"عم يتساءلون" عن بندر بن سلطان : انتهى؟ .. لم ينته؟
حين اتصلت "إيلاف" بالأمين العام لمجلس الأمن الوطني في السعودية الأمير بندر بن سلطان يوم الخميس الماضي باحثةً عنه بعد غيابه الكلي عن واجهة الصورة الرسمية، قيل لها أنه يقضي إجازة خاصة خارج المملكة دون ذكر أي تفاصيل أخرى عن مكان الإقامة أو سبب الإجازة في وقت حساس كهذا.
وبدا هذا الغياب وكأنه الفرصة الأخيرة لحسّاده كي يفتحوا صنبور الشائعات في مغطس الإعلام الدولي على هيئة تقارير صحفية كان آخرها ما نشرته صحيفة "الاندبندنت"، التي ستكون الجثة الجديدة في عالم صحافة الورق، من أن غيابه كان بأمر آمرٍ بعد غضب رسمي عليه بسبب تدخله في الملف السوري.
بيد أن مصادر وثيقة الإطلاع أشارت إلى أن الأمير الذي يعتبر أشهر دبلوماسيي بلاده منذ تأسيسها كان طوال فترة الاختفاء متواجداً في أميركا وبالتحديد في إحدى المصحات الأميركية التي أجرى فيها عملية جراحية منذ عدة أسابيع استلزمت بقاءه فيها حتى هذه الأيام في إطار نصائح الأطباء بأن يقضي فترة نقاهة بسيطة قبل أن يعود إلى بلاده.
ولم تكن هذه العملية التي أجريت له في الباطنية تستلزم بقاءه كل هذا الوقت في أميركا لولا أن مضاعفاتها جعلت الأطباء ينصحونه بالبقاء وقتاً أطول حتى يتم الاطمئنان على صحته حسب مصدر مطلع رفض ذكر أسمه.
وأشار المصدر إلى أن بندر طوال فترة مكوثه في أميركا قام أكثر من مرة بزيارة والده ولي العهد الأمير سلطان الذي يقضي فترة نقاهة في "نيويورك" وامتدت جلساته معه بالساعات سواء في مستشفى "نيويورك" أو حتى في فندق "والدوف أستوريا" حيث يقيم.
ولم يغب أحد من الأمراء عن البلاد طوال أيام شهر فبراير الماضي، الذي أعتبر أهم الشهور في تاريخ حكم عاهل البلاد الملك عبد الله بن عبد العزيز نظراً لكونه شهد تغييرات مفصلية في بنية الدولة، سوى أولئك الأمراء الذين قضوا فترتهم في مرافقة رجل السعودية المحبوب وولي عهدها الأمير سلطان في أميركا.
ومن المقرر أن يعود الأمير بندر إلى الرياض، حيث مكتبه ومكتبته وأدوات اتصاله بالعالم، خلال الأيام القليلة المقبلة حسب مصدر تحدثت معه "إيلاف" ليلة الجمعة، مما يعني أن الأمير سوف يكون في مكتبه مزاولاً عمله اليومي مطلع الأسبوع المقبل على أبعد تقدير.
وهذا لا يعني أن الأمير سيقضي أيامه وساعاته في مكتبه الواقع في أحد القصور التي كانت ملكيتها تعود إلى الملك خالد بن عبد العزيز، بل إنه سوف يستمر في سياسة الهواتف والطائرات النفاثة التي طالما فضلها منذ أكثر من خمسة وعشرين عاماً هي عمره في العمل السياسي.
ومعروف أن الأمير بندر يكره العمل المكتبي لدرجة أن موظفين كثيرين في جهاز الأمن الوطني في السعودية لم يسبق لهم رؤيته في مبناهم في إطار تطبيقه "مبدأ سمكة القرش التي تعرف متى تنام وتعرف متى تستيقظ لالتهام فريستها" حسب تعبير أحد المقربين منه.
ويعتبر هذا المبدأ هو الجواب على كل الأسئلة التي أطلقها محبوه وحسّاده خلال الأشهر الماضية والتي كانت تطرح همساً وبصوت خفيض على جنبات المآدب الرسمية العليا تساؤلها ما إذا كان "بندر انتهى؟ أم أنه لم ينته؟" خصوصاً وأنه بالنسبة لـ "البندريين"، وهم محبوه ومعجبوه، مزيج بين المعجزة والأسطورة.
وبالتأكيد فقد كان سعيداً حين تناول بيديه أحد أعداد صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" وتحديدا عددها الذي صدر في السابع من أبريل الماضي حين قرأ عن أن مسئولاً أمريكياً سابقاً أكد عدم صحة مزاعم أشارت إلى أنه قد تلقى أموالاً في إطار الصفقة التي تم توقيعها بين بلاده وبريطانيا.
ورغم أن هذا المسئول، وهو لويس فري، يعمل كمستشار قانوني للأمير بندر بن سلطان حالياً، فإن ذلك لا ينفي أنه كان مديراً سابقاً لمكتب التحقيقات الفيدرالية الأمريكية بين عامي 1993 و2001 مما مكنه من الإطلاع على مجريات أضخم صفقة في التاريخ بين المملكة السعودية والمملكة المتحدة والتي بلغت تكلفتها نحو 86 ملياراً.
ونفى فري المزاعم التي تتحدَّث عن تلقي الأمير بندر بن سلطان، السفير السعودي لدى الولايات المتحدة، رشاوى بحوالى 2 مليار دولار ضمن صفقة أسلحة بين السعوديَّة وبريطانيا. وشدّد فريح على أنَّ الأمير بندر لم يقبل اي رشوة، سواء على شكل ملياري دولار أرسلت إلى بنك ريغز او باستخدام طائرة قامت بتوفيرها شركة بي آيه إي سيستمز التي أبرمت صفقة الأسلحة مع السعوديَّة.
ونشرت صحيفة "لوس آنجلس تايمز" الأميركية مقالاً من مراسليها توم هامبورغر وغوش مئير من وشنطن جاء فيه أنَّ لويس فري الذي يعمل حاليّا كمستشار قانونيّ للأمير بندر، نفي صحّة "الادّعاءات الطائشة" والتي تشير إلى تلقي الأمير بندر رشوة في صفقة الأسلحة التي أبرمت بين بريطانيا والسعوديَّة، لافتًا عبر البرنامج التفزيوني الوثائقي "المواجهة" إلى أنَّ المزاعم "لم تثبت في أي محكمة أو منتدى فعلي".
وأوضح فري في التقرير الذي ترجمه الزميل أشرف أبو جلالة أنَّ "الأمير بندر بعيد عن الشبهات، ولم توجه إليه أيَّة اتهامات حكومية رسميَّة".
وقال فري إنَّ مبلغ الـ2 مليار دولار الذي تدفق إلى الحسابات السعودية في مصرف ريغز الأميركي كان جزءًا من مقايضة معقّدة تتضمن بندًا يقضي بتبادل النفط السعوديّ بطائرات قاذفة بريطانيَّة. وأوضحت الصحيفة أن وزارة العدل الأميركية تحقق الآن في تاريخ الحسابات الحكومية السعودية في بنك ريغز ضمن تحقيقاتها الخاصة بشركة تصنيع الأسلحة البريطانية بي آيه إي سيستمز.
ويقول مصدر سعودي وثيق الإطلاع خلال حديث له مع "إيلاف" :" موقف بندر قوي جد ولا علاقة له بهذه الأموال لأنها كانت تخرج من حساب دولة إلى حساب دولة أخرى. لا توجد أية مشاكل للأمير في أميركا وكل المشاكل المثارة كانت بسبب بعض النقابات العمالية المرتبطة بشركة بي أيه اي سيستمز".
ويضيف أن فري "لا يستطيع كمواطن أميركي وكمسئول سبق له أن تابع القصة من بدايتها أن يدافع عن أي شخص ما لم يكن واثقاً تمام الثقة من براءته خصوصاً وأنه سبق له أن قاد بحكم عمله عمليات تدقيق مكثفة في حسابات السفارة السعودية في واشنطن ولم يجد أي مخالفات قانونية".
ونقل تقرير الصحيفة عن فري قوله إنَّ "الاتفاقية التي تم التوقيع عليها عام 1985 بين بريطانيا والمملكة العربية السعودية تسمح بمقايضة النفط بالأسلحة. ووقعت بي آيه إي سيستمز على صفقة بقيمة 86 مليار دولار مع السعوديين وفقا لأحكام المعاهدة. أمَّا المبالغ المالية التي تدفقت بين بريطانيا والحسابات المصرفية الخاصة بالأمير بندر في الولايات المتحدة، فقد يكون مصدرها بيع النفط السعودي بموجب شروط العقد. وكجزء من الصفقة، قامت شركة بي آيه إي سيستمز أيضاً بتوفير طائرة إيرباص 340، التي كان الأمير يستخدمها على مدار سنوات".
التعليقات (0)