مواضيع اليوم

عودة إلى الوعد

فريد دولتي

2009-06-04 00:22:17

0

هي تحدق إلي البحر ،النسيم يداعب وجهها،فيجبرها على غلق عيونها،فيراودها شعور بالإغماء ، الرمال البيضاء الدافئة،تتخلل بين أصابع قدميها العارية. المكان جميل يفوق الخيال، لكنه لا يزال غير قادر علي تخفيف الحزن الذي يعتريها، فهي مازالت تتذكر أخر مرة كانت هنا.

كانت معه،قبل ثلاثة سنوات،كأنها اليوم،هنا على هذه الرمال،احتضنته،دفنت رأسها داخل قميصه الفضفاض الأبيض،مررت يدها على بنطلونه الضيق،اخدت وردتها البيضاء وعلقتها في شعره المجعد،مما أضفى عليها جو من السرور اللامتناهي، كانت سعيدة أكثر من أي وقت مضى،لازالت تتذكر قميصها القطني الذي اهده إليها،فهي مازالت ترتاديه إلي ألان،هنا تواعد على الزواج،بدون حفلة ولا دعوات رسمية،اختلفا بشأن الأبناء،فهي تريد اثنان،أما هو فيريد أربعة،في النهاية أجلا هذا النقاش إلي حينه،التفت إلي الوراء ،فتراى لها فندق الخمسة نجوم،الذي شهد سعادتهم وحبورهم ،وفرحهم بأيام الشباب،شهد أيضا مغامراتهم السريرية الأولى،التي تزاوجت فيه صفاء نفوسهما مع صفاء سماء هذا البحر،

ولكن يبدو ألان إن هذا كان منذ وقت طويل. فالكثير قد تغير خلال هذه السنوات القليلة — فالكثير من أوجاع القلب يمكن أن تكون سببا في تغير الشخص، وتجعل أقوى العلاقات تنتهي، لتكسر أعمق الحب. ثلاث سنوات مرت منذ ذلك اليوم،وألان هما يعودان إلي نفس المكان ،ولكن هذه المرة ليس للزواج،بل هذه المرة،للاتفاق على إجراءات الطلاق.

هي متحسرة يعتصرها الأسف والألم،ولكن ليس في مقدورها أن تفعل شيء إزاء هذه الخطوة،لابد لها من إيجاد حياة جديدة،وأحلام جديدة ،فقد حاولت مرارا وتكرارا المحافظة على ما تبقى،وإصلاح ما يمكن إصلاحه ،ولكن بدون جدوى،فهو قد أصبح عاجز على توزيع المهام.

جالسة هي وتسال كيف يمكن لهذا المكان الجميل، بساحله الأخضر، وخلوده الأزرق السماوي، حيث يتداخل البحر بالرمال إلي ما لا نهاية، والذي شهد ذكريات جميلة لكلاهما، إن يصبح ألان مكان للعذاب.

وبينما هي مسترسلة في أفكارها،وحيدة في عزلتها،التفت قليلا إلي اليمين،لترى رجلا يراقبها من بعد ،بين أشجار النخيل،التي توزعت على الشاطي…ركزت ناظريها على هذا الرجل ذو الشعر الأسود المسترسل،وقد بداء يخطو بخطواته تجاهها عند حافة المياه،يحدق تارة إلي البحر ،كما إن شيء قد ضاع منه،وتارة أخرى يحدق لها،والنسيم يداعب خصلات شعره السوداء بجنون….يبدو كملاك هبط فجأة من السماء،لتجده بجانبها.

وصل أليها ،حياها،ردت هي التحية وهي تتفحصه،أحست حينها كأنه صديق اجتمعت به بعد فترة طويلة من الفراق…فهو تقريبا ليس غريبا على شاطي أيضا ليس بغريب….وأكمل طريقه.

(2)

في وقت لاحق التقت به في قاعة الجلوس ،ببهو الفندق،حياها للمرة الثانية،استأذن في الجلوس،فسمحت له،بداء حديثه بنوع من المجاملات العبرة،مثل جمال الفندق،نوعية الطعام،ود وترحيب الموظفين،وهو يحتسي كأس من الكوكتيل،كانت هي مترددة في النظر إليه،مع أنها أحبت ذلك….رويدا بداء الكحول يفعل مفعوله،صار يغازلها،يشيد بجمالها وبجسدها الرائع،ينظر إلي عيناها،يتفحصها بنظرات شهوانية واثقة…تحاول هي أن تحكي معاناتها، ولماذا هي موجودة هنا، يسمع هو بلا أدنى اكتراث، فهو ألان يشتهيها..تحاول هي جاهدة أن تقول له بأنها حامل في الشهر الثالث،وبأنها تشعر بالجنين يتحرك داخلها…يضع يده على ركبتها، ليسير بها إلي الأعلى، ضاغط بأصابعه أعلى ركبتها…يداعبها،تنتفض هي بسرعة،وقلبها يدق دقات سريعة ناتجة عن شعور متزاوج بين الخوف والرغبة…تولي هاربة بخطوات غير منتظمة ولكنها سريعة.

(3)

تخترق الرواق، تلتفت وراءها، خوفا من أن يلحقها، تصطدم بكائن فترتعش، لتسقط في أحضانه مرتمية باستسلام العاجز، تتحقق من هذا الكائن، لتجده زوجها. يضمها هو،تضمه هي …وبقوة،وعيناها تذرف الدمع،فمنذ وقت طويل لم تندس في حضنه…تنظر إليه،وهي تقول له…أحبك، انه هم ثقيل وعبء يدمرني عندما لا أجدك بجانبي…أرجوك لا تتركني،فأنت رجلي الوحيد…تسقط دمعة من عينه، يلفها بذراعيه وبقوة حنونة، وهو يقول لها، لا طلاق….الليلة سوف نجدد الوعد.
 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !