الأحاديث الشعبية بين التدوين والميتولوجيا في أكاديمية الشعر
عندما تتحول ( السوالف ) إلى أساطير
مروة كريدية من أبو ظبي: تشكل المرويات والمنقولات الشفوية محورًا بارزًا في بلورة الأساطير والميتولوجية البشرية، ويعد التراث الشفوي المخزون الأهم في تناقل السير والقصص الأسطورية وتعتبر الميتولوجيا هي الصياغة الفنية القادرة على الاشارة الى ما وراء التاريخ والى ما هو غير زمني في الوجود الانساني، كما تساعد الدارسين على التعرف على ما وراء التدافع العشوائي للوقائع التاريخية وتساعد على استكناه جواهرها. وتتداخل الاساطير الخيالية بالوقائع التاريخية بحيث نجد ان العديد من الاحداث الأركولوجية البحتة احتوت على ابعاد تدخل في الماورائيات الأمر الذي دفع بالكثير من الباحثين الى دراسة تلك العلاقة بين التدوين والمرويات الشفوية .
وفي محاضرة لسعد الصويان أستاذ الأنثروبولوجيا والفلكلور في جامعة الملك سعود بالرياض تناول فيها ( التداخل بين الأسطوري والتاريخي – المرويات الشفهية) وألقاها في أكاديمية الشعر في أبو ظبي، تناول دراسة عن واقع الحياة البدوية في نجد بوصفه مجتمعًا يعتمد على تراثه المنقول شعرا ، حيث طرح أهم سمات المجتمع الشفهي وتداول ما يسمى ب ( السالفة) بين أفراد هذا المجتمع، والسالفة يعني بها ( ما يتم نقله من أحداث تاريخية عن طريق الرواية الشفهية) وكيف تتحول السوالف إلى أساطير شعبية – إن صح التعبير – واستشهد بعدد من الروايات الشعبية مثل سيرة بني هلال وأشعار نهار المورجي، وأرجح كثرة الأشعار في الروايات الشفهية لأسباب الحفظ من الضياع، حيث إن القصيدة أسهل حفظا من النثر، كما أن اللغة الأدبية أقدر على الرسوخ في الذاكرة من غيرها، لذا يتم صقل الأحداث التاريخية شفويا بأسلوب أدبي ممتع كي لا تنمحي من ذاكرة المجتمع الشفهي – كما عبر عن ذلك المحاضر.
الصويان استشهد بوقائع حقيقية تحولت جراء تعدد الروايات وتناقلها وتباعد المكان والزمان إلى ما يشبه الأسطورة، ولكن تختلف الأسطورة التي تحدث عنها الدكتور الصويان عن شبيهاتها في الاسم فقط، وهي الأساطير البابلية والإغريقية غيرها، والتي جمح النقاش عليها من قبل جمهور المثقفين الحاضرين،
وحول ما هية الاسطورة دار نقاش بين الحضور و الصويان الذي ركز على سمات الرواية الشفهية وآليات تناقلها في المجتمع الشفهي، وكيف تتحول الرواية الشفهية إلى مكتوبة بعد مرور مدة من الزمن، وكيف تصل إلينا المعلومة الشفهية وقد تحوّرت حقائقها وأضيف إليها (بهارات) ، لتختلف الروايات الشفهية وتصل لمرحلة التدوين بعد تعدد أحداثها وتبدل أدوار أبطالها حسب الراوي وقربه أو بعده من الأشخاص الذين يمثلون الحدث التاريخي، إذ تؤثر الكتابة على هذه الروايات في عملية توثيق الحدث التاريخي والوقائع المتناقلة، ولم يعرج الدكتور الصويان على موضوع الكتابة الالكترونية وتأثيرها على تدوين الرواية الشفهية لاعتبار أن الموضوع سيأخذ حيزا أكبر من الدراسة والوقت.
وقد اكد الصويان على دور الكتابة فيتوثيق و حفظ الموروث الشعبي الشفهي من الضياع والتلف أو التغيير جراء مرور الوقت علاوة على تبدل الامكنة .
التعليقات (0)