خاض عمال النظافة التابعين لشركة "تيكميد" يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين من أجل مطالب بسيطة ظلت الإدارة تتجاهلها وتواجه العمال بالتعنت السافر. ويأتي هذا الإضراب بعد الإضراب الذي خاضه 167 عاملاً يومي السبت والأحد الفارطين، ورغم أن العمال ظلوا ينادون بأهمية التواصل بين العمال والإدارة كسبيل للمشاركة في حل المشاكل وتجاوز الصعوبات، لكن يبدو أن السبيل لا يعني شيئاً بالنسبة للقائمين على الشركة.
لكن السكان يؤدون ضريبة النظافة وانضافت الآن ضريبة أخرى، هي ضريبة تداعيات تراكم الزبال ومشاكله.
اعتذار العمال للسكان
في بيان أعدته نقابة عمال "تيكميد" بالقنيطرة، المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، قدم العمال 167 المضربين اعتذاراً لسكان منطقة الساكنية لتراكم الزبال وطلبوا منهم تفهم أسباب ودواعي اضطرارهم لخوض إضراب عن العمل بعد أن سُدّت الأبواب أمامه رغم احتجاجاتهم المتكررة على الأوضاع المزرية جراء ظروف العمل القاسية وغير المطاقة وجراء تعنت القائمين على شركة "تيكميد" الذين ظلوا يرفضون على الدوام الاستجابة لمطالبهم البسيطة والمشروعة التي تخولها لهم الكرامة الإنسانية قبل التنصيص عليها في القوانين ودفتر التحملات.
مطالب بسيطة جداً "حشومة" عدم تلبيتها:
إن مطالب عمال شركة "تيكميد" بسيطة جداً، لكن تعنت المسؤولين حرمهم منها رغم كثرة الوعود والرسائل المبعوثة لكل الجهات المعنية
في واقع الأمر إنها مطالب يخجل المرء أنها غير متوفرة في مغرب الإقرار بكرامة الإنسان وحقوق المواطنة وحقوق الإنسان ورد الاعتبار للمواطن
إنها مطالب عادية جداً، من المفروض أن تكون قائمة أصلاً لأنها بدونها يصبح العامل لا فرق بينه وبين "القائمين بالسخرة" في العهود البائدة
إن عمال شركة "تيكميد" أضربوا من أجل انعدام أدوات وسائل العمل كالمكنسة والمدرة و "ليكات"، وغياب أدنى عناية صحية والفحص الطبي والتلقيح رغم الخطورة الكبيرة التي يتعرضون لها خلال مزاولة عملهم اليومي ويزيد الطين بلّة، بفعل تعرض العمال لاقتطاعات شهرية جائرة دون وجه حق ودون سبب أو سند قانوني.
هذه عيّنة من المطالب التي أضرب من أجلها عمال "تيكميد"، وكما يُقال: "خايبة حتى لتعاويد"، ورغم ذلك يواجهها القائمون على الشركة بالتعنت.
والحالة هذه، فما سيكون موقف شركة "تيكميد" من مشكلة الرواتب والرفع من الأجور والتعويض عن الساعات وتوفير النقل، وهي مطالب مشروعة تنص عليها مدونة الشغل بشكل واضح.
إن العديد من عمال الشركة أصبحوا يعانون أمراضاً مختلفة في غياب المراقبة الصحية الدائمة ووسائل الحماية
تراكم الزبال بالمدينة:
من السهل ملاحظة تراكم القمامة بالأحياء بالجزء من المدينة التي لت صفقة تنظيفها لشركة "تيكميد". وفي هذا الصدد يذكر أنه في وقت سابق قبل اضطلاع الشركة المذكورة بالمهمة، كانت الزبال قد تراكمت بشكل لا يطاق بالمدينة، وعندما وصل السيل الزبى، اتفق بعض السكان على تحميل أجزاء من تلك الزبال ونقلوها بوسائلهم الخاصة لإيداعها أمام البلدية بالحي الإداري لتمكين رئيس المجلس البلدي من معاينتها "لعل وعسى" أن ينتبه إلى معاناتهم فهل سيُعيد هؤلاء السكان الكرّة هذه المرة كذلك ويلقون بالقمامة أمام البلدية لحث القائمين على الشأن العام على التوصل إلى حل لتخليصهم من القمامة السائرة نحو التراكم بفعل إضراب عمال شركة "تكميد" هذا إن لم ينفع الإضراب الإنذاري واضطرارهم للإضراب ثانية لتحقيق مطالبهم البسيطة.
اكتشاف على الهامش:
في تجاذب الحديث مع أحد عمال شركة "تكميد" الغاضبين جراء الوضع الرديء الذي يعاني منه جميع العاملين، أكد أن إدارة الشركة لا تولي أي اعتبار لكرامة العامل ولمطالبه المشروعة المؤكد عن القائمين عليها ظلوا قريبين من منتخبي المدينة المضطلعين بتدبير الشأن العام. ألحّ على التأكيد أن رئيس الشركة ظل بجانب أحد المرشحين في الانتخابات السابقة ودأب على الظهور معه في أي وقت وحيد وفي أي مكان بالمدينة في حملته الانتخابية، ويقول بالحرف: "مازلت أتذكر أنه كانا يتجولان في المدينة وكلما لاحظا أزبالاً متراكمة بإحدى الأحياء يتم المناداة على العمال على الفور لجمع القمامة في بهرجة وبحضور الساكنة المستهدفة أصواتها آنذاك. علماً أن القائمين على الشركة هم الذين من صفقة اقتلاع أشجار الكالبتوس مؤخراً"
سجل أسود:
لشركة تكميد مشاكل في مدن أخرى
ليست القنيطرة وحدها التي تعرف مشاكل مع شركة تكميد، وإنما هناك عمال في مدن أخرى يعانون ويكابدون.
ففي مدينة بني ملال سبق لعمال الشركة اعتصاماً خلال شهر رمضان المبارك. وتراكمت الزبال الشيء الذي أرغم السكان على إقفال نوافذ مساكنهم من تفادي الذباب والروائح الكريهة، علماً أن شركة "تكميد" فازت بصفقة عقد التدبير المفوض دون منازع بفضل الدعم الذي تلقته من والي الجهة.
كما أن مدينة مراكش عرفت صراعاً مريراً مع شركة "تكميد" المفوض لها تدبير قطاع النظافة بمقاطعتي "المنارة" و "جليز" حيث لم تحترم دفتر التحملات ولم تقدم خدمات في مستوى تطلعات الساكنة.
وسبق أيضاً لعمال الشركة أن دخلوا في إضراب مفتوح بمدينة تطوان، وكالعادة تراكمت الزبال في كل مكان، مما أثار سخط الساكنة. وكانت مطالب عمال تطوان لا تختلف عن مطالب عمال القنيطرة. وقد أدت المشاكل المتراكمة بمطالبة الجماعة بإعادة النظر في عقد تفويض التدبير.
وفي سنة 2010 صعدت شغيلة النظافة في شركة "تكميد" احتجاجاتها على الصعيد الوطني. آنذاك خاض 200 عامل بالدارالبيضاء للرد على سلوكات إدارة الشركة في التعاطي مع مشاكل العمال، واعتباراً لإصرارها على نهج أسلوب الصمت والهجوم على المكتسبات والاستمرار في عدم توفير وسائل العمل وشروط الصحة والسلامة. وقبل هذا خاضت شغيلة الشركة في الدارالبيضاء والرباط والمحمدية نضالات واسعة قصد توفير الشروط والوسائل الملائمة للعمل ولاحترام دفتر التحملات. كما أن شغيلة الشركة بخريبكة سبق لهم أن خاضوا وقفة احتجاجية أمام باشوية خريبكة للتنديد باقتطاع 4 أيام طال الأجرة الشهرية حيث توقفوا عن العمل حتى تستجيب لمطلبهم لاسترجاع المبلغ المقتطع بسبب إضراب خاضه العمال والمستخدمون.
التعليقات (0)