وضح من التقارير الأخبارية المتتالية أمس واليوم , بأن هناك شعورا بعدم الثقة يسود العلاقة بين الولايات المتحدة والمنظومة الأوربية من جهة وروسيا من جهة اخرى . وأن هناك أنقساما كبيرا حول ملفات ساخنة أخرى من أهمها الملف الأيراني . وأول من أقر بهذا الأنقسام هما وزيري الخارجية هيلاري كلنتون ولافروف .
ففي المؤتمر الصحفي اللذي عقد بعد انتهاء زيارة كلنتون لموسكو قال وزير الخارية الروسي من ضمن ما قال"بوسعي القول إنه توجد لدينا نقاط التقاء كثيرة بشأن المواضيع التي ناقشناها. وبلا ريب، توجد كذلك مواضيع لا يزال يتعين علينا تقريب المواقف منها. والشيء الرئيسي الذي كشفته مباحثات اليوم، هو توفر رغبة صادقة حقا لدينا لإقامة حوار استراتيجي بشأن مجمل القضايا."
فيما كانت وزيرة الخارجية هيلاري كلنتون أكثر وضوحا وأقرت بوجود خلاف بين الغرب وروسيا . وأن هناك عملا يجب القيام به للوصول الى أتفاق . وقالت كلينتون في المؤتمر الصحفي: "كانت محادثاتنا شاملة ومثمرة. وهذا نتيجة العمل الذي بدأناه قبل بضعة أشهر، من أجل تغيير علاقاتنا، والتوصل إلى مواقف مشتركة حيث ممكن، والسير على طريق الاحترام المتبادل للمصالح، مع الاعتراف في غضون ذلك بوجود اختلافات لدينا."
وعلى عكس الكلمات الدوبلوماسية اللتي أستخدمها وزيري دوبلوماسية البلدين , جائت تصريحات أمين مجلس الأمن القومي الروسي، نيقولاي باتروشيف اليوم قوية وخالية من الدوبلوماسية . حيث كشف عن تغيير في الخطط العسكرية الروسية وفي العقيدة العسكرية للجيش الروسي , وقال في مقابلة مع صحيفة "ازفستيا" الروسية أن ما استجد من مخاطر وتهديدات على روسيا في الفترة الأخيرة اقتضى تعديل عقيدتها العسكرية، وهو ما تم . وسوف تقدم صيغتها الجديدة إلى الرئيس الروسي , وأشار باتروشيف إلى أن "حلف شمال الأطلسي "الناتو" يكثف نشاطه العسكري وتتدرب قواته على استخدام السلاح النووي ويستمر الحلف في قبول أعضاء جدد، ويتصاعد نشاط الإرهاب الدولي، ويحتدم الصراع على موارد الطاقة وغيرها من الموارد، الأمر الذي بات يشكل تهديداً وخطراً على روسيا. وأضاف أنه هناك عوامل أخرى داخلية، حيث لم يتم القضاء على بعض التهديدات الأمنية كما يدل عليه الوضع في شمال القوقاز" .
ويتضح من ذلك أن هناك عدم أرتياح واضح من تحركات الأطلسي العسكرية عند القائمين على الأمن القومي الروسي وأيضا عند القيادة السياسية الروسية بالرغم من كل الخطوات اللتي قام بها الأطلسي مؤخرا . وعلى عكس الولايات المتحدة ((اللتي ترى ما تراه أسرائيل أولا ثم ما تراه هي بعد ذلك)) , واللتي ترى بأن البرنامج النووي الأيراني خطرا كبيرا وشيكا على أمنيهما وأمن العالم . فأن تصريحات نيقولاي باتروشيف تكشف أن روسيا تخشى خطط الأطلسي أكثر بكثير من خطط أيران النووية .
