عمرو موسى ..
وزير خارجية مصر الأسبق والأمين الحالي لجامعة الدول العربية ..
تعتبر فترة عمل "عمرو موسى" وزيراً للخارجية المصرية أشد الفترات ذهبية في حياته .. حيث حظي بشهرة عاطفية جارفة على المستوى الشعبي في مصر .. وذلك لخطابه الدبلوماسي الذي تميز بالندية والهجوم والكفاءة وبالذات فيما يخص العلاقة مع إسرائيل .. كان عمرو موسى يعتنق لغة تهز أوتار وتنتشي لها قلوب العامة والبسطاء وغالبية شرائح المجتمع المصري تدعمه في ذلك (كاريزما) عالية من القبول وتمكن كبير من انتقاء الألفاظ والعبارات الخطابية المناسبة والتي تشعر المواطن المصري أن وزير خارجيته عمرو موسى يمتلك إمكانيات وصلاحيات الثبات والكفاءة التي تخوله أن يقود منفرداً مواجهة كاملة وشاملة باسم الشعب المصري ضد إسرائيل وضد كل خصوم الشعب خارجياً ..
بدا "عمرو موسى" في عين الشارع المصري في صورة وحجم وإمكانيات أكبر من منصبه الوزاري بكثير.. ولم يلحظ الكثيرون أن عمرو موسى إنما هو وزير على رأس وزارة يتبع سياسة دولة ويسير وفقاً لخطابها السياسي الذي يعتليه هرم السلطة وهو هنا الرئيس مبارك ..
ولكن كاريزما وجرأة عمرو موسى جعلته يتبوأ عرش القبول داخل قلوب الشعب المصري بجوار عدد محدود من الذين تمتعوا بالحب الشعبي الجارف كأمثال وزير الداخلية الأسبق اللواء (أحمد رشدي).. وكذا وزير الدفاع الأسبق المشير (محمد عبدالحليم أبوغزالة).. والوزير المشير( محمد عبدالغني الجمسي).. ووزير الإسكان الأسبق المهندس (حسب الله الكفراوي) ..
فهؤلاء العدد القليل من الوزراء والمسئولين كانوا بمثابة نماذج متفردة وقليلة من الذين صادف اختيارهم وتكليفهم كفاءة وتفانياً منهم وقبولاً لهم من الشعب المصري الذي احتفظ لكل منهم ولأمثالهم بمكانة كبيرة في وجدانه وتقديره .. ولكن لأن لعبة السياسة لا تعرف العاطفة بل قد تكون العاطفة وبالاً على المعطوف عليه .. فالملاحظ أن حب الشعب واهتمامه بمسئول أو وزير يعتبر في عرف السياسة خطراً داهماً وهاجساً مطارداً للسلطة خوفاً من تعاظم مكانة هذا الوزير أو المسئول أو بالأحرى أطماعه فيما جاوز منصبه كما أنه يحجب الأضواء عن رأس السلطة بما يضرها وينال من مكانتها وسيطرتها .. فتبادر السلطة إلى وضع كلمة النهاية في حياة الوزير إما بإقالته في صورة إستقالة أو بتقليده منصباً شرفياً استشارياً منزوع القيمة .. أو بنقله تماماً بعيداً عن دولاب السلطة كمثل حالة عمرو موسى الذي وصل الاهتمام الشعبي به ذروته حد التغني به بأغنية( أنا بأكره إسرائيل وبأحب عمرو موسى ).. وهي الأغنية الأشهر التي غناها المطرب الشعبي شعبان عبد الرحيم وأثارت ضجة كبيرة جداً نتجت عنها أزمة دبلوماسية ساخنة بين مصر وإسرائيل.. كما أنها كانت الأغنية الرئيسة في كافة المناسبات الشعبية والثقافية في مصر وكذا في الأراضي العربية المحتلة في فلسطين ..
وهي التي رفعت شعبية عمرو موسى إلى عنان السماء وكادت أن تخلق منه أسطورة لولا إقصائه عن منصبه للدفع به كأمين عام لجامعة الدول العربية .. وهو منصب وإن كان في ظاهره إرتقاء ونقلة إلى الأعلى .. إلا أنه في واقعه كان بمثابة الدهليز الذي استنزف رصيد عمرو موسى من الشهرة والزعامة الشعبية ولكن ببطء حتى صار على حافة الاهتمام الشعبي إن لم يكن قد خرج منه بالفعل ..
ويؤكد ذلك الضعف المشين الذي تعيشه الجامعة العربية وهو الضعف المرتبط بتخاذل الأنظمة العربية وعدم قدرتها على تفعيل أواصر التضامن بينها مما جعل من عمرو موسى مجرد موظف بلا وظيفة أو في وظيفة بلا فاعلية ..
من هنا . وبمناسبة الانتخابات الرئاسية المصرية القادمة في 2011 فقد أثير على السطح اسم عمرو موسى كمرشح لرئاسة مصر .. إلا أن حالة الذبول والوهن والهزال الذي تعيشه الجامعة التي يرأس أمانتها قد انعكس بصورة كبيرة على مكانة عمرو موسى علاوة على ظهوره بمظهر الموظف التابع بلا حيلة لزعماء العرب الضعفاء بلا حيلة خاصة كما ظهر وتجلى في مؤتمر القمة العربي الأخير الذي ظهرت فيه جميع صورهم مهزوزة وباهتة وقراراتهم التي لا تصلح أن تكون قرارات ..
كل ذلك قد نال من درجات رصيد عمرو موسى في الوجدان الشعبي وقد عزز ذلك بشدة حرص عمرو موسى الذي بدا وكأنه عدم قدره على دخول مصر من بابها الرئاسي .. حيث لم يبدو حتى الآن في صورة القائد القادر وحده على تجاوز مبنى وزارة الخارجية القابع على ضفاف النيل والولوج إلى باب قصر القبة القابع به كرسي العرش ..
وحتى الآن لم تصدر تصريحات قاطعة من عمرو موسى تؤكد نيته وعزمه على خوض انتخابات الرئاسة بعكس محمد البرادعي الذي تقدمه بخطوات – وإن لم تكن حاسمة بعد- في هذا المضمار ..
وهو أيضاً ما يصب في خانة عدم التعويل كثيراً على عمرو موسى كمرشح لرئاسة مصر .. وبقاؤه مجرد ذكرى طيبة في الحس والوجدان الشعبي أيام كان وزيراً لخارجية مصر ...
وما علينا سوى الانتظار.. فالأيام حبلى بالحوادث ..
التعليقات (0)