د.ازهار رحيم
ـــــــــــــــــــــــ
60% من وسائل الإعلام العالمي بيد أمريكا… ومع هذا لم تفلح بكل إمكاناتها الضخمة تلك في إقناع بعض شعوب المنطقة بانها ليست الشيطان الأكبر الذي ينفث شره صوبها... مع ان هناك أشخاص وحكومات اكثر فتكا بشعوبها من الشيطان نفسه، فهي تثرى وتتسلق فوق أكتافهم ، بينما يسود الجهل والامية والفقر والبطالة بين تلك الشعوب التي غرقت لأذنيها في متابعة الأحداث السياسية وتحليل مواقف السياسيين والحكومات، بينما هي عاجزة على ان تكون جزءا فاعلا لتحريك هذا الواقع السياسي الكسول، الذي أدمن ذات الأفكار والشخوص ممن اصبحوا رموزا تعيش في عقولنا، لدرجة اننا نصدم ان فقدنا إحداها فنبقى نذوب في دوامة العواطف بين مصدقين او مكذبين لاختفاء هؤلاء المتسلطين لنبقى مأسورين في أساطيرهم ، التي أجبرونا على تصديقها برضاعتها مع حليب أمهاتنا منذ الطفولة ..
46% نسبة تسرب الطلاب من المدارس في اخر إحصائية في العراق… من الطبيعي ان تكون نسبة الاناث هي الأعلى في هذه الإحصائية، انسجاما مع قاعدة تسلط المجتمع الذكوري والعادات والتقاليد ، التي تقضي بأن الزواج ستر وصون لشرف البنت ، الذي قد تهتز أركانه اذا خرجت للعمل واتسعت آفاقها في الحياة ،كما تقول جداتنا وأمهاتنا ممن يرمين بناتهن تحت أقدام أي رجل يملك مالاً وجاهاً وان كان من أبطال الحواسم!.. اما الذكور منهم ، فيصبحون مشروعاً بائساً لأعمال لا تتناسب غالبا مع إمكاناتهم الجسدية والعمرية ويحرموا من الاستمتاع بمراحل عمرهم الطبيعية من الطفولة الى سن الشباب ،فتصبح الاحلام وان تخللتها كوابيس بمستقبل افضل هي المتنفس الوحيد لديهم، والخيال عالم اجمل من الواقع المغموس بالخيبات والإحباط ،والخزعبلات حقيقة، ليتقبلوا في النهاية كل ما يزرع في نفوسهم وعقولهم . لقد استغل بعض أصحاب العمائم من المحسوبين على رجال الدين تلك الخصلة وقاموا بسرد الحكايات عن بطولات الإرهابيين ، في قتالهم مع قوى الشر كما يدعون والمتمثلة بمن يريدون الحرية والانفتاح على العالم وبناء مجتمع متحضر يضع الإنسان وحقه في الحياة الكريمة في قمة أهدافه… وليس في اسفل سلم طموحات بعض القيادات التي جعلت من نفسها قائدة لعقول تعاني من جهل فكري فاضح .
حدثني صديق عن أساطير ينسجها ممن يروج للقتال ويختفي تحت عباءة الدين ويعتلي المنابر ليحرض ويكفر من يريد لتحقيق أطماعه السياسية ، وذلك بغسل عقول مريديه بحكاية العناكب السوداء الضخمة التي تهبط من السماء لتحارب مع المقاتلين وهي تهاجم جنود الشر لتقتلهم ، وحكاية الملائكة التي اعتقلت جنديين أمريكيين من خلال صورة بثت على شبكة الانترنيت لضوء ابيض يتوسط جنديين أمريكيين! وحكاية الأنفاق السرية التي تمتد الى ما لا نهاية تحت الفلوجة وتمدها بالمقاتلين من كل مكان! والتي فاقت في تصميمها أنفاق مانهاتن في أمريكا، التي عرفناها من خلال المسلسل الأمريكي الحسناء والوحش، و أنفاق باريس التي تحدث عنها فكتور هيجو في روايته البؤساء ..
وعندما سأل محدثي من روى له الحكاية عن الطريقة التي تفرق بها العناكب السوداء التي شاركت في المعارك بين الضحية ان كان عراقيا او أمريكيا …فأجابه بسرعة: عن طريق الحامض النووي!! DNA فاذا كانت الملائكة تقاتل قوات الشر كما يدعون ، فلماذا لم تحسم المعركة لصالحهم لحد زمن كتابة هذه السطور!!! استغلال بيوت الله بالدعاء على الاخرين ورميهم بالكفر والضلالة ونسج الحكايا واستغلال الحس الأسطوري الذي تربينا عليه في تأليه الاخرين، وتوزيع المنشورات في خطبة يوم الجمعة والتي تحرض على قتل كل موظفي الدولة عدا موظفي مؤسسات الكهرباء والماء والصحة والوقود !!كما حدث في بعض المساجد في بغداد ، سيزيد من سفك الدم العراقي وزرع الموت، ليصبح لعنة يومية تطاردنا وتذبح أبناءنا .
ما نحتاجه وقفة مع الذات والكثير من التعقل والتروي ونبذ لغة السلاح وانتهاج لغة الحوار العقلاني، فلا عناكب ولا ملائكة مفترضة ولا أنفاق تستطيع ان تكسر نبتة أينعت من حجر صلد وكسرت القيود والأسوار وأذابت الحدود، فلا يجعل البعض من نفسه أضحوكة في تصديق مثل تلك الخزعبلات، او يجعل من نفسه قربانا على مذبح أنانية من يعتقدون ان لهم الحق في السلطة ..لأنها حكر عليهم منذ 1350 سنة… وحقوق الآخرين لا يسقط بالتقادم ..
كاتبه وصحفية عراقية
التعليقات (0)