كنت قد كتبت قبل أيام عن أحد أمراض العرب، التي تلد معهم مع صرختهم الأولى من بطون أمهاتهم .. كانت كتابتي مختصرة ومحددة في شأن واحد.. جائني اليوم من أحد الصديقات هذا المقال الذي شخص فايدع سخر فاضحك وابكى.. من المؤكد أن العرب العاربة والمستعربة (الا من رحم ربي ) لاحس لديهم ولا عقل ليفكروا وسيتراكضون الى شتمي وشتم الكاتب ويهوهون ويفعلون أي شيء إلا التدبر في معاني ما يكتب عنهم وفيهم اترككم مع الكاتب المبدع ورسام الكاريكاتير الساخر
«هذا ما رواه أبي علِي» (8) على قنفة فرويد جلست
جعفر رجب
عشت حياة سعيدة جدا، في التسعة الاشهر الاولى وأنا في بطن أمي، أما بعدها فكان ما بين بين وبين، و«أذكر» انني فشلت في محاولاتي الاولى للمشي، وقد ذكرت الروايات الخاصة بتاريخي المجيد، انني لم أمش حتى السنة الثانية من عمري، وبعد استشارة كبار القوم، تبين ان علاجي الوحيد، هو غسلي، بماء غسل فيه ميت في «المغيسل»، ووفقا للروايات المتواترة قيل، بأنه بعد غسلي بساعتين، تمكنت ليس فقط من المشي بل الركض، وقفز الحواجز، والغطس، ولعب البولينغ!
الطريق في الأحلام ليس كطريق السالمي، فلا غبار، ولا مطبات، ولا تفتيش، ولا شاحنات... سرنا بين جناتها مسافة سنة في ثانية، وتعبنا ونحن نمشي ثانية واحدة، فتوقفنا في احدى الاستراحات، وكان هناك شخص أعرفه وقرأت عنه، اسمه «فرويد»، وفرويد هذا أشهر من اهتم بالنفس الانسانية، وسلوكها، وأمراضها!
سلمنا عليه سلام صديق لصديق، وإذ به يدعوني للجلوس على قنفه طويلة، فرفضت عرضه، أصرّ علي، ورفضت مرة أخرى قائلا:يا سيد فرويد، انا لست مريضا نفسيا ولا أعاني من أي عقد!
> وهل يوجد في الكون كله، من لا يعاني من أمراض نفسية!
- أنا!
> حقا!
لم أجد نفسي إلا وأنا «منسدح» على قنفته، وقلت له: طبعا، انا بلا عقد، باستثناء تأخر المشي عندي، وعقدة سمار جلدي، وفلفلة شعري، وانعقاف انفي، وانتفاخ شفتي، واختلاف حجم اذني، وصغر اصابعي، والتصاق اصبعي قدمي، والتواء ساقي، وقصر قامتي، وبعض لا أتذكرها وبعض لا أذكرها... لا املك اي عقدة!
قال ساخرا: فقط !
- قلت لك انا بلا عقد، فانا من امة بلا داء، انا من قوم لا توسط عندنا، لا امراض تلبسنا، ولا عقد تصيبنا..!
> أمتأكد مما تقول، ام لديك اقول اخرى؟
- حبيبي يا فرويد، هل انت عالم نفسي ام محقق في مخفر؟!
> لا بل عالم ابحث، في شعوركم ومشاعركم وعقدكم، وقد بحثت في عقدكم، حتى تعقدت!
- وماهي يا اخ فرويد؟
> تتصورون انكم افضل خلق الله، واجمله، وانظفه، واعلمه، واتقاه... وبقية الخلق حفاة، رعاة، اجلاف، انجاس... وبالذات ابناء الغرب الارجاس!
فوبيا الغرب مرض، يؤدي بكم الى هذيان وتوهان... تقودون سيارتهم وتضعون «سي دي» لخطيب يشتمهم ويلعنهم!
تشاهدون القنوات عبر أقمارهم الفضائية، لبرامج تلعن ابوهم، وتعتبرهم انصاف قردة وأرباع خنازير!
تدخلون «انترنتهم» بـ «لابتوباتكم» لتكتبوا انهم قوم بلا غيرة، ولا اخلاق، ولا فهم، ولا عائلة، وانهم كالحيوانات بل أضل!
تأخذون ادويتهم، وتسافرون للعلاج عندهم، ثم تدعون عليهم بالابادة!
وعندما تهربون من بلادكم الاسلامية الطاهرة، فان اول مكان تلجأون اليه الغرب، تأكلون وتشربون وتتعلمون «ببلاش»، ثم تدعون انهم قوم كفرة وبلاد حرب، وحمام خلفي لدار الاسلام!
- يا سيد فرويد اعصابك، ان الله سخرهم لنا!
> وهل بني الغرب خرفان وبعارين، حتى يسخرهم الله لكم، وما قيمتك وفضلكم على بني البشر، حتى يسخر البشرية كلها لاجل راحتكم! كيف تتحملون كل هذا الغرور، وكيف تحمله ظهوركم؟ تتصورون العالم كله قد ترك كل اعماله واغلق مصانعه، ودمر مختبراته، فقط ليخطط من اجل تدميركم، ولكن أتعرف ما المشكلة؟
> لا أعرف ما هي المشكلة!
> المشكلة انهم بحثوا عن اي شيء يدمرونه في بلادكم فلم يجدوا شيئا «عليه القيمة»، لا مصانع ولا معامل ولا مختبرات ولا مستشفيات... وهذا سبب لهم الغيظ والحنق على عالمكم، لانكم لا تملكون شيئا غير ألسنتكم!
مرة لاحقين الكوكا الكولا بانه حرام، ومرة شرب البيبسي فجور، ومرة البطيخ يهودي، ومرة كرافت دهن خنزير، ومرة ستاربكس صهيوني، ومرة السفن اب شيوعي، ومرة الكنتاكي ماسوني وعندما حاربتم الدنمارك قاطعتم أجبانهم وقيمرهم وزبدتهم...ألم تلاحظوا انكم تحاربون الاكل فقط! لماذا لم نسمع بمن يقاطع سياراتهم، او كمبيوتراتهم او مكيفاتهم!
لا أعرف ان كان فرويد يعالجني ام هو المريض، ولكن كان يبدو عليه الغضب، وان حالتنا اثرت وعكرت مزاجه، فأردت ان أخفف عليه، فبشرته بان علاجنا قريب، وكلها سنوات وتفك عقدنا!
فقال: وكيف عرفت؟
فقلت بثقة: لقد حلمت، وذهبت الى شيخ، ففسر لي، باننا سنتفوق على الغرب قريبا!
تركني جالسا على القنفة وقام وهو يردد: هذه مصيبة اخرى، أعرفت الفرق، انتم عندما تحلمون تفسرون احلامكم، وهم عندما يحلمون يحققون احلامهم!
شددنا الرحال منه حتى لا يكشفنا أكثر... وغدا اكمل!
جعفر رجب
jjaaffar@hotmail.com
جريدة الرأي الكويتية
التعليقات (0)