إن عناية الله بالإنسان عناية ازلية بدأت حينما خلق ادم من تراب وفضله على سائر صنوف المخلوقات واسكنه الجنة.. ولما عصى الإنسان امر الله انزله هذه الأرض التي نعيش عليها.. وزوده بكل مقومات العيش من من عقل وطاقات جسدية ومياه عذبة ونبات ومعادن وبذلك استطاع الإنسان أن يتكاثر ويعيش قرونا طويلة وأن ينشيء الحضارات العظيمة وينتج الفكر والفلسفة..وها نحن اليوم نعيش في العصر الحديث حيث تمكن الإنسان أن يكتشف قوانين الهواء ليصنع الطائرات والراديو والتلفزيون واجهزة التكييف..وأن يكتشف قوانين الطاقة والاحتراق ليخترع الصواريخ العظيمة تحمل الأقمار الصناعية الى مداراتها حول الأرض..وأن يكتشف قوانين الفيزياء والكيمياء والجيولوجيا ليصنع الوف الاجهزة الالكترونية والآلات العملاقة.. ويستخرج البترول والمعادن من باطن الأرض وكان من نتيجة ذلك صنع هذه الحضارة المادية التي هي اقرب الى الخيال منها الى واقع ملموس.. نعيشه خلال التقنية المتطورة من اجهزة الآي فون والجلكسي والمدن العظيمة ذات المباني الجميلة والطرقات المعبدة..
رغم جهود العظماء من المخترعين والمكتشفين الذين ساهموا على نحو فاعل في صنع هذه الحضارة المتقدمة, كجاليلو ونيوتن وأينشتاين واديسون وكارير. إلا انهم لم يصنعوا هذه الحضارة من فراغ وانما كان هناك قوانين مادية ثابتة وضعها الله في هذا الكون الواسع من حولنا وكل ما فعله الإنسان هو إكتشاف هذه القوانين الثابتة للإستفادة منها..و لولا إكتشاف علوم الفيزياء والكيمياء والرياضيات.. ماكان هناك طائرات وتلفزيونات واجهزة تكييف.. ولولا إن الله سبحانه وتعالى وضع قوانين مادية ماكان هناك فيزياء كيمياء وجيلوجيا ولولا إن الله زودنا بقدرات فكرية ماكنا إكتشفنا هذه القوانين واستفدنا منها..
 بالرغم من ذلك يعيش على هذه الأرض أكثر من سبعة مليار إنسان ومعظمهم لا يعبدون الله ويرجعون فضل هذه الحضارة الى عقول بشرية اوجدها الله من العدم وكشف لها برحمته بعض قوانينه ليستطيعوا أن يخترعوا ويسهموا في صنع هذه الحضارة وشتان بين فضل العقل البشري الذي تمكن من إكتشاف بعض من قوانين الأرض وبين فضل الله سبحانه وتعالى الذي خلق هذا الوجود الواسع من حولنا وقوانينه الثابتة وخلق هذه العقول البشرية العظيمة التي اخترعت الصواريخ والطائرات وانتجت الفكر والفلسفة.
أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (35) اأَمْ خَلَقُوا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بَل لا يُوقِنُونَ(36) الطور.

 وإن سبب نشوء هذه الحضارة المتقدمة هي : افكار وإختراعات و مجهودات بشرية تراكمت منذ سنين طويلة ولكن رغم ذلك يمكن لنا القول إن مساهمة الإنسان في صنع هذه الحضارة هي اشبه بمساهمة عامل فني ابدع في صنع ديكور مبنى عظيم وقديم شيد منذ سنين طويلة. وأكاد أجزم أن الكفر المستشري في الحضارة الإنسانية في هذا الزمان ليس مرده الى عدم وجود ادلة بوجود الله سبحانه بل إن دلالات صورة الله وعنايته ورحمته واضحة كوضوح الشمس في رابعة النهار وحيثما ذهبنا نلمس رحمته وعنايته بالإنسان.. غير أن قصر النظر لدى بني البشر يحول دون الايمان بالله والإمتثال لأوامره. 
  
أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطَِنةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ(20) سورة لقمان