مواضيع اليوم

عندما تقرع اجراس المدارس

طارق محسن حمادي

2012-10-09 21:51:01

0

عند ما تقرع اجراس المدارس


مع بدايات العام الدراسي الجديد حيث يلتقي الاطفال باصحابهم واقرانهم ببهجة وسرور في ساحات مدارسهم وصفوفها وسط امنيات الاهل في ان يكون هذا العام عاما للتفوق العلمي والسلامه لفلذات الاكباد من مخاطر التفجيرات وويلات الارهاب على ايدي اناس لا يملكون من الانسانية الا اسمها.
بدأ الدوام بعد ان امضى التلاميذ عطلة صيفية ساخنة لارتفاع درجات الحراره ... وليس هناك من منقذ الا الواحد المعين ... فكان صيفا لاهبا ترك بصماته على وجوههم الفتيه ... يتفقدون بعضهم في فناات مدارسهم...فمنهم من نجح وتحول الى صف اعلى... ومنهم من نقل الى مدرسة اخرى لظروف قاهره... ومنهم من اتشحت ملابسه بالسواد وبان عليه الحزن والالم لفقدان اب او ام او اخ او عزيز بسبب الاضطراب الامني...ومنهم من انهى عطلة البؤس والشقاء على ارصفة الشوارع تلفح وجوههم الشمس الحارقه وهم يبيعون علب السيجاير او يعملون في غسل السيارات على قارعة الطريق او العمل مع الاب او الاخ لمساعدة الاهل لكسب لقمة العيش. . يتذكرون اصدقاء العام الماضي... فمن تغيب ولم يعد... ومن خطف او اصيب نتيجة حادث تفجير... او هاجر الى مكان اخر اكثر امنا ... وبعضهم الاخر انهى عطلته الصيفية فرحا مع الاهل... مسافرا الى احدى المحافظات الشماليه لينعم باجواء جميلة بارده تخلصا من حر الصيف... او مستمتعا بتبادل الزيارات مع الاهل والاقارب... يجري ويقفز في ساحة المدرسة بمتعة وفرح مزهوا بما لديه من حقيبة جديده تنتظر توزيع الكتب...واحذية غالية وملابس جميلة فاخره ... بفضل ما انعم الله على الاهل من الخير والبركات...
اما ابناء الفقراء واليتامى من التلاميذ... فيرتدون ملابس العام الماضي...والتي اصبحت ضيقه وقصيره .. تملاهم الامنيات في ان يكون لهم مثل ما لاقرانهم... رحم الله ايام زمان.... عندما كانت قدور التغذيه المدرسيه تملآ العيون وتشبع البطون ... وسقى الله معونة الشتاء خيرا... لانها كانت تستر الحال .
ولما كانت العملية تربوية.. وان التربية هي الهدف لانها الاسلوب الاجتماعي الذي يكتسب من خلاله الافراد طرائق الحياة واتجاهات المجتمع وقيمه .
فعلى الدولة ان تتبنى مشروع كسوة الاطفال اليتامى والاطفال الذين يعاني اولياء امورهم من صعوبة في سد نفقات احتياجاتهم من الملابس بسبب ارتفاع تكاليف المعيشه وانتشار البطاله .
من اجل ان تكون المعالجه تربويه ولكي لا يشعروا بأنهم اقل شأنا من غيرهم ... لانهم اطفال صغار... ولان السنوات الاولى من حياة الطفل تعتبر من اهم مراحل العمر وابلغها خطورة لانها الاساس في تكوينه النفسي وبناء شخصيته .
فهؤلاء هم اطفال العراق...الذين ذاقوا مره ولم يذوقوا حلوه ... ولهم الحق في ثروات بلادهم... ولا اعتقد ان ذلك يسبب عجزا في ميزانية الدولة... فهو اقل بكثير من الفساد المالي في وزارة التجاره... واقل من الاموال المهدوره في وزارة الكهرباء ووزارة الدفاع... او اموال تهريب النفط وغيرها وغيرها .
لان ثروة البلد الحقيقيه تكمن في ابناءه ... واستثمار هذه الثروه تأتي من خلال الاهتمام بهم نفسيا وعلميا وبدنيا... فالعملية التربوية متشعبة الجوانب تهدف في النهاية الى بناء المواطن وصقل مواهبه لتجعل منه فردا صالحا لبناء وطن حر وديمقراطي ينعم بالعدل والمساواة... وسيقى الانسان قيمة عليا لانه اداة البناء الحضاري وتقدم الامم .
طارق محسن حمادي
نشر في جريدة الزمان العدد/4327 في 11/10/2012

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات