عم سيد”.. شحات وعنده عمارتين.. اللهم لا حسد!
كتب: محمد البحيري
اثناء مروري في ميدان الجيزة، اعجبني قميص كان معروضا في احد المحلات الكثيرة الواقعة هناك. وعندما دخلت لشراءه اعطيت المحاسب الجالس عند الخزينة ورقة من فئة المئتي جنيه، فإذا به يخبرني بعدم وجود ما يكفي لديه لاعطائي الباقي، لان الوقت كان متأخرا، وكان صاحب المحل قد انصرف لتوه حاملا معه حصيلة البيع لهذا اليوم.
وبعد عملية بحث سريعة في جيوبي، اخبرته بأني لا املك من “الفكة” ما يكفي سداد ثمن القميص. هنا استدعى المحاسب احد البائعين الموجودين بالمحل وطلب منه البحث عمن يفك الورقة المالية الى عملات اصغر. وبعد دقائق عاد البائع بخفي حنين وقد فشل في المهمة التي ذهب من اجلها. عندئذ فوجئت بالصراف يسأله: ولماذا لم تذهب الى عم سيد؟. فابتسم البائع الشاب ابتسامة من تذكر شيئا مضحكا. فابتسمت انا الآخر، لاسأل بفضول: ولماذا الابتسام على ذكر اسم عم سيد هذا؟. هنا غادر الصراف مكانه المألوف، الى جوار الخزانة، ليصحبني الى باب المحل ويشير الى متسول مصاب باعاقة في قدميه، يفترش الارض على أحد جانبي شارع الجيزة الرئيسي، بالقرب من عمارة يطلق عليها “عمارة شفيقة”. ثم قال: هذا عم سيد!.. فضحكت ظانا منه انه يمزح، فما علاقة متسول بورقة من فئة المئتي جنيه؟!. لكن الرجل اخبر البائع بان يذهب لفك الورقة منه امام سمعنا وبصرنا. وبالفعل ذهب البائع الى المتسول “عم سيد” وألح عليه ان يفك المئتي جنيه، حتى لا تضيع على المحل صفقة بيع القميص. فإذا بالعم سيد يخرج كيسا من القماش من صدره وقد ربطه بحبل في عنقه. وفتحه واخرج منه ورقة من فئة المئة جنيه، واخرى من فئة الخمسين، وورقتين من فئة العشرين، واخرى من فئة الجنيهات العشر.
كان الامر بالنسبة لي غير مصدق، رغم ما اعتدنا سماعه عن ثراء المتسولين من حين لآخر. ساعتها ظل الصراف يقسم لي باغلظ الايمان هو والباعة العاملون في المحل ان عم سيد هذا يملك عمارتين فاخرتين في محافظة الشرقية، فضلا عن ان ابنه يعمل مهندسا في دولة الكويت! ليس هذا فقط بل قال لي ايضا ان عم سيد ينهي عمله اليومي (التسول) في تمام الثانية عشر بعد منتصف الليل، ليجلس بعدها على أحد المقاهي القريبة من موقع تسوله، كي يستمتع بلعب الدومينو “على المشاريب”. بمعنى ان الخاسر عليه ان يدفع ثمن المشروبات التي تناولها هو وخصمه، وربما ضيوفهما ايضا!
للمزيد طالع مدونتي على هذا الرابط
http://bder.mum-blog.com/index.htm
التعليقات (0)