كان الرئيس الأمريكي باراك أوباما أعلن أخيرا أن الولايات المتحدة تخلت عن خطط لإقامة درع صاروخية في كل من بولندا وجمهورية التشيك، وهي خطوة لقيت ترحيبا روسيا بعد أن كانت موسكو تعارضها بشدة . وقالت كلينتون . "الهدف من نظلم الدفاع الصاروخي هو حماية الناس من خطط طموحة في بعض الأماكن.. مثل الطموح الذي ربما يساور إيران.. أو تنظيم القاعدة.. لذا عندما راجعنا نظام الدرع الصاروخية القديم.. رأينا أنه لا يفي بالغرض ليحد من قلقنا." ومضت الوزيرة تقول "لا نعتقد بتاتا أن روسيا وأمريكا يشكلان خطرا على بعضهما، لكننا نعتقد أن بعض الدول الأخرى تشكل تهديدا لموسكو وواشنطن.. ونظام درع صاروخية مشترك سيساعد الدولتين لصد أي هجمة نووية."
وهذه التصريحات توضح بأن سبب زيارة هيلاري الى موسكو هو اقناعها بالموافقة على مجموعة العقوبات الجديدة اللتي ستقوم الولايات المتحدة والمجموعة الأوربية بمحاولة تمريرها في مجلس الأمن ضد أيران , وذلك كثمن لألغاء نشر الدرع الصاروخي في بولندا والتشيك .
ألا أن تصريحات رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين " الحاكم الفعلي لروسيا اليوم كما وصفته يدعوت أحرانوت الصهيونية " , تؤكد ما قلناه عن الأولويات الأمنية الروسية المختلفة تماما عن الأولويات الغربية .
فلقد صرح بوتين " اللذي فضل الذهاب الى شرق روسيا والصين على مقابلة كلنتون " اليوم في اجتماعه في بكين مع الصحفيين الروس بأن "علينا أن لانخيف أيران في الوقت الحاضر" . وقال " ان الحديث عن العقوبات تجاه ايران سابق لاوانه . وأنه ان لم تجر المفاوضات مع ايران حول برنامجها النووي ، او ان فشلت فيمكن بعد ذلك التفكير في الخطوات القادمة . ولكن اذا تم اعلان العقوبات في الوقت الحالي فلن تهيأ الظروف المواتية المطلوبة لتحقيق النتيجة الايجابية " . تصريحات أغضبت الصهاينة على ما يبدو . مما حدى بصحيفة يدعوت احرانوت على وصفه بالرئيس اللذي اصبح رئيسا للوزراء بطريقة مذلة , رغم أعترافها بأنه الحاكم الفعلي لروسيا .
أذا فأن صفقة التنازل الأمريكي الأطلسي عن نشر الدرع الصاروخي في وسط أوربا مقابل موافقة روسيا على فرض عقوبات جديدة على أيران قد فشلت حتى الآن . لا بل أنها قوبلت بأعلانها عن خطط روسية لضربات نووية أستباقية أعدتها لتكون عقيدة عسكرية جديدة لجيشها كردع للأطلسي اللذي (( يكثف نشاطه العسكري وتتدرب قواته على استخدام السلاح النووي ويستمر في قبول أعضاء جدد )) كما يقول مستشار الأمن الروسي . مما يعني أن على الغرب تقديم المزيد والمزيد من الجزر لأقناع الروس على التخلي عن أيران . أو الأكتفاء بأتخاذ أجرائات عقابية ضد أيران خارج المنظومة الأممية . فأحتمال الفيتو الروسي كبيرا جدا "وربما أكيدا" أذا ما حاولت الولايات المتحدة جعل العقوبات ضد أيران أممية في الوقت الحالي.
http://arabic.cnn.com/2009/world/10/14/russia.nuclear_attack/index.html
http://www.ruvr.ru/main.php?lng=arb&q=5006&cid=82&p=14.10.2009
http://www.ynetnews.com/articles/0,7340,L-3790141,00.html
التعليقات (0)