تثير بعض التصريحات التي تتداولها وسائل الاعلام التساؤل عن العدد الكافي والمطلوب من الجرائم التي يتوجب على النظام القابع في سوريا ان يرتكبها بحق العزل من شعبه المنكوب لكي يتم اغلاق الحديث عن الاصلاح الموعود الذي سحق منذ اليوم الاول تحت سرف الدبابات واعقاب الجنود الغاضبة..
فعن اي اوان يتحدث السيد اردوغان محذرا الرئيس السوري من ان يفوت من تحت انف واقدام عملية الاصلاح التي وعد النظام بها من يومه الاول واضحت كغودو بيكيت..تأتي ولا تأتي ..ولا ندري اهو نفس الاوان الذي قصده الامين العام للامم المتحدة بقوله" احثّ الرئيس السوري الاسد وسلطاته على حماية شعبهم واحترام حقوقه والاصغاء الى مطالبه وتطلعاته وتحدياته وتوفير الظروف لعودة اللاجئين وتطبيق اصلاحات الان قبل فوات الاوان"...
أي اوان هذا الذي لم يفت بعد..وكم من الوقت ما زال على العالم ان ينتظره ليقول كلمته تجاه هذا النظام الذي تساقطت شرعيته كاوراق خريف عاصف منذ الابتسامات الاولى التي اسرف الوريث في نثرها على اعضاء مجلسه الفريد..وكم من الدماء يجب ان تسيل لكي يكف رئيس الحكومة التركية عن خصف عورة النظام بورقة الاصلاح المصفرة المتيبسة الملوثة بالوعود الزائفة والعهود الخائنة..
ما الذي تنتظره تركيا من نظام يتنفس على هاجس الامن ويديم حياته من تصدير ازماته الى ما وراء الحدود او عن طريق التآمر ودعم الانظمة القمعية الاستبدادية ونسج التحالفات البغيضة مع القوى المناهضة لحق الشعوب في خياراتها السياسية الحرة..وما هو شكل الاصلاحات التي ينتظرها رئيس الوزراء الحالم بامبراطورية عثمانية يكون فيها للصدر الاعظم الكلمة الفصل دون السلطان..اي اصلاحات تأتي من نظام زال أوانه من اليوم الاول لوراثة الابن ما اختلسه الاب من تناقضات وتعقيدات الوضع السياسي والامني في ستينيات القرن الماضي وما ابتزه من الانقلاب على رفاق السلاح والشركاء وما بناه بالحديد والنار والقمع والارهاب وتضييق الحريات لعقود..
فعلى الرغم من المواقف المعلنة لتركيا من الحراك الشعبي السوري والتي يراد لها ان تبدو متدرجة متصاعدة ومناهضة لممارسات النظام وجرائمه تجاه الشعب الثائر المطالب بالحرية والتغيير والمشاركة واحترام حقوق الانسان.. ولكننا لا يمكننا ان نتغافل عن الحركة الدائرية لهذه المواقف مع مركز النظام والحرص المبالغ به على ابقاء المسافة الآمنة التي تتيح للنظام الفسحة الكافية للاجهاز التام على القوى الثورية وطلائع الشعب السوري الذي تساوت عنده باطن الارض وظاهرها نتيجة لتغول وافتراسية المؤسسة الامنية وتجاوزها على ارواح ودماء السوريين وآمالهم بالمستقبل المشرق المثمر..
ان تركيا باتخاذها جانب المعارضة الاعلامية الدعائية المنتحلة نفاذ صبر زائف والمبطنة الرغبة في اتاحة الكثير من الوقت للنظام المتكأ على دعم عربي مستتر وتواطؤ روسي صيني معلن تراهن على سياسة خائبة ومسدودة الافق تجاه اي معجزة آلهية قد تعيد الاسد الى صباه وتدفعه لاصلاحات مستحيلة بسبب قناعة النظام ان مثل تلك الاصلاحات لن يكتب لها الحياة الا باقصاءه الكامل ونظامه المتهالك عن المشهد السياسي السوري..وان رأسه سيقطف بالتأكيد ضمن اي قدر او مستوى من الممارسة الديمقراطية الحرة..
ان الجماهير السورىة البطلة التي تواجه دبابات بشار الأسد بصدورها العارية..والتي تقاسي الشعور بالظلم والاضطهاد والتنكيل من قبل ازلام ومرتزقة النظام..والني تطالب بالحرية والعدالة وحقوق الانسان..لها من الحق على جميع الاحرار في العالم بالمؤازرة والدعم والاسناد من خلال المواقف الواضحة والصريحة في نصرة الشعوب في نضالها العادل من اجل التحرر والانعتاق وبناء الدولة المدنية الحديثة ..دولة النظام والقانون والمؤسسات..واي تهاون في هذه المواقف لا يمكن ان يعد الا دعما للنظام الذي لا يحسن الا انتاج المسارات الامنية التي يبتدأ صباحه بها كل يوم ولا ينام الا على لعلعة الرصاص في شوارع الشام كاسلوب حياة اصبح هو نفسه اسيرا لآلياته وممارساته بما يبدو انه لا فكاك منه..
ليس لاردوغان ولا لغيره ان يضع احدى قدميه في ركاب الثورة و ان يضع يده الاخرى في جيب النظام في نفس الوقت..ولا يمكن النظر في مصداقية الكلمات الغاضبة عن ادانة وتخطئة النظام الذي يطلق النار على شعبه..مع التأكيد الدائم على السعي لتخليق آليات الحل البروتوكولي الآمن-المطلوب مرحليا على الاقل- لتسليك علاقات اقتصادية لا يملك الطرفان ادنى رغبة في افشالها..ولن تكون هناك اي وثوقية للحرص على عدم تكرار الشعور المر الذي رافق المآسي التي اختبرها العالم في حلبجة وحمص وحماه.. مع استمرار الحديث عن افق مفتوح من انتظار الاصلاحات التي قد يمن بها النظام على شعبه..والتي لن تأتي..
التعليقات (0)