عن اي ليبرالية تتحدثون ؟!
بداية ، لست ليبراليا ولا علمانيا ولا "متاءسلما" بل مسلما ، ولدت مسلما وعشت مسلما وساءموت مسلما انشاء الله ٠ ومن هذا المنطلق اقول :
من يتابع الجدل "العاصف" هذه الايام في الفضائيات وشبكات التواصل الاجتماعي والمواقع الاخرى على الانترنت وهو ممن ليس له اطلاع سابق على ما يجري في الساحة الإعلامية السعودية ، ربما يتصور ان المجتمع السعودي يخوض حربا حقيقية ومعارك شرسة بكل انواع الاسلحة الميدانية والنفسية ، وانه يخوض معاركه العسكرية والإعلامية في ميدان القتال على جبهتين : جبهة داخلية تتمثل في الصراع مع سعوديين ليبراليين مرتدين عن الدين ويحاربون المجتمع حربا لله ورسول وستكون المرأة اول "غنائمهم " ان هم انتصروا وقضوا على الدين ! الجبهة الخارجية وتتمثل في الدعم الخارجي لليبراليين السعوديين ماديا وفكريا ولوجستيا ! ٠ فإذا عاش الواقع السعودي فمن المتوقع ان يصاب بالذهول ، فالمملكة العربية السعودية بفضل الله من اكثر دول العالم استقرارا سياسيا وامنيا فضلا عن تحكيمها الكتاب والسنة مما الجم الكثيرين من اصحاب الغلو في الدين وقطع عليهم طريق الرجعة لتغذية بذور الإرهاب ٠ والمجتمع يقيم فرائض الدين وشعائره بكل امن ويسر واطمئنان وبدعم سخي من الدولة على المستويين المادي والتنظيمي ولن يجد المراقب من يعترض على ما يقره علماء الدين الا بعض الآراء غير الممنهجة لمفكرين ومثقفين سعوديين فيما يتعلق ببعض المختلف فيه من الأحكام الفقهية اما الثوابت فلا مساس بها ، وان كان هذا لا يعني البتة عدم وجود بعض الاشخاص ( المعدودين ) ممن لديهم توجهات الحادية او علمانية متطرفة ، ولكن من المؤكد انهم نتاج اخر للتشدد الديني ومحاولة البعض فرض وصايته وارائه الخاصة على الاخرين باسم الدين فكانوا على النقيض ممن عرفوا بالفئة الضالة او المغرر بهم ، او المتحمسين - كما يسميهم البعض - للفكر الجهادي التكفيري ٠ هذا هو واقع الحال الديني والاجتماعي والسياسي والفكري في السعودية ٠ ومن المؤكد ان هذا التناقض الغريب سوف يفرض على من يتامله سؤالا لن يجيب عليه الا عقل غير مؤدلج ٠٠ عقل ما يزال يتمتع باستقلاليته ، والسبب في ذلك في تقديري يعود لحقيقة كون النسبة العظمى من المجتمع -من العامة وحتى كثير من المثقفين - اصبحوا من المسلمين عقليا بفكرة العداء للدين والتآمر عليه خارجيا وداخليا بقيادة الليبرالية السعودية ! والتربص بالمرأة ، وبعادات المجتمع وتقاليده الموروثة ، ومحاربة علمائه ، ودستوره المستمد من الكتاب والسنة ، ومحاولة هدم أخلاقه ودينه وعفة نسائه ومبادئه وقيمه الراسخة !
والسؤال هو : ما سر هذا التناقض ؟ ومن يقف وراء هذا الضجيج غير المبرر ؟!
وعلى الرغم من أني ممن لا يؤمن بفكرة المؤامرة والتامر الا انني ومن خلال متابعتي لبعض أطراف هذا الجدل و" الصراخ " الذي اصبح لا يكاد يخلو منه حوار إعلامي او مسجد او منبر خطابي او مجلس ( ارضي او فضائي !) او موقع " إنترنتي " بت اشك بوجود مؤامرة تحاك ضد المجتمع السعودي من ( داخله وليس من الخارج ) لإثارة الفتنة فيه وتمزيقه الى طوائف متصارعة ٠او على الاقل ، وبما اني ما زلت غير مقتنع بفكرة المؤامرة ، هناك هدف ما يسعى لفرض واقع ما ربما لا يزال مجهولا لبعض المراقبين ، ومن الواضح ان المخططين لهذا الهدف يستغلون تدين افراد المجتمع وتمسكهم بقيم وتعاليم دينهم الاسلامي ، ويستغلون تسليم النسبة العظمى من المجتمع بفكرة وجود وخطر الليبرالية ( السعودية ) والتي تنامى تشكلها - واعني فكرة الخطر - في الوعي المجتمعي على مدى العقود الثلاثة الماضية وما يزال يتنامى على ايدي بعض ( المتشايخين ) وكثير من الذين ربما لم يعوا بعد ما يدور حولهم ، فتجد ردود أفعالهم بعد سماعهم او قراءتهم لما ينشره بعض المؤججين لنار الفتنة وتفريق المجتمع السعودي الى طوائف متناحرة تتسم بالعنف ( اللفظي ) والتشنج والانفعال وقذف الاخرين بسقوط الأخلاق والقيم فقط لمجرد نقل البعض لما ينشر على " رصيف " الانترنت ، والله تعالى يقول : واذا جاءكم فاسق بنبا فتبينو ٠٠٠٠٠ وحتى وان كان بعض ما يقال او ينشر عن بعض الانحرافات الفكرية الا انها لأشخاص غير معروفين وليس لهم أدنى تأثير ، وبالتلي فان مما يعمق الإشكالية ان هناك أناس تعتقد بوجود خطر على الدين وعلى المرأة من خلال جرها للتمرد على الدين والقيم او ما يسمى "التغريب" و ٠٠ هناك ( ناس تصدق ويرتفع ضغطها !! ) والنتيجة ازدياد تعمق ظاهرة الكراهية بين افراد المجتمع وهو ما يسعى له البعض بقصد او بدون قصد تحت غطاء الدفاع عن الدين واحتساب ذلك جهاد في سبيل الله ٠٠
ويبقى السؤال : من المستفيد من شحن عقول مواطني هذا البلد الأمن ضد بعضهم البعض ؟!
بقلم / تركي سليم الاكلبي ,
التعليقات (0)