عندما أتوب فعليكم التوبة جمعياً
من القصص التي لا ينساها مجتمعنا السعودي قصة التوبة؟
فالتوبة ليست بين العبد وربه بل بين العبد وجمهوره، فإذا تاب شخصُ ما وأطلق لحيته وانخرط في الدعوة وثنى ركبتيه طلباً للعلم فإن كرنفال التوبة سيُقام وسيتلو قصته على الملأ للعظة والعبرة ومن ثم يدعو الحاضرين إلى التوبة والانطلاق إلى الحياة السعيدة المزدحمة بالايديولوجيا وترانيم الوعظ المدغدغة للمشاعر..
توبة ذلك الواعظ تتحول في فترة زمنية قصيرة إلى نموذج يستحق صاحبه تصدر المشهد وتقدم الصفوف وتخطي رقاب المصلين لالقاء خطبةِ عصماء، أيضاً تتحول تلك التوبة إلى مشروع عمل يستهدف المجتمع فعلى المجتمع بأكمله التوبة والتوبة لابد أن تكون توبة نصوح كتوبة ذلك العبد ومن أخذ بيده إلى طريقها المُظلم...
التوبة توبة أيديولوجية تعتمد على جلد الذات وتكفير السيئات عبر توظيف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لنشر فكرة الصحوة وادبياتها السياسية والفكرية توبة نهايتها تفخيخ المؤخرة لقتل المرتدين و الكافرين ومن يواليهم من المسلمين.
توبة العبد بينه وبين خالقه وليست بينه وبين شيوخه الذين لا يهمهم التوبة التي هي ردة فعل وسلوك بشري له أسبابه ونتائجه بل يهمهم ما بعد تلك التوبة فهي وسيلة لنشر الأيديولوجيا والخداع ومصيدة لاصطياد المجتمع المتدين بطبعه..
لم تعد التوبة مقبولة فمن تاب قبل سنوات تخلص من توبته والقى بها في مزبلة التاريخ بعد أن سقطت أقنعة التيار الإسلامي وتوارت خفافيش الظلام عن الأنظار، المجتمع مجتمع حيوي لديه إيمانه وقناعاته لكنه تعرض في فترة من الفترات للاختطاف القسري فخرج من محنته مشوهاً لديه قائمة بالمحرمات ولديه تساؤلات ولديه صراع داخلي يحاول أن يقوده إلى كهفِ مُظلم، يحاول صبيان الصحوة وفتياتها استغلال ذلك التشوه وتمرير فكرة آخر الزمان والفتن المُهلكة وفتنة النساء وانتشار المعازف الخ، لن تستطيع أدوات الصحوة استغلال التشوه فطوفان العقلانية اكتسح المشهد ولم يعد لها أي قدرة على التأثير، فالتشوه حالة مرضية ستزول مع الأيام وسيأخذ المجتمع دورته الطبيعية في الحياة التي لن يكون في قاموسها توبة نصوح بيني وبين الجمهور....
Riyadzahriny@
التعليقات (0)