كان نظام القائمة المغلقة المتبع في الأنتخابات النيابية السابقة ضارا جدا بالعملية السياسية العراقية . لدرجة أنه كاد أن يطيح بالديموقراطية الوليدة في العراق . ولقد عملت معظم الأحزاب العراقية آنذاك على دعم خيار القائمة المغلقة لأسباب باتت معروفة للجميع . وأعني نية الأحزاب المبيتة لتوزيع العراق بمقدراته وفق نظام المحاصصة الطائفية والحزبية والعرقية والدينية وكل أنواع المحاصصة الممكنة . مما أدى لخلق دكتاتوريات مصغرة في كل شبر من أرض العراق , وكذلك فسادا أداريا وماليا أحتل المرتبة الأولى عالميا , كان ضحيته المواطن العراقي العادي اللذي حرم من أبسط الخدمات .
قبل تصريح السيد علي السيستاني المؤيد للقائمة المفتوحة وتلويحه بعدم الدعم لعملية التصويت القادمة في حالة الأصرار على نظام القائمة المغلقة , فأن لا شيء كان يدل على أن الأحزاب العراقية والكتل البرلمانية الكبيرة قد غيرت رأيها المؤيد للقائمة المغلقة في الأنتخابات النيابية القادمة . ألا أنها (وبأستثناء الحزبين الكرديين الرئيسين ولأسباب تتعلق بتمسكهم المستميت بالفيدرالية) لم تعبر عن ذلك صراحة . لا بل أن مصدرا برلمانيا قد صرح للصحافة قبل أيام بأن رؤساء الكتل النيابية الرئيسة في البرلمان قد أجتمعوا في مكتب أياد السامرائي وأتفقوا على أعتماد القائمة المغلقة . وفي أعتقادي أن السيد السيستاني ما تدخل ألا بعد تأكده من أن الأمور أصبحت تسير بأتجاه تأييد برلماني للقائمة المغلقة .
والحقيقة أن أي حسابات سريعة لنظام القائمتين سيؤدي بنا الى اكتشاف أفضلية المغلقة على المفتوحة بالنسبة للأحزاب السياسية الكبرى . فهذه الأحزاب وبحكم التخندق الشعبي (مختلف الأنواع) اللذي لايزال يحكم تصرفات الشارع العراقي ( بالرغم من تراجعه الملحوظ مؤخرا) ضامنة لبقائها في السلطة مادامت المغلقة هي اللتي ستعتمد في الأنتخابات . ألا أنها ستعاني من خسارة محققة لجزء كبير من حصتها من " الكعكة " , أذا ما دخل المستقلون الأنتخابات القادمة . وخاصة المعروفين بنزاهتهم منهم . ويبقى درس يوسف الحبوبي في الأتتخابات المحلية السابقة درسا مرعبا للأحزاب الكبيرة . مما يعني ووفقا لنفس الحسابات بأن القائمة المفتوحة هي الأفضل بالنسبة لعامة الشعب العراقي . فهي ستضمن له تمثيلا حقيقيا في البرلمان . وتمنع تسلل الفاسدين والمرتشين والطائفيين والسفاحين والمتعاونين مع الخارج من الوصول الى البرلمان أو كثيرا منهم على أقل تقدير .
عجيبة ومؤلمة هذه المعادلة اللتي نتجت عن الأنتخابات البرلمانية السابقة . وأعني معادلة التناسب العكسي بين مصالح نواب الشعب من جهة . ومصالح الشعب اللذي أنتخبهم من جهة أخرى .
اثبت معظم ساستنا وبرلمانيونا خلال السنوات الأربع الماضية بأنهم ليسوا أهلا للثقة . بل كان بعضهم عدوا للشعب بكل ما للكلمة من معنى . مما يجعل تصريحات السيد السيستاني الداعمة للقائمة المفتوحة وتصريحات علماء الدين السنة المماثلة , عاملا مؤَِِِكدا لحماية حقوق الشعب العراقي من هؤلاء اللذين يحاولون الرجوع الى البرلمان عبر القائمة المغلقة . وهذا أثبات على أهمية المؤسسة الدينية كضامن لعدم أنحراف العملية السياسية العراقية .
عبارة جميلة قالها أحد المدونين الأعزاء ربما تكون خير تعبير عن الموضوع حيث يقول .
نعم ، يجب ان يظل جميع رجال الدين خارج العملية السياسية ، لكن يبدو ان العملية السياسية احيانا لا تريد من رجال الدين ان يظلوا خارجها .
www.newsabah.com/look/article.tpl
www.google.com/hostednews/afp/article/ALeqM5gTkI9hL3Agl_98b0VP_mHc7-fz7Q
التعليقات (0)