عندما تتوه الأمور مع الأيام

تتوه الامور بين زمن يمضي, شمسه لاتمل الطلوع .وقمره يتسع ثم ينحسر ليتسع ليعلن كما عودنا دائما عن شهر جديد .
زمن نحن سائرون في دربه, عالقون فيه نعرف ماضيه ولاندري عنه مستقبله شيء.
هل عندما ننام سنصحو؟ . وإذا صحونا هل سننام ثانية على ذات السرير.
بعدما يمر اليوم نعرف كل دقائقه, نقرأه ,نميزه. لكن يوم الغد هو عنا غريب ,
و سيظل غريب إلى أن ينبثق فجره وتغرب شمسه.
عندها نعود نعرفه كما عرفنا اخاه الذي سبقه.

"الأيام"
بعضها تحمل في جعبتها الحقيقة وبعضها تحمل الكذب والنفاق.
منها بردها وقارس وفيها ربيعها العبق برائحة الازهار ومنها أيام حارة بقيظها الشديد.
بعض الايام وهي قليلة نستقبلها بحفاوة نعد لها عدتها قبل مدة وقد يسبقها الضجيج .
تخلق مع قدومها شيء جميل. كيوم التخرج والزواج ,وولادة طفل أو كيوم الحصول على وظيفة مرموقة أو عقد كبير.
وأحيانا مؤسف وقبيح كيوم إحتلال ارضك أو وفاة عزيز.
تلك ايام تحفر في الذاكرة.
وحتى لو كانت الايام كلها سعيدة واعتدنا عليها فبعضها السعيد لاندري عنه شيئا.
معظمها متشابه تأتي تمضي وتروح لاتشكل في ذاكرتنا وزنا ولا قيمة.
حتى نحن لم نكن نستعد لها .تمر كقطع السحب الصغيرة المتناثرة في السماء
لاتترك اثر.

ومثل الايام هم الاشخاص يمرون في حياتنا نتذكر قليل منهم وننسى الكثير.
في مراحل الدراسة مر بحياتنا زملاء بعضهم نسينا شكله وحتى اسمه .
فمعظمهم لايقال عليه صديق بقدر لفظ زميل .
تنتهي الدراسة بكل مراحلها لنتوه في الزمن من جديد فما زالت شمسه لاتمل الطلوع .
مع الوظيفة والعائلة وصراخ الطفل وطلبات الزوجة والاولاد لاتعود تفرق بعد مدة
هل كان ذلك في صباح يوم جمعة أم مساء يوم الإنثين.
تمر الايام ترى فيها الشيء وعكسه . ترى من نفس الشخص النقيض.
عندما يتحدث ويهرف بما لايفقه عندها يخبو الجمال.
هكذا تتوه الأمور بين زمن يمضي شمسه لاتمل الطلوع.
وبين رغبات وأماني لايتحقق منها الا اليسير.

ومع تكرار الطلوع تمر الايام والشهور والسنين , فصنعت القرون والازمان ..
ازمان برزت فيها أمم واقوام واندثرت حضارات .
أمم واقوام تركوا بصماتهم شامخة كالسومريين وقوم ثمود وسبأ والفراعنة
والفينيقيين واهل كنعان واليونان والرومان.
وأمم عاشوا وماتوا لاندري ولا نعلم عن بصماتهم شيء.
يحاولون اثبات انهم وعنهم اي شيء .فوق الارض وتحتها.
لكنهم كتلك السحب المتناثرة تراها كل يوم .
تتوه في السماء والزمن يمضي وشمسه كما كل يوم لاتمل الطلوع.
هكذا تتوه الأمور مع الأيام..