حوار مع علي براد نائب وزارة التربية الوطنية لمدينة سـلا
إنجـاز: عبـد الفتـاح الفاتحـي
نظمت نيابة وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر، بمدينة سلا حفلا تكريما للمجاهد الكبير أبو بكر القادري، أحد الموقعين على وثيقة المطالبة بالاستقلال في 11 يناير 1944م، وأحد القادة المؤسسين لكتلة العمل الوطني وللحزب الوطني ولحزب الاستقلال، ولا يزال إلى حدود الآن عضو مجلس رئاسته.
وقدمت خلال هذا اللقاء شهادات مؤثرة استعرضت التجربة الجهادية لأبي بكر القادري كرائد من رواد الحركة الوطنية الأشاوس، وأكدت مجتمعة أن أبا بكر القادري يعد اسما مرجعيا في المشهد التربوي والسياسي، وذاكرة جماعية في الوطنية والمقاومة.
وتكملة لما ورد في شهادات التي قيلت في حق مربي الأجيال أبي بكر القادري، فقد عملت جريدة العلـم ولمزيد من إضاءة أهم الجوانب في شخصية الرجل على بحث هذا الموضوع من خلال ثلة من الخبراء والباحثين في تاريخ الحركة الوطنية، وأجرت حوارات حول محاور الرؤية الاستراتيجية لعمل الحركة الوطنية في الكفاح لنيل الاستقلال -أبو بكر القادري نموذجا-.
- أبو بكر القادري تربوي قاد ثورة هادئة بالتربية والتعليم ضد الاستعمار.
- أبو بكر القادري سياسي شهم قاد وشارك في المقاومة الفعلية ضد المستعمر.
- أبو بكر القادري المعتقل في سجون الاستعمار.
1- السيد النائب كيف جاء تنظيمكم لحفل تكريم المجاهد أبي بكر القادري؟.
الحق أن أبا بكر القادري شخصية وطنية، قدمت خدمات جليلة للوطن على جميع المستويات، والحق أن غايتنا الرئيسة من الحفل التكريمي الذي نظمناه لتكريم المجاهد أبي بكر القادري، وذلك لوصل جيل الحركة الوطنية بالجيل الجديد، وهو مما نعتبره مسؤوليتنا التربوية والتعليمية.
ومعلوم أيضا أن عددا كبيرا من الأساتذة والتلاميذ لا يعرفون أبا بكر القادري إلا بالاسم، إضافة إلى أن اسم أبي بكر القادري ظل دوما يربط بالشق السياسي من خلال نضالاته السياسية والجهادية في صفوف الحركة الوطنية، وكثيرا ما تم إغفال الجانب التربوي أو على الأقل لم يتم إيلاء هذا الجانب نفس الاهتمام، حيث يعد أبو بكر القادري من مبدعي المخطط استراتيجي؛ الخاص بالمقاومة الثقافية الثقافة واللغوية أمام الهيمنة الاستعمارية الفرنسية.
ويبرز هذا جليا في إشرافه المبكر على المؤسسة التعليمية "النهضة"، حيث أشراف على تعليم أبناء وتلامذة مدينة سلا اللغة العربية وقيم الثقافة الإسلامية، فكان بحق عبقرية تفتق عنها الوعي بأهمية الاستثمار في القضايا التربوية، فاستوعب تربية السياسة وسياسة التربية، وجعل من مدرسة النهضة حصنا من حصون مقاومة سياسة التغريب، وتحصين الذات الثقافية والهوية المغربية، فكانت مدرسته رباطا قيميا يتآلف فيه المغاربة من مختلف الانتماءات الطبقية والسياسية.
ومن جهة أخرى فلأن العمل التعليمي الفعال هو الذي يستند إلى مبدأ "ليس من رأي كمن سمع"، وهو مبدأ أصيل في المجال التربوي، ولذلك عمل على استيعاب هذا الاحتفال التكريمي بغرض وصل الماضي بالحاضر، وجعل تلامذة وناشئة سلا تقف أمام هرم من الملحمة المغربية في المقاومة، وهذا ما هو ما تحكم في تدبير الحفل التكريمي المتواضع. وذاك ما نعتبره عملا يعزز قيم المواطنة الحقيقية لتلامذتنا.
2- ما هو تصور الوزارة بخصوص التعريف برموز المقاومة، وتاريخ الحركة الوطنية؟.
إن عملنا في نيابة وزارة التربية يأتي بالطبع منسجما مع تصورات الوزارة الوصية، ولأن سياسة الوزارة ستكون متناغمة مع ما ورد في الميثاق الوطني للتربية والتكوين، وهو الميثاق الذي ينهل منه الجميع تصوراته تجاه العمل التربوي، فإنه مما فتئ يؤكد على ضرورة تعزيز قيم الهوية المغربية، وفي هذا الإطار تتحدد أولى معالم الوزارة بخصوص الاهتمام بالتاريخ المغربي، وخاصة عصر رحالات المقاومة وأعضاء جيش التحرير.
إضافة إلى أن المخطط الاستعجالي للتربية والتكوين ينصص على ضرورة إرساء مدرسة الاحترام، ومدرسة المواطنة، وكل ما يتعلق بالتاريخ الوطني والتعريف بالحركة الوطنية ورموزها.
وفي هذا الإطار تدعو مذكرات وزارة التربية الوطنية على تحيين الأنشطة الموازية عند كل مناسبة أو حدث وطني، من مبدأ الوعي بمد الجسور ووصل الماضي بالحاضر من خلال الوقوف على المحطات التاريخية التي ميزت تاريخ المغرب، وللتذكير برموز في النضال الوطني وببطولاتهم وأعمالهم الوطنية التي استرخصوا فيها دماءهم وأرواحهم.
3- ما هي خطة نيابة التربية الوطنية بسلا لتفعيل استراتيجية الوزارة على مستوى مدينة سـلا؟
تفاعلا مع سياسة الوزارة، وخاصة بما جاء في المخطط الاستعجالي للتربية والتكوين، وخاصة المواد القاضية بضرورة العمل على تعزيز حس قيم المواطنة الحقيقية لدى التلاميذ والتلميذات، وخاصة بالتعريف بحقبة تاريخية جد مؤثرة من التاريخ المغربي، عملت النيابة على إعادة النظر في أسماء المدارس والمؤسسات التعليمية بمدينة سـلا، على أن يتم إطلاق عدد من الأحداث ورموز الحركة الوطنية على المؤسسات التعليمية بالمدينة.
كما تعمل على الاحتفاء الهام بعدد من المحطات التاريخية المهمة، حتى تبقى حاضرة في أذهان الناشئة، ستعمل النيابة على متابعة الاحتفاء برموز الحركة الوطنية والمحطات المشرقة من تاريخهم النضالي، وهو عمل بالطبع ينضاف إلى ما يرد في المناهج التعليمية.
وتعزيزا لانخراط نيابة سلا في هذا العمل فإنه قد تم التوقيع على اتفاقية الشراكة مع النيابة الإقليمية لمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بسلا، والتي بموجبها سيتم تنظيم ندوات علمية وتظاهرات ثقافية مشتركة وموائد مستديرة، ودعم الأساتذة والتلاميذ في انجاز دراساتهم وبحوثهم حول تاريخ الحركة الوطنية والمقاومة المسلحة بالمدينة.
وحتى تأخذ هذه الاتفاقية مسارها العملي، عملت النيابة والمندوبية السامية على إحداث لجنة مشتركة بين الطرفين، متكونة من نائب الإقليمي للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير والنائب الإقليمي لوزارة التربية الوطنية بسلا.
كما عملت نيابة وزارة التربية الوطنية بسلا وبالتشاور مع الوزارة الوصية على استحضار المحطات المشرقة من التاريخ الوطني لترسيخ جوانب المميزة في وجدان التلاميذ، وفي هذا الصدد كنا قد أنجزنا سباق على الطريق يحمل اسم المجاهد أبي بكر لقادري، وحرصنا عبر مساعدة السلطات المحلية، وفعلا خص طلبنا السيد عامل عمالة سـلا بعناية بالغة، حيث ألححنا على إقامة هذا السباق داخل أسوار المدينة القديمة، استحضارا لرمزية الرجل في الحركة الوطنية، وللخصوصية التاريخية لمدينة سـلا المجاهدة. وكذا لإثارة انتباه مستعملي شوارع المدينة العتيقة، على أن اليوم هو يوم تاريخي، كانت فيه المقاومة الوطنية حاضرة بقوة لمقاومة المحتل الفرنسي.
وقد تمكنا ومن خلال مذكرة تم بعثها إلى المؤسسات التعليمية من ضمان مشاركة أزيد من 2000 تلميذ وتلميذة في السباق، وقد كان الحدث جد مؤثرة حيث ألقيت كلمة تعرف بالمجاهد أبي بكر القادري، وكلمة تؤرخ لحظة 11 يناير ذكرى تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال سنة 1944، وقد تمت مصاحبة الحفل بأغاني وطنية وأناشيد مغربية حماسية، ونعتقد بناء على ردود الأفعال أننا حققنا الهدف من هذا السباق، وسنعمل على إحيائه سنويا.
وسيتواصل عمل نيابة وزارة التربية وبالتعاون مع الوزارة في الصدد، بحيث نفكر اليوم على إجراء تعديلات على أسماء بعض المؤسسات التعليمية التي تحمل أسماء مكررة. ولذلك سيتم تعديل اسم المدرسة الابتدائية الأطلس لتحمل اسم المقاوم قاسم الزهيري أحد أبناء مدينة سلا المجاهدة، وتغيير مدرستي حي مولاي إسماعيل 1 و 2 باسمي مدرسة "جيل النجاح" ومدرسة "الشهيد محمد الزيراوي"، وكذا مدرستي أولاد موسى 2 و 3 باسمي مدرسة "الشهيد حسن الصغير بن لحسن" ومدرسة "عبد الكريم غلاب"، وتغيير اسم مدرستي "أرض بنعاشر" و مدرسة "أحمد بنعاشر" باسمي مدرسة "فرحات حشاد" ومدرسة "محمد الشريف امزيان"، وتغيير مدرسة "النصر" بمدرسة "مليكة الفاسية"...
التعليقات (0)