عندما تظهر الحقيقة!
عندما سقطت السفارة الامريكية بيد الطلبة الثوريون في ايران عام 1979، تم الاستيلاء على عدد كبير من الوثائق التي كشفت خبايا الدور الامريكي الخطير خلال فترة طويلة،ومنذ ذلك الحين بقي المتابعون والباحثون منتظرون فتح السرية عن اغلب الوثائق البريطانية التي يمر عليها ثلاثون عاما او ما تسمح به الدول الاخرى وفق قيود مشددة لكي تتم محاكمة الشخصيات التاريخية التي يكون اغلبها خارج السلطة وبعيد عن المسائلة والعدالة او لتدوين تاريخ يسوده النفاق والكذب! بل حتى عند سقوط النظم الشيوعية عام 1989 لم تظهر للعلن كل اسرار الحقبة السوداء من تاريخ اوروبا الشرقية الى العلن بل ان اغلبها اتلف وتناست تلك الشعوب بطريقة غريبة تلك المأسي الجسام التي جعلتها مسلوبة الارادة وفاقدة لاقدس خصوصيات الانسان وهي الحرية في فترة قياسية...حتى ظهر موقع ويكيليكس في ظل الثورة الاعلامية الحديثة التي استفادت من تقدم التكنولوجيا الحديثة لغرض كشف الحقائق واظهار الزيف والفساد الى العلن مستخدمة اساليب وطرق دائما استغلها الاشرار للحفاظ على خصوصياتهم.
ليس غريبا ان يرتعب الان المتحكمون بشعوبهم من ذلك الكشف المروع لجرائمهم وفسادهم ونفاقهم وكذبهم وان يظهر للجميع مدى البشاعة التي تحملها تلك الوجوه التي تمثل دور الطفل البرئ النقي من كل صفات الرذيلة والفساد عند ظهورها في وسائل الاعلام عندما تسلط اضواء الكاميرا عليها!...فالحقيقة المرة التي دائما نراها عند انتصار الثورات والانقلابات عندما تكشف كل الاسرار للعهد السابق قد اصبحت الان حقيقة ثابتة ولا داعي للعنف او الثورة او لدفع ثمن باهظ لغرض الوصول اليها،ولكن المؤسف حقا هو وجود من كان يصدق تلك الاباطيل ويدافع عنها بقوة وكأنها نصوص مقدسة سوف تدخل للجحيم اذا لم يكن مدافعا عنها ضد المتمردين ودعاة التشرذم وتمزيق وحدة الصف!.
المأساة الكبرى عندما يكون الحال ميؤسا منه بعد ظهور الحقائق من خلال استمرار المطبلين للعهد الاسود في وقاحتهم اللامحدودة او اصابة عدد كبير من الضحايا باعراض مرض استوكهولم من خلال دفاعهم الغير منطقي والمعقول عن جلاديهم... وحينها يسود اليأس من حدوث تغيير حقيقي للواقع وتحريك الراكد وايقاظ النفوس المريضة او الخائفة من سباتها الطويل !.
كم من الطغاة واعوانهم كنا نراهم في افلام وصور وكتابات كأنهم احمال وديعة تحمل مواصفات المعصومين! وعندما تظهر ابتساماتهم الماكرة لقلة من العارفين حينما تسلط الاضواء عليهم وتظهر خلاف ما تبطن،حينها يقف المرء خائفا على حياته من الجهر بالحقيقة والمآساة...
مازالت في الذاكرة التاريخية تلك الامثلة السوداء التي سودت صفحات التاريخ بعد سقوطهم مثل صدام والشاه وشاوشيسكو وبول بوت وبوكاسا ومن قبلهم ستالين وهتلر وغيرهم وفي حياتهم كانوا مثالا للفروسية والمعرفة! حتى ظهر فداحة الجهل الذي تحول الى نقمة كبرى على شعوبهم التي سلبت من كل شيء لاجل لاشيء!.
اين المفر من فضائح ويكيليكس الجديدة وبخاصة التي تمس بصورة مباشرة المتحكمين بمصائر شعوب العالم العربي؟ هل سوف يبقون صامتين مستنكرين ام يخرجون علينا بتبريرات وقحة يطبل لها المطبلون!.
التعليقات (0)