الإعلام يتبع المال, وسائل الإعلام مهمتها أن تعكس وجهة نظر الجهات الممولة لها وليس أن تخبر متابعيها الحقيقة أو أن تكون حيادية. في الوطن العربي, قناتي الجزيرة والعربية خير مثال على ذلك. خلال الأزمة السورية, قادت قناة الجزيرة القطرية حملة إعلامية مسعورة من الأكاذيب والتلفيقات ومازالت تنشر الأكاذيب والأخبار المضللة عن حقيقة الوضع هناك. قناة العربية السعودية وإن كانت حملتها الإعلامية أقل زخما من قناة الجزيرة إلا أنها قناة متخصصة بنشر الأخبار الكاذبة والشائعات حيث تعتبر أحد أدوات الإعلام الحكومي في السعودية. المسؤولون عن قناة الجزيرة ينفون أن تكون قناة إعلامية تتبع الحكومة القطرية ممثلة بوزارة الإعلام ولكن الواقع ينفي ذلك. الحكومة القطرية تعهدت لمسؤولي الفيفا بدفع مبلغ 100 مليون دولار أمريكي بواسطة قناة الجزيرة في حال فازت قطر بتنظيم كأس العالم 2022. متابعي قناة الجزيرة القطرية لن يشاهدوا خبرا على شاشتها عن فضيحة فساد في قطر أو التدخل القطري في سوريا وقبلها في تونس ومصر وتشاركها في ذلك قناة العربية التي لا تنشر أي أخبار تحتوي على انتقاد للحكومة السعودية.
وسائل الإعلام الحكومية والخاصة في الوطن العربي تسير وفق نفس آلية العمل حيث تلتزم بالتعبير عن وجهة النظر الحكومية إلا في حالات نادرة وإستثنائية حيث يسمح بهامش بسيط من النقد ولكنه يبقى ضمن ضوابط مشدَّدَة قد تعني السجن أو الغرامة في حال مخالفتها. ولكن حرية الرأي والتعبير بالنسبة لبعضهم يردها فوضى بدون أي ضوابط أو قيود حيث يمكن تشويه سمعة الآخرين أو اتهامهم بالفساد بدون وثائق ومستندات أو أدلة تثبت صحة تلك الوقائع. في الدول الغربية, حيث هامش النقد والتعبير عن الرأي أوسع بكثير من أي بلد عربي ولكنه يبقى غير مؤثر في السياسة العامة للدولة.
في الولايات المتحدة, يسخرون من الرئيس والسياسيين في برامج تبث على الهواء يتابعها عشرات الملايين من الأمريكيين ولكن في النهاية, فإن السياسيين يفعلون ما يريدون ويقرِّونَ قوانين لا تلقى القبول الشعبي. هناك فجوة بين الإرادة الشعبية للناخبين, الوعود الإنتخابية والسياسات التي يتم تنفيذها على أرض الواقع. ولكن على الرغم من تلك الفجوة, يقوم الناخبون بالتصويت بإستمرار لأولئك السياسيين الكاذبين الذين يتلاعبون بهم عبر خطب إنتخابية رنانة مكتوبة بعناية من قبل خبراء مختصين.
إن وسائل الإعلام تعتمد في تغطية نفقاتها بشكل رئيسي على عائدات الدعاية والإعلان ولذلك فإنها حريصة على إختيار العاملين لديها من صحفيين ومقدمي البرامج والنشرات الإخبارية بعناية بالغة حيث تتوفر فيهم صفات وشروط معينة. إن الجهات الممولة ولوبيات الضغط والمتبرعين يقومون بفرض أجنداتهم على وسائل الإعلام من خلال التحكم بالتمويل خصوصا عائدات الدعاية والإعلان أو حتى حجب الأخبار المهمة عنها عبر الصحفيين المستقلين الذين يزودون المحطات الأخبار ووسائل الإعلام المختلفة بأخبار الحوادث والجرائم خصوصا العنيفة والدموية التي تتصدر النشرات الإخبارية مما يجذب المتابعين وبالتالي المعلنين والممولين.
خلال بداية الثمانينيات, كانت هناك خمسين وسيلة إعلامية رئيسية في الولايات المتحدة والتي تقلصت الى 23 خلال بداية التسعينيات. وحاليا, تسيطر 10 شركات إعلامية على مستوى العالم على صناعة الأخبار والأفلام ومحطات الإذاعة والفضائيات والصحف. رجل الأعمال الأسترالي روبرت مردوخ يسيطر عبر شركة نيوز كوربوريشن على عدد كبير من وسائل الإعلام حول العالم منها: ذا صن, ذا تايمز و صنداي تايمز في المملكة المتحدة, ديلي تلغراف ونيويورك بوست في الولايات المتحدة, فوكس القرن العشرين التي قام بشرائها سنة 1985 في الولايات المتحدة وقام بتغيير إسمها سنة 1986 الى مؤسسة فوكس برودكاستينغ حيث تتحكم بأكثر من ستة محطات تلفزيونية وإذاعية واستديوهات تصوير الأفلام, كما قام بشراء مؤسسات إعلامية في أستراليا منها (HarperCollins) و (The Herald and Weekly Times Ltd). شركة نيوز كوربوريشن تقدر قيمتها بأكثر من 5 مليارات دولار ويتبع لها أكثر من 800 مؤسسة إعلامية وصحف وإذاعات وشركات إنتاج الموسيقى والأفلام ومواقع إخبارية على الشبكة العنكبوتية في جميع أنحاء العالم وذلك يشمل الوطن العربي. الباحثة السوسيولوجية إيرين ستيوتر(Erin Steuter) توقعت بأنه في المستقبل, سوف تسيطر ثلاثة أو أربعة شركات على ملكية الإعلام في العالم بما في الإعلام المرئي, المطبوع والمسموع.
ولكن وسائل الإعلام التقليدية تواجه التحديات في القرن الواحد والعشرين مع تصاعد نجوم جدد في ساحة العمل الإعلامي مثل رجل الأعمال الأمريكي جيف بيزوس مالك موقع أمازون الذي دخل عالم النشر الرقمي بقوة بالإضافة الى شرائه صحيفة نيويورك تايمز الشهيرة بمبلغ 250 مليون دولار أمريكي سنة 2013. مواقع التواصل الإجتماعي ومواقع مشاركة الفيديوهات أصبحت منافسا قويا لوسائل الإعلام التقليدية حيث أصبح أي شخص يمتلك هاتف محمول أو كاميرا رقمية من صناعة المحتوى الإعلامي وبثه مباشرة على حساباته في وسائل التواصل الإجتماعي أو اليوتيوب أو من خلال رابط في موقع تويتر. كما أن مواقع التواصل الإجتماعي ومواقع مثل غوغل قد استحوذت على حصة مؤثرة من عائدات الدعاية والإعلان مما أدى الى منافسة قوية لوسائل الإعلام التقليدية ومطالبة أشخاص مثل جورج سوروس بتوجيه الإنتقادات الى مواقع التواصل الاجتماعي خصوصا فيسبوك بمخالفة القوانين وانتهاك خصوصية مستخدميه عبر بيع معلوماتهم الشخصية لشركات الدعاية والتأثير السلبي على نتائج الإنتخابات الأمريكية 2016 عبر التحكم بمحتوى الدعاية الإنتخابية وشريحة المستخدمين الذين يتمكنون من مشاهدتها.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
رابط الموضوع على مدونة علوم وثقافة ومعرفة
https://science-culture-knowledge.blogspot.com/2019/07/blog-post_18.html
الرجاء التكرم بالضغط على رابط الموضوع بعد الإنتهاء من قرائته لتسجيل زيارة للمدونة
النهاية
التعليقات (0)