العنوان ليس خاطئاً .. وليس المعنى خاطئاً ، لأن الله بحكمته رزق الإنسان جانبين : علني، وسري ، فالأول يستطيع الكل رؤيته والحكم عليه لأنه على مرأى منهم ، والثاني إختص به الله الإنسان وحده يُطلع عليه من شاء ويجعله مخفياً بالتالي مجهولا عند من شاء ، وهذا من فضل الله على هذا الإنسان الذي تخالجه أحاسيس ، وتملأ نفسه مشاهد مُقززة وكريهة المنظر والرائحة ، حتى له هو شخصياً فكيف لورآها الآخر ؟!... والمؤمن بنعم الله الظاهرة والباطنة ، يرفع وجهه ويديه نحو السماء ، وتنطلق من لسانه عبارات شكرٍ نابعة من قلبٍ صادق : أنِ الحمدُ لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله .. فلو جعل الله بصرنا وسمعنا يغوص في دواخل بعضنا لتناحرنا ، ولتنافرنا ، لِما نراه ، وما نسمعه ، وما نشعر به ، تجاه بعضنا البعض ، وذلك كله ليس لأن الإنسان ليس خيرا أو أنه مخلوق شرير ، بل لأن الخير والشر يتنافسان على قلوب البشر منذ الأزل ، وطبعا تبقى الغلبة للأخير على اعتبار أنه مدفوعٌ بإرادة الله تعالى في خلقه وبفضل رحمته التي تسبق غضبه ، والرحمة تعني الحب والخير والشفقة والعفو والغفران ....
أخبرني شخص أن إطلاع الآخرين على أسرارك يجعلهم يحتقرونك ، ويستصغرونك ، لأنك ستصبح أمامهم كالعريان الذي تجرد من جميع ثيابه ، ورُئِيَ ماكان مخفيا من جسده كله ، ولا يبقى مايشد فضول الناس إليه ! ... وهذا ما يجعل من الصحافة معقلا للفضائح ، ومصدراً من مصادر البلبلة ، أو نقول هذا ماجعلها سلطة رابعة تمكلك تأثيرا على سير أحداث الحياة ، فالصحافي يدفعه الفضول البشري للبحث عن أسرار الشخصيات التي يرى علو مكانتها بعيون فضول القراء البشري أيضا والباحث عمن يرويه ، فتجد تلك الشخصيات المشهورة ، والتي أعطت البشرية بعضا من طاقاتها وحققت بها إنجازات في مجالات شتى ، مقصودة أكثر من غيرها لكشف ما اختارت جعله جزءاً خاصا وحصرياً من حياتها ، فترى الصحافة تتبع أخبارها وتبحث في تفاصيل حياتها السرية ، فتسمع دوي الفضائح التي تنفجر في تلك الأوساط ، وبالعودة إلى المنطق تجد أن تلك التفجيرات هي أحداث عادية وضُخمت فقط لأن أصحابها من أصحاب العيار الثقيل يُضخم كل مايتعلق بهم ليتماشى وأحجامهم (العملاقة)..
إذن في حياة كل منا أسرارٌ يفضل إبقاءها ضمن نطاقه الخاص ، وتلك الأسرارُ تُبقي علامة إستفهام كبيرة فوق رؤوس الباقين ، وكتمان أجزاء من حياتنا يجعلنا جذابين أمام من يجهلون تلك الأسرار.. سبحان الله .
تاج الديـــن : 10 - 2009
التعليقات (0)