علي جبار عطية
مازال عالقاً في ذاكرتي عنوان مجموعة شعرية هو (فاكهة الزمن الآتي) ولعل سر هذا العلوق هو عدم انسجام العنوان مع الشعر فقد بدا اشبه بعنوان محل للفاكهة برغم مهارة الشاعر في تركيب هذه الجملة واعطائها بعداً معنوياً وربما يقال في هذا الصدد ان واحداً من اشهر كتاب القصة العالميين وهو غونتر غراس ابدع قصة معبرة عنوانها (قبو البصل)! ومن المفارقات ان هناك مجلة جديدة خط عنوانها بالخط الكوفي وهي (البطل) كلما مررت من امام صاحب الجرائد قرأتها (البصل). مرت هذه الخاطرة في ذهني حين وقع في يدي كتاب الكاتب والناقد والمترجم الاستاذ عبد الهادي فنجان الساعدي وعنوانه (رؤوس وأحذية) وهو مجموعة مقالات نقدية تهكمية ساخرة تلامس الواقع بصراحة متناهية..
حاولت تقبل صدمة هذا العنوان واستفزني لكن حين عدت الى عناوين كتبه الأخرى تبددت دهشتي اذ اصدر قبله كتباً منها (كيس من الفوضى في زريبة) و(صندوق الرمل الساخن) و(حلم في زجاجة) و(الكتابة قرب الخط الساحن) وغيرها وهي تشي بالرفض والمشاكسة.. رفض كل ما هو بال ومتخلف ومبني على الخرافة ومشاكسة المسلمات والمألوف ومراجعته مراجعة نقدية علمية موضوعية وهو لون من الكتابة لم نكن نألفه قبل التغيير النيساني اذ كانت الكتابات بمجملها ذات سياقات تقليدية إنشائية افتراضية تندر فيها المعلومة وتذبح فيها الفكرة!
انطلقت من العنوان بوصفه اول ما تقع عليه عينا من يخاطب ود الكتاب ولعل هذا من النتائج الايجابية للكتب الصادرة بعد سقوط الاستبداد اذ كشفت بعض العناوين عن جرأة في الطرح وغور في العمق وان كانت ليست بمستوى وحجم الوجع العراقي لكن المتوقع ان هناك من يتحين الوقت ويطبخ عمله على نار هادئة ويعول على اكتمال التجربة العراقية ليكون العمل متكاملاً ويوثق ما عاشه بأمانة..
من يدري فلعل هناك من يخشى ظهور عمله الى النور فينبري له من ينقده ويقول عن روايته مثلاً: (انها تأتأة روائية)!!
نشر في صحيفة الاتجاه الثقافي
التعليقات (0)