كل مناطق البلاد وفئاته المهنية من عمال وفلاحين وعلماء ومهندسين ومحامين وأدباء وكتاب واطباء . وأن تقوم هذه اللجنة بوضع مسودة للدستور يعرض على المؤتمر الوطني للموافقة ثم عرضه على الشعب في إستفتاء عام بكلمة نعم أو لاء وإعتماده بالأغلبية المطلقة . وأمل من المؤتمر الوطني تأليف حكومة قديرة لتسيير الأمور في المرحلة الهامة القادمة على أن تتألف من شخصيات سياسية قوية تتمتع بأحترام الشعب في الوزارات السيادية ومن أخصائيين علماء وخبراء مختصين في وزارات الخدمات والتنمية .
التعليقات (0)