مواضيع اليوم

عيد الاضحى المبارك وطقوس قبيلة الزبرما لحفظ اللحوم

بسم الله الرحمن الرحيم

عيد الأضحى المبارك وطقوس الزبرما في حفظ اللحوم (جبسي)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد دخول الإسلام في السودان الغربي بأفريقيا الصحراوية توافدت شعوب وقبائل البربر واعتنقته ديناً حنيفاً بكل شعائره وتمسكت به بقوة واقتناع، ومن هؤلاء البربر شعب قبائل الزبرما وسونقي كواحدة من أهم خشوم بيوت البربر التي أفضت الى تكوين عدة سلطنات وممالك إسلامية تحولت بعضها الى دول حاكمة تحت المنظومة الجديدة بعد عصر الاستعمار (وهذه تفاصيل كبيرة وطويلة لا نخوض فيها الآن)..
وما أود سرده هنا، هو شكل شعيرة الأضحية في عيد الأضحى المبارك وكيفية الاحتفاظ باللحم بدون أن يفسد كتقنية بدائية ممتازة جداً عند قبائل الزبرما (وذلك باختصار شديد)، وبما أنهم كانوا يعيشون في الصحراء (النيجر، مالي، الصحراء الغربية،....، الخ) كان لابد لهم أن يولفوا طبيعة حياتهم للتكيف مع البيئة المحاطة بهم من حيث المأكل والمشرب والملبس والزاملة (المركب) والحماية والمسكن والدواء، وذلك لتسهيل ضرورياتها وما يقتضي أن يتماشى مع الدين الإسلامي الحنيف بدلا من نمط الحياة البربرية السائدة آنذاك، وكان لتشابه الطبيعة الصحراوية في السودان الغربي مع الطبيعة الصحراوية في مهبط الوحي في جزيرة العرب تسهيلاً لشعوب الصحراء الغربي السوداني لتطبيق كثير من الشعائر الدينية دون عناء يذكر طبقاَ لتشابه الأنماط الحياتية بالرغم من اختلاف الطقوس والأعراف والقيم..
أما فيما يختص بالأضحية، فكانوا يحرصون على نحرها كل حسب موقعه الجغرافي واستطاعته المادية حيث كانوا يضحون بالأغنام والأبقار والإبل الصحراوية، وبعد سلخها يحتفظون بجلودها الى حين الفراغ من تجهيز اللحوم، ويتم ذلك بإضافة الملح لتعقيم الوسط من فعل بكتيريا التحلل، ثم يتم دباغتها فيما بعد باستخدام بذور أشجار السنط (Acacia nilotica) (القرض)، بعد أن يتم تثبيت هذه الجلود في شعب دائرية بنظام هندسي فنان، ثم تزال منها بقايا اللحوم والدهون والشعر الميت، وأحياناً يتم إضافة بعض الألوان بشكل عام أو في شكل خطوط غالباً ما تكون سوداء جميلة، وبعد إتمام عملية الدباغة تستخدم لأغراض الحياة المختلفة، (فراوي للصلاة، بردعة ركوب، صناعة الجوارب والأحذية، للزينة والمشغولات اليدوية........الخ)..
أما بشأن اللحوم فيتم تجهيزها لتثبت على عودين طويلين في الشكل اكس الحرف الانجليزي (X) ويتم رشها بماء الملح والشطة المسحونة والليمون وبعض البهارات ولا يتم اضافة أدنى كمية من الزيت، ثم توضع لتعرض في صفوف منتظمة من جهتين أو ثلاث جهات بشكل جماعي حول نار كبيرة توقد في منتصفها بواسطة كتل كبيرة من الأشجار الجافة والتي يتم جلبها خصيصاً لهذا الغرض قبل وقت كافي من العيد، وحينذٍ يكتسب الاسم (جبسي Chips ) أي اللحم المشوي على نار الحطب بنظام العرض الطويل، وبهذه الطريقة يتم استخلاص أكثر من 50% من الدهون مع تجفيف الأجزاء المتاخمة للنار مثل (الشاورما)، وفي المساء يتم أخذ الـ (جبسي Chips) الى المنزل بواسطة شخصين يمسكان بأطراف الأعواد ويوضع في مكان أمن في مخزن الأسرة، وفي صباح اليوم التالي يتم تقطيعه الى أجزاء فيتم توزيع الثلث للفقراء والمساكين، ثم يتم شواء ما تبقى بواسطة الصاج لاستخلاص الـ 50% المتبقية من الدهون، وهذه تعد طريقة جيدة لحفظ اللحم، حيث يمكن تخزين لحوم الـ (جبسي Chips) لمدة طويلة قد تصل لعدة أشهر بدون أن تفسد..
تمتاز لحوم (الجبسي Chips) بنكهة ممتازة تجبرك على تناول المزيد المزيد منها بدون أن تصاب بأي ضرر أو مرض (لا في الأسنان ولا في المعدة أو المصران) لخلوها من الدهون المشبعة (الشحوم) وغير المشبعة (الزيوت)، ونسبة لأنها جافة، يمكن تناول أكبر قدر منها في أي وقت وأي زمان مثل الحمص أو التسالي بدون أدنى ضرر، وهذه تعد طريقة اختراع جيدة من أجدادنا القدماء لحفظ اللحوم في ظل لغياب مواعين الحفظ الحديثة مثل الثلاجات فضلاً عن أنها وسيلة ممتازة لفتح الشهية..

 

عمار عبد الله سليمان
Gadamar170@hotmail.com

009249918033345





التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !