عندما أرثي من هو أغلى من نفسي ...
بقلم : احمد منصور دغمش
من الصعب عليّ في هذه اللحظات أن أكتب ... فلقد رحلت الكلمات وخيم الصمت وتناثرت روائح الموت في كل الإتجاهات ... وسكت هدير البحار ... وبلغ قلبي أعلى حنجرتي وأنا أبحث عن كلمات لأرثي رجل غاب عنا جسدًا وبقيت روحه الطاهرة تشرق مع إشراق الشمس كل صباح وبقيت تلك الروح ترفرف في حواصل الطير في كل مكان ... فعندما ينتظر العالم أجمع أن يهل الهلال أنا وحدي أنتظر أن أرى صورة وجهك التي لا تفارقه ملامح الأنبياء داخل ذلك الهلال المقوس كالجنين في أرحام الماجدات ... لقد غلب على ألواني لون السواد ... وإنقطعت أحلامي إلا عن الإنتقام بعدما كانت أملاً وحباً للحياة ... التي أصبحت لا تساوي عندي ثمن الحبر الذي يكتب حروفها ... فما قيمة الحياة عندما أفقد فيها البصر والأحلام ... وما قيمة الحياة بدونك يا أبا منصور ..؟ فلقد رحلت عنا ورحلت معك الأفراح والأحلام ... وحل محلها الأحزان إلى الأبد يا محمود ...
لا أعرف من أين أبدأ هذا الرثاء ... فلقد أجدت من قبل صناعة الكلمات ... لكن اليوم أنا أهون من كل الحروف والنعوتات ... فلقد بحثت في كل ذاكرتي ولم أجد كلمات تعبر عما يجول بخاطري ... فلا أستطيع السكوت ولا يمكنني الكلام ... فالمقتول أنا والمذبوح أنا ... وما يزيد في ذبحي أن ثلة من القتلة ما زالوا فوق الأرض ... فعذرًا يا نفسي ومعذرة يا أخي فلكل أجلٍ كتاب ... ولكن شمسك أبدًاً عنا لن تغيب يا محمود ... وكيف لها أن تغيب وهي من يعدنا دومًاً بالأمل رغم المرار والصبر الذي أكلناه بشوكه على فراقك ... والله إن القلب يعتصر ألماً ... وجفت من مقلتنا الدموع ولكن عزائنا الوحيد هو أنك إن شاء الله شهيداً في جنات الخلد مع النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا ...
أخي وحبيبي ومقلة عيني وسيدي وسيد كل الرجال أنا لن أرثيك اليوم بل أرثي كل الأشياء الجميلة التي رحلت معك ... فأرثي الإبتسامة والفرح ... وأرثي كل ما هو جميل ... فلقد مات بعدك البشر والشجر ... ومات الهواء والبحر ... ومات المساء والفجر ... وماتت الشمس ومات القمر ... وماتت الحقائق والصور ... ومات الورد والعطر ... ومات الصبر من شدة القهر ... وحكم غزة الغراب وطار الصقر ... لكن شيئاً واحدًاً أبدًاً لن يموت طول الدهر ... وهو أنك أخي وحبيبي وإبن الفتح ولنا كل الفخر...أما أعدائك يا أخي فليس لهم إلا مزابل العار لأرواحهم وأجسادهم النار تنتظر ...
فلا أتيت يا العشرون من كانون الأول ثانياً إن لم يأتي معك محمودًاً أو تعوضنا عنه بالنصر ... فلقد إشتقنا لإحدى الحسنيين ومقتنا هذه الحياة ولتهتف كل الحناجر بغزة إما شهادة وإما نصر ... ونم قرير العين يا محمودنا فبك وبمنصورك ومحمدك وأحمدك وبتمامك كل حبيبٌ يفتخر ... فإني والله أرى صورتك في ملامحهم وأطباعك في صفاتهم تنتشر ... وأرى ما يراه الجميع في مريمك هو حسن الخلق والدين والإحتساب والصبر ... وهم كما نحن على خطاك خطى الحق والمحبة ومقتنا للغدر ... وأمك الصابره تنتظر يوم الثأر لك وهي علي يقين بأن قاتليك لن يهنئوا ولم يسلموا من إخوانك وأحبتك الذين سينتقمون لك ولكل الشهداء وسنحتفل قريباً بيوم النصر ... فإن الله إن أحب عبداً حبب فيه عباده وهذا ما أراه عندما تأتي سيرتك على ألسنة الناس كالمسك والعنبر ... فنم قرير العين يا سيدي ولقائنا عند حوض نبينا لنشرب من يديه الطاهرتين شربه لا نظمأ بعدها أبداً ... وثقتي هذه إكتسبتها من إيماني العميق بأننا على حق وأن أعدائنا هم أعداء الصديق أبا بكر والفاروق عمر وذي النورين عثمان ...
هم أعدائك يا أخي وأعداء الإسلام وهم من إتهم أمنا عائشة بالزنا وقد برأها رب العالمين من فوق سبع سماوات في محكم التنزيل ... فمن تطاول على صحابة رسولنا الكريم وهم أعظم منا ومنك ليس جديداً عليهم أن يسفكوا دماء المسلمين ويحرقوا بيوت الآمنين ... وهنيئاً لكم يا محمود ويا أشرف ويا كل شهداء الفتح ولكل المغدورين الفردوس الأعلى إن شاء الله نحتسبهم كذلك ولا نزكي على الله أحد فهو وحده عالم الغيب والشهادة وكيف غدروك المتسترين بالإسلام غدر ...
وأخيراً لن أقول إلا ما يرضي رب العزة جل في علاه بأن العين لتدمع وإن القلب ليخشع وإنا على فراقك يا أبا منصور لمحزونون فنم قرير العين يا أخي نحن كما عهدتنا على العهد والوعد ما إستطعنا وسيبقى أبنائك أمانه في أعناقنا طول حياتنا ونعاهدك بأن ننتقم من كل من شارك في يتمهم وهذا وعد قطعناه علي أنفسنا بأن دماء كل شهداء الفتح لن تذهب هدر ولن نساوم ولن نصافح ولن نهادن ولن نسامح علي دمائكم الطاهره وإن غدًا لناظره لقريب ... ونعاهدك بأن نبقى على دربك درب الفتح ورجالها الأوفياء حتى نلقى ربنا وهو راضٍ عنا ... فرحمة الله على روحك الطاهرة ولك منا على روحك الزكية مليون سلام ...
الذكري الثالثة لإغتيال محمود وأشرف دغمش علي أيدي الغدر الحمساوي في منتصف ليلة 20/12/2006 عندما إنتهوا من منع عصابات حماس وغيرها من مهاجمة عائلة شحيبر بحي الصبره حيث منعوهم من مهاجمة بيوتهم ونجحوا في صد عصابات العار الحمساوية من قتل الأطفال والنساء وحين عودتهم إلي منازلهم نصبوا لهم الخونه كمين في شارع الثلاثيني وأمطروهم بعشرات الرصاصات المدفوع ثمنها من طهران وكان عددهم لا يقل عن 18 قاتلاً من ما يسمي بكتائب القسام ومليشيات حماس والأسماء معروفه لدينا وتم القصاص من بعضهم حيث يعتقد الأخرون بأنهم نجوا من الموت ونسوا بل تناسوا بأن الدم لن يسّوس ولن ننسي دماء كل شهداء حركة فتح ..
التعليقات (0)