بسم الله الرحمن الرحيم
عهود ذوت ...وماتت واقفة
تلك أيام خلت ..وعنا رحلت
الى أفل قديم ..وربما حديث
الى ماضي أتى الى الحقيقة طائعا ً
لكنه هرب بعيدا.... بعيدا
ولم يلتفت ...فلتت أحلامه عنه مرغما
وزلت أقدامه الى الحضيض
فانزلق نحو هاوية عميق بلا رجوع
يروم الخضوع وإشباع رغبة الخنوع
هنالك في ساحات معاركي
أقدام للكر والفر وهزيمة نكراء
تترى الى حيث ...لا مفر
لا اشتياق ولا تململ
ولا حلم بالتسلق الى المخيلة تشط به
لإشباع نزوة الهروب والتبعثر والتخلخل
أضغاث أحلام كبيرة وأسوار كوابيس تحيطني
وصناديق الحقيقة مقفلة أراها
بلا متاريس... تمترسني
بلا المام ...مضت الطيور
وحلقت فوق المحيطات البعيدة
وعبرت أقدامها حافية فوق البحور
لا نظرات وعتاب يتطاير أوراقا
او قصاصات صفراء على الأهداب تمر تباعا
انا كلما مضت الأيام.. أراني واقفة في شموخ
حبلى بطفل يشب عن طوق الخوف في صروف
يتكلم في المهد صغيرا
كلمات في غاية الوضوح ويأبى الرضوخ
يتربص به الشيطان مواربا خلف أبواب وهمه
ويهمس في أذني همسا غير مفضوح
فلا عتب ولا لوم
حتى يفترس الوهن عظامي
ولا وكلمات طقطقتها أسنان النفاق
فأوغلت تتوارى خجلا من إيلامي
وتدمع عيونها كذبا في قطارة الشهقات
وحين تبجل الخطايا
تنقلب الألسنة الى اللعنات
تلعقها بلعاب يسيل انهارا على الوجنات
اه كم تمزق قلبي
حين رأى الوعد ملفوفا بكفن ممزق
فما أسهل ان تمتد اليه خراطيم الذباب ..وتلعق
وكم احتارت اصابعي كيف تتلمس التراب
وتهيل عليه من ركام الضلوع
فقد أبحرت سفني الى المجهول بلا قلوع
الا تعلم أيها الغريب ..
بأنك محاط برفاق السوء في زنزانة المصير
وأي مصير ...
تتحكم به عصابة من الديدان و الصراصير
قفزات على التاريخ تقفز الوجوه
ووريقاته الصفراء تتأرجح في دلال لكي تطير
فخرافة الفجر تبدأ حين تشهق الأفواه بالتثاؤب
والأجساد تتقلب على جمر أيامها
فتحترق الاقدام وتظن ساذجة ً انها تقفز و تلعب
فكم اشتعل الرأس شيبا ونحن واهمون
لا ندري اهو صبح جديد ..لا ندري
ام انه يوم اخر اتى مزمجرا عنيد
لا ندري انحن خائبون ؟
السنا خائفين ؟
السنا عاشقين
او السنا ذوائب الهجر
حين تمتد حسنا على الوجوه المائعة بالصبا ...لتلين
وعلى الشفاه التي تشققت بالضجر
وهي تداعب لسانها بلعاب الضمير ..تنتظر
ان يأتي قطارا يحمل أسفار على الحمير التي تعبت
الا أيها العهود التي ذوت لما اخترت الغثاء
في زهوة المناقير ؟
لم عهدت الى الأشجار ان تموت واقفة جرداء
حتى يأكل من رأسها الطير
وتتحول الى تراب تدوسه جحافل المنتصرين
أقدامهم وخيولهم تزهوا
وهي تدفنه في رحم الاشتياق دفنا ً
وتلحف عليه من مشيمة القلب
في تراتيل العابدين ..المبجلين
غرائزية تلك التراتيل لكنها تدعي الوجل
وتدفع في بهاء أعماقها
الى ترياق النزوات ..تشربه على مهل
ابهى لك أيتها الحقيقة النائمة
ان يكون نومك مقلقا ً
وغثك سمين ...وصومك إفطارا على عجل
فانت بلا دين ولا يمنعك عن اللهو والغزل
الا عفاف اصطنعه لك صانع متين
لا يملك يدين ولا أرجل يزحف بها نحو رجاء بعيد
فمن يريد ولمن تدمع عيناه وهما يشعان بالكذب المبين
فتلك عهود مضت بأرجلها الى حتفها ... وامضة سارحة
مزهوة بالخناق لكنها ماتت واقفة
وهي محاطة بالرفاق العابثين المشيعين
كريمة شامي
التعليقات (0)