عون للشمس وأربعاء الخير
رنّ الهاتف… سمعته من الطرف الآخر… من رحم ورشه وأعماله يقول… ويصوّت جذلاً… جاء… جاء… من الضيف قلت؟ قال: عوني… عوني الصغير جاء… أتت به نسمة ربيعية… بعناية ربانية… قبل خمس دقائق بالضبط … عوني الصغير… عوني الصغير…
قدسية الحدث، وعظمة الوجود، وصوت من بعيد من عوني الكبير… يبشر… أيقظت فيّ مشاعر كثيرة ملونة … تعبيري الباسم لولادة عوني… للأخ الذي سيربت على كتفي شمس… يمدها بدفء الأخوة فتهديه أشعتها الذهبية الحنونة… شكري لله وحمده على سلامة عوني الصغير وسلامة والدته.
التهاني والتبريكات للوالد عارف… على هذه العطية الربانية…
في مراحل تعليمنا المبكر، ما زلت أحفظ درساً في اللغة العربية للمربي السكاكيني هذا فحواه… يسأل الطفل جده: متى صرت يا جدي جداً؟ الجد: حين ولدت أنت… الطفل وما جائزتي على ذلك؟ الجد: قبلة. عوني الصغير يستحق كل قبلات جده… وجدته… ومن شمس أيضاً في كل إشراقة صبح معنى آخر من معاني الحياة التي تعكس أملاً وحباً وعناقاً في روابي ياصيد… ومنا جميعاً ضيوف الجد الأكبر عوني قبلاتنا أيضاً…
أطل عوني في صباح أربعاء الخير… ومع زقزقات طيور الصباح… وقد ارتوى الثرى ماءً… وتفجرت الينابيع ماءً رقراقاً… يمشي بتيه ودلال… والزهور البرية تتبرج زينتها الأولى… وأغصان الأشجار تعانق قطرات الندى الطرية… أطل عوني يبتسم للوجود… ويفرح لكينونته… لأن كل الشفاه ابتسمت لطفولة طرية… تستقبلها…
ترى ما الذي يدور في خلد الجد… في غمرة الفرح؟؟؟ كيف سيعبر عن فرحه وسروره بمقدم عوني؟؟ هل سيدربه على حمل الكاميرا لرسم الكلمات والأفكار؟؟ أم سيعلمه رسم الحرف وتعليقه برقبة حرف آخر لتشكيل أغنية…؟ أم ما زال الجد يحدق في الأفق اللامحدود في معنى الطفولة؟؟؟ لا ندري… ولكن كل الذي ندريه ان هناك… مكان فيه حدث التاريخ وحدّث… وان هناك وثائق تنطق بلغة الضاد الفصيحة… وإلى الشرق منها مقاعد صيفية تحت دالية قطوفها دانية… وفي صدر تلك الواجهة العتيقة… صورة لرجل… شهد له القاصي والداني… بنى مداميك اسمنتية في الصدق والوفاء والكرم… إنه العارف الأول… يرقب أوراق زيتوناته… ويحنو على براعمها الغضة الطرية… كما يحنو على عوني… وعوني… وعارف… وعلى إطلالة شمس… إنها أبجدية تصنع الحنان كما تفرح للزيت الذهبي الأصفر…
في ياصيد… الكل يحكي قصته… يحكي عن نجمة وردية… أطلت على ضحضاح ماء في أعالي الجبل… وغزال يشرب على أنغام النجمة… في ياصيد الكل يطل بأغنيته… آهات المواويل وزفراتها تطرب الغزلان الواردة على الماء… في ياصيد سر الفرح…
التعليقات (0)