عن صديقتي ؛ الكاتبة المجهولة.
كم صعب عليّ أن تكون "هي " بكل هذا الألق والجمال والتميز ، بهذا النجاح وتلك الألفة والبساطة الآسرة ، أن تكون كل هذا ولا أستطيع أن أذكر اسمها هنا ، في حين أفخر بأنها صديقتي ، وبأن عينيها تبرقان إبداعاً ، وهدوءها وحكمتها ترافقان القلم المواسي لآلامها ، الواقف على مجمل أسرارها ، الكاتم لآهاتها ، والمشاغب لنزقها السريّ.
تلك القادمة من أسرة نخبوية ، الرازحة تحت ضغوط اجتماعية - رغم التفتح الظاهر على العائلة – تجعل من تحركاتها محط أنظارهم ، وقراراتها تحت وقع نقاشات جماعية. لكنها عرفت الطريق وتشبثت بهوى قلبها ، وتبعت الوحي/الدليل إلى السمو الذي ارتفع بها فوق كل ماديات محيطها ، فكانت .. تلك الـ ما أستطيع ذكر اسمها ، كانت رغم كل شيء كاتبة .. مجهولة.
لم يرد بذهني أن يكون عبور أي منا في حياة الأخرى عبثياً – رغم ما توحي به الحياة مراراً في مواقفها المختلفة. منذ اختلينا ببعضنا على طاولة ذلك المقهى بعد اجتماع عمل تركنا به الآخرون لتتبع نشاطاتهم ، وبقينا متقابلتين ننتظر أن نتعرف إلى بعضنا.
منذ ذلك الاجتماع ، وتنهيدة البوح التي تشاطرناها ، صارت صديقتي. صديقتي الكاتبة السرية. وها أنا أكتب عنها هنا ، أكتب آملة أن أذكر اسمها يوماً لأنني مازلت مؤمنة بأن الخلود مكافأة العبور في هذه الحياة عبر تقديم ما هو غير اعتيادي ، لأخبر العالم أجمع عن صديقتي ، صديقتي الكاتبة السرية ، والمجهولة التي يعجب بها الآلاف دون أن يعرفوا من تكون في الحقيقة ، ويتبع إصداراتها طالبوا الحكمة ، يبحثون عن اسمها المستعار ، الاسم الذي لن يستدلوا من خلاله على صاحبة تلك الأشعار والروايات ، لكن أبيضها - وهو الأهم – سيصل لقلوبهم ، ويسهم في إنارة عقولهم.
نشرت في شرفات ثقافية القبس 11 أكتوبر 2009
http://alqabas.com.kw/Article.aspx?id=539943&date=11102009
التعليقات (0)