مواضيع اليوم

عليسة بقرطاج واليهود بفلسطين

سامي بلحاج

2010-12-15 09:23:17

0

غادرت عليسة مدينة صور الفينيقية (لبنان ) حاليا وأبحرت مع اوفيائها بعد أن أخذت كنوزها معها باتجاه المجهول طلبا للامان خوفا من غدر أخيها واستقرت بساحل شمال إفريقيا ،اتصلت بالحاكم البربري لمنحها أرضا تقيم عليها مدينتها الحلم غيران الملك بدافع الوطنية رفض تمكينها من مرادها واكتفى بمنحها قطعة ارض تساوي مساحتها مساحة جلد ثور وقبلت عليسة العرض والكل مندهش من موقفها ولكنها بمجرد حصولها على الموافقة قامت بقص جلد الثور إلى أشرطة دقيقة طويلة أحاطت بها الهضبة التي تعرف اليوم بتونس بهضبة " بيرصا " والتي تعني بلغة السكان الأصليين "جلد ثور " وانطلقت بذلك بداية الحضارة والتطور القائم على الملاحة والتجارة بين شرق وغرب المتوسط وطمعا في ضم النجاح الفينيقي إلى ملكه قرر ملك البربر الزواج من عليسة ووفاء من هذه الأخيرة لزوجها وحتى لا تُغضب ملك البربر وتضمن عدم نكثه لوعده مع شعبها الذي رافقها وشيد معها مدينة قرطاج انتحرت الملكة عليسة وفاء لزوجها ولشعبها .
هكذا بنيت حضارة كبيرة وعظيمة انطلاقا من جلد ثور ودون سفك للدماء بل حضارة مسالمة وبناءة وفي المقابل نجد وجه الشبه في الأسطورة وفي الواقعة وفي الحدث ولكن بشكل مأساوي ودموي وغادر، في سنة 1840 يرسل بالمرستون إلى سفير بريطانيا في تركيا بخصوص توطين اليهود في فلسطين في محاولة لإغراء الباب العالي بان تجميع اليهود في ارض واحدة سيجلب لتلك المنطقة الثراء الفاحش ذلك على حد زعمه أن اليهود أثرياء ولهم كنوز العالم محاولة فاشلة تلتها محاولات عديدة ومراوغات كبيرة من ملوك وحكام الغرب لتوطين اليهود وتولت بريطانيا في النهاية تسليم ارض محتلة إلى مواطنين من غير أصيلي المنطقة وهم اليهود وسلمتهم قطعة ارض ليقيموا عليها دويلتهم الصغيرة حسب زعم بريطانيا في ذلك الوقت ،لم يكن جلد ثور ذلك الذي ابتاعته بريطانيا من فلسطين لقد انتزعته من أصحابه وهو جلد بشر ،جلد آدميين سلخت جلود أصحاب الأرض وسلمته هدية لليهود لم يفكروا حينها في إقامة دولة بل فكروا في تدمير دولة العرب ،النية كانت واضحة من الأول حيث لا حدود ،اعتمدوا نفس أسلوب عليسة في الحيازة ولكن بطريقتهم الوحشية ،عليسة كانت وطنية ووفية واليهود بدا عليهم الغدر من أول يوم حلوا به بالأرض الطيبة ،على مدى سنين وهم يقتلون ويتوسعون باسم جلد الإنسان الفلسطيني وصل بهم الأمر إلى ابتلاع كامل الأراضي وضم كل معالم الحياة للهوية الفلسطينية العربية الإسلامية والمسيحية وغيرها ،إنها الدولة الوحيدة في العالم التي لا يعرف لها حدود وهي بذلك تعمد إلى التوسع بشكل حلزوني لتضم ما استطاعت من الأراضي المجاورة ولا علم لها بمفهوم القانون الدولي في عهد عليسة كانت الأرض مباحة لكل سكان الكرة الأرضية فلم تكن هناك مفاهيم الحقوق والحدود في آخر اجتماع لنتنياهو مع رؤساء المستوطنات الإسرائيلية طلب منهم تعمير هذه المستوطنات واستدعاء اليهود من كل بقاع العالم ليعيشوا بإسرائيل حتى يتيه الفلسطينيون وسط الحشود الإسرائيلية وهي عملية تشفي في العرب لما أصاب اليهود سابقا من الدول الغربية عبر التاريخ حين كانوا تائهين ممنوعين من الحياة الطبيعية لم يكن العرب من ضيّق عليهم الحصار فلماذا التشفي في غير موضعه أم أنها رسالة إلى الغرب بان اليوم آت والبداية بالعرب وعندما تقوى الشوكة الصهيونية ستدور الدائرة على أوروبا وأمريكا من قبل اليهود هذا متأكد لان ليس للصهاينة من صديق سوى عقيدتهم المتشعبة .ملكت عليسة قرطاج وأحكمت قيادتها وبنت حضارة لم يبق منها سوى الأعمدة شاهدة على تاريخها وعلى ماضيها بقيت حديث كذلك بالنسبة لإسرائيل ربما يسود حكم اليهود ولكنها حضارة ستزول وإذا كان في السابق زوال الأمم يتطلب قرون أما اليوم فان زوال الأمم رهين القنابل والتطور العسكري والأوبئة والأمراض المتفشية أي أنها سريعة أسرع مما يتصوره عقل الإنسان وهذا إيذان بان حضارة اليهود لن تعمر .بينما كنت بصدد كتابة هذا المقال أعلن راديو إسرائيل أن اليهود يحتفلون بتدشين كنيس الخراب في القدس سعيا منهم لتعميم مراكز العبادة وهو كذلك إعلان الخراب والخراب لن يكون للأرض الفلسطينية لأنها خاربة من وقت مضى بل الخراب سيكون للقائم على الحضارة الجديدة .إن أفضل الدروس والعبر نأخذها من التاريخ فهو أفضل معتمد للبشر لمن يفقه لغة الإنسان والحكم ، اختلط النسل أيام الملكة عليسة وتاهت الهوية الفينيقة وغابت وهذا ما ينتظر اليهود إذا واصلوا سياستهم الغامضة والتي لا يعرف لها قرار ولكن التنبؤ بزوال حضارة اليهود ليس معناه الاستسلام من قبل أصحاب الأرض بل العمل على دحر هذه الحضارة بكل الأشكال من المقاومة إلى الضغط النفسي الثقافي إلى بث الرعب في نفوسهم هذه هي العناصر التي ستسرع في زوال مملكة اليهود كما زالت مملكة عليسة وستبقى الشواهد تدين الغرب الذي لم يكن صادقا يوما مع العرب والمسلمين سيذكر التاريخ صنيع كل حاكم وكل مواطن وكل مفكر وفيلسوف بما ساهم ومن دمر ومن شيد .
Belhaj.samy@gmail.com

الهاتف 802 348 97 16 مارس 2009 سامــي بلحــاج
 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !