مواضيع اليوم

عندما يُطلب من المخطوف تحرير المخطوفين!

عبدو شامي

2013-08-15 14:36:51

0

عندما يطالب المخطوف بتحرير المخطوفين!

 

الزمان: 9/8/2013 الساعة الثالثة فجرًا. المكان: جسر "الكوكودي" القريب من المطار ومن ضاحية بيروت الجنوبية والواقع ضمن منطقة نفوذ وسيطرة "حزب الإرهاب المنظّم". الحدَث: مسلّحون يستقلّون سيارتين يُقومون بعملية خطف مدروسة بعناية ومنفذة بإتقان حصيلتها طيّار تركي ومساعده.

 

 

صدِّق أو لا تصدِّق، المسلحون "مجهولو الهوية"، أقاموا في تلك المنطقة الأمنية والحزبية بامتياز حاجزًا وحوّلوا وجهة سير السيارات العابرة من المطار الى اوتوستراد المدينة الرياضية نحو بيروت، ليَخلو لهم مسرح الجريمة من أيّة منغِّصات أو شهود، فاعترضوا "فانا" تابعًا لأحد فنادق العاصمة، أنزلوا منه قائد الطائرة ومساعده، وتركوا سائر الطاقم المؤلف من 7 مضيفات ومضيفين، ثم فرّوا بالمخطُوفَيْن الى جهة "مجهولة" أيضًا...كل ذلك برباطة جأش وبرودة أعصاب ودون أي خشية.

 

 

صدِّق أو لا تصدِّق، الخاطفون "مجهولو الهوية" عرفوا  بكل الدقائق والتفاصيل المتعلقة بساعة وصول الطائرة التركية، والمدى الزمني الذي استلزمه هبوط طاقمها ومغادرته حرم المطار حتى بلوغ جسر "الكوكودي"، ومع ذلك ظلّوا "مجولي الهوية".

 

 

يا لها من "هوية" غريبة عجيبة ضبابية سوداء، يصاب كل رام معرفة حقيقتها بالحيرة جرّاء كونها مُوغِلة في الجهالة وعصيّة على الانكشاف!

 

 

لا شك أن موقف وزير الداخلية "مروان شربل" كان حرجًا جدًا ومن السخرية بمكان أمام وفد الاستخبارات التركية الذي زاره للوقوف على آخر مستجدات التحقيق لمعرفة هوية الخاطفين وتحرير المخطوفين؛ فبماذا عساه يجيبهم؟!

 

 

هل يجرؤ الوزير على الاعتراف بالحقيقة المرة ومصارحة الأتراك بأن لبنان كله بجيشه وشعبه وكافة مؤسساته مثله مثل الطيّارَين التركيَين مخطوف من قِبل ميليشيا إرهابية مسلّحة، تنفذ منذ عام 1982 بهويات لبنانية أجندة دولة أجنبية فتنوية توسّعية، وقد نجحت عام 2011 في وضع يدها على كامل الدولة وإحكام قبضتها عليها؟!

 

 

هل يستطيع الوزير إخبار الوفد التركي بأن الدولة المخطوفة بكافة أجهزتها الأمنية، لا تستطيع أن تفيد الأتراك في شيء لسبب جوهري بسيط لكن كارثي أيضًا، وهو أن المخطوف لا يستطيع تحرير مخطوف مثله أو إعادته الى الحرية، لأن فاقد الشيء لا يعطيه، خصوصًا عندما تكون هوية الخاطفين "مجهولة" بل شديدة "الجهالة" لهذه الدرجة؟!

 

 

لقد أبدى أهالي المخطوفين اللبنانيين في "إعزاز" فرحتهم بالعملية التي تبنّتها بشكل "تمويهي" مكشوف جهة تطلق على نفسها اسم "مجموعة زوار الإمام الرضا"، وهذا ظنًا من الأهالي أن العملية ستساعدهم في الإفراج عن أقربائهم المخطوفين، وفيما أكدوا أن لا علاقة لهم بها، لوّحوا مجدّدًا بخطوات تصعيدية ضد المصالح التركية في لبنان...لكن هل يعلم هؤلاء أنهم ضلّوا الطريق، وشطحوا كثيرًا في المسافات؟!

 

 

منذ أيار 2012، تاريخ حصول عملية خطف اللبنانيين الشيعة في أعزاز السورية، و"حزب الإرهاب المنظم" يضرب كل يوم عرض الحائط بمصلحة المخطوفين اللبنانيين، وذلك برفضه التجاوب مع مطالب الخاطفين، أو حتى في عزوفه عن استخدام نفوذه ومَونته على النظام الأسدي المنهار لتلبية تلك المطالب وبالتالي تحرير من يُفترض أنهم من محازبيه ومؤيديه وقاطني دُويلته، فضلا عن أنهم من "أبناء طائفته" التي هب "لنصرتها" والذود عن "كرامتها" من خلال مشاركته النظام الإرهابي في إبادة الشعب السوري!! 

 

ومنذ ذلك التاريخ أيضًا، والحزب الإيراني يحاول امتصاص غضب أهالي المخطوفين ودَوْزَنة منسوب احتقانهم في آن معًا، وذلك من خلال السماح لهم تحت إشرافه وتنظيمه بتحركات و"فشّات خِلق" مدروسة، سواء عبر قطع طريق المطار أو التظاهر أمام المصالح التركية في لبنان، أو الاعتصام أمام السفارات أو حتى أمام القصر الجمهوري...في تحرّكات لا تخدم قضية المخطوفين الإنسانية في شيء بقدر ما هي عملية مزدوجة الأهداف، فمن جهة أولى يسمح الحزب للأهالي بالتنفيس عن غضبهم، ومن جهة ثانية يستخدم الإهالي وقضيتهم الإنسانية كصندوقة بريد لإيصال رسائل سياسية -ذات أبعاد أمنية أحيانًا- متعددة الأوجه والعناوين، ومن جهة ثالثة يحوِّل نقمة الأهالي الى الجهة التركية لصرفها عن وجهتها الحقيقية المتمثلة بالضاحية الجنوبية، حيث قيادة الحزب الذي بخوضه في دماء الشعب السوري ورّط الطائفة التي يحتكر قرارها في مشاكل كانت في غنى عنها ذهب وسيذهب الصالح فيها بعزاء الطالح.

 

 

ألم يخطر في ذهن الإهالي أن حزبهم لن "يغصَّ" بقضية أهلهم الإنسانية، وأنهم لا يشكلون بالنسبة إليه أكثر من رقم في معادلة الموت على مذبح المشروع التوسّعي الفارسي، فالتضحية بتسعة مخطوفين لا تساوي شيئًا إذا ما قورنت بآلاف الإرهابيين الذين زجّ ويزج بهم في أتون النار السورية لقتل شعب ثار على طاغيته، وعاد منهم المئات بين قتيل وجريح وآخرين دفنوا في أرض المعارك؟!

 

 

اليوم، حريٌّ بأهالي المخطوفين اللبنانيين أن يصحِّحوا وجهة بوصلتهم، فيثوروا ويضغطوا على الجهة التي يمكنها حقيقة أن تخدم قضيتهم الإنسانية المحقة، بدلاً من أن يسمحوا لتلك الجهة باستخدامهم لمآربها السلطوية الخاصة في أعمال جرمية من شأنها أن تضرب مصالح اللبنانيين في الخارج والداخل، وتزيد سمعة لبنان سوءًا وتسيء الى علاقته الدولية.    

عبدو شامي

15/8/2013




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